كيف تزيد خلايا دماغك وتصبح أكثر ذكاء؟

كان يُعتقد في الماضي أن الدماغ لا يستطيع تكوين خلايا جديدة، وأن الخلايا العصبية التي وُلدت بها هي كل ما لديك، ومع تقدم العمر أو الإصابة، كان السائد أن فقدان هذه الخلايا أمرٌ نهائي.

لكن البحوث العلمية الحديثة تكشف عن أن الدماغ لديه القدرة على إنتاج خلايا عصبية جديدة، حتى في مراحل متأخرة من الحياة، بواسطة عملية تسمى تكوين الخلايا العصبية.

فهم كيفية تعزيز هذه العملية قد يكون المفتاح لتحسين فقدان الذاكرة المرتبط بالعمر، بل وقد يساعد في الوقاية من الأمراض التنكسية مثل الخرف ومرض ألزهايمر؛ لذا فإن دعم صحة دماغك عبر التغذية السليمة، التمارين، والتحفيز العقلي قد يسهم في الحفاظ على وظائفه طوال الحياة.

فأحيانًا يشعر مبتورو الأطراف بإحساس فيما يُعرف بالأطراف الوهمية، فيشعرون بالألم أو الحكة أو غيرها من الأحاسيس في أطراف لم تعد موجودة. عالم الأعصاب فيلايانور إس. راماشاندران عمل مع مرضى يعانون هذه الظاهرة، مثل توم الذي فقد إحدى ذراعيه. اكتشف راماشاندران أن عندما يُلمس وجه توم، يشعر توم كأن أصابعه المفقودة تُلمس أيضًا. يتم تمثيل كل جزء من الجسم في منطقة معينة من القشرة الحسية الجسدية، والجدير بالذكر أن المنطقة التي تمثل اليد تقع بجوار منطقة الوجه، ومن هنا استنتج راماشاندران أن تغييرًا حدث في قشرة توم الحسية.

استنتج راماشاندران أن غياب المدخلات من اليد المفقودة أدى إلى أن منطقة الوجه في الدماغ استحوذت على مساحة معالجة اليد؛ لذلك عند لمس وجه توم، ينتج إحساس في أصابعه غير الموجودة. هذا التغيير يُعد مثالًا على المرونة العصبية، وهي قدرة الدماغ البالغ على إعادة تشكيل نفسه.

اكتشف العلماء أن أدمغة البالغين تتمتع بمرونة أكبر مما كان يُعتقد سابقًا، فيمكن للسلوك والبيئة أن يؤثرا في إعادة تنظيم وظائف الدماغ. يعتقد الباحثون أن أنماط التفكير قد تكون كافية لإعادة تشكيل الدماغ.

تكوين الخلايا العصبية الجديدة يُعد سمة طبيعية في دماغ البالغين، وأظهرت البحوث أن الحُصين الذي يؤدي دورًا مهمًا في التعلم والذاكرة طويلة الأمد، هو إحدى المناطق النشطة في هذا المجال. كذلك، تتكون خلايا عصبية جديدة في البصلة الشمية المسؤولة عن معالجة الروائح. ومع ذلك، فإن معظم هذه الخلايا العصبية الجديدة لا تعيش طويلاً؛ إذ تحتاج للبقاء إلى مغذيات واتصالات مع خلايا عصبية قائمة، التمارين الذهنية والبدنية قد تعزز بقاء هذه الخلايا العصبية الجديدة.

اقرأ أيضًا: بعض الحقائق عن الدّماغ البشريّ

حقائق عن الدماغ

يحتوي الدماغ المتوسط على نحو 100 مليار خلية عصبية، ومعظمها تكونت قبل الولادة خلال الطفولة المبكرة، تستمر عملية تكوين خلايا دماغية جديدة بوتيرة سريعة. ومع تقدم العمر، يتراجع هذا التكوين تدريجيًا، لكنه لا يتوقف تمامًا.

الحُصين، وهو منطقة صغيرة على شكل فرس البحر تقع في كل نصف من الدماغ، يؤدي دورًا مهمًا في التعلم وتخزين الذكريات. يقول الدكتور تانزي: "بينما توجد مناطق أخرى في الدماغ تنتج خلايا عصبية جديدة، يبدو أن الحُصين هو الأكثر نشاطًا في هذا الصدد".

أظهرت البحوث أن الحُصين يمكنه إنتاج ما بين 700 إلى 1500 خلية عصبية جديدة يوميًا. قد لا يبدو هذا الرقم كبيرًا بالنظر إلى العدد الإجمالي للخلايا العصبية، لكنه مهم لأنه يعزز من صحة الخلايا العصبية الحالية.

وفقًا للدكتور تانزي: "إذا تمكنا من زيادة عدد الخلايا العصبية الجديدة المنتجة، فقد نتمكن من تعزيز وظيفة الحُصين وتحسين قدرات التعلم والذاكرة، سواء كانت قصيرة أو طويلة المدى".

اقرأ أيضًا: كيف يمسح الدماغ الذكريات؟

كيف تزيد خلايا دماغك وتصبح أكثر ذكاء؟

الطريقة الأولى: التمرين

التمرين هو أحد الوسائل الفعّالة لتعزيز صحة الدماغ، وأظهرت الدراسات على الفئران أن الركض على عجلات يزيد من عدد الخلايا العصبية في الحُصين (الجزء المسؤول عن الذاكرة في الدماغ)، ما يُحسن أداءها في اختبارات التعلم والذاكرة. فالتمارين الرياضة تُحسن الوظائف التنفيذية للدماغ مثل التخطيط والتنظيم وتعدد المهام.

إلى جانب ذلك، التمرين معروف بتأثيره الإيجابي على الحالة المزاجية، ويساعد في تقليل خطر الإصابة بالخرف مع التقدم في العمر. حتى إذا كنت قد قضيت حياتك بعيدًا عن النشاط البدني، لم يفت الأوان بعد للبدء. كبار السن الذين يبدأون ممارسة الرياضة في سنواتهم المتقدمة يُظهرون تحسنًا كبيرًا في القدرات العقلية، وخاصة في وظائف الدماغ التنفيذية. 

توحد آليات عدة قد تفسر التأثير الإيجابي للتمارين على صحة الدماغ، فالتمارين الرياضية تعزز تدفق الدم إلى الدماغ، ما يساعد على توصيل الأكسجين والمغذيات إلى الخلايا العصبية التي تعمل بجد. وأظهرت البحوث أن التمارين ترفع مستويات مادة تُسمى عامل التغذية العصبية المشتق من الدماغ، وهو مركب يشجع نمو الخلايا العصبية ويعزز تواصلها وبقائها.

مدة التمارين

اقترح الدكتور تانزي أن تستهدف 120 إلى 150 دقيقة من التمارين متوسطة الشدة أسبوعيًّا. ويضيف: "أي نشاط يرفع معدل ضربات القلب، مثل استخدام جهاز المشي، ركوب الدراجات، أو المشي السريع، هو أمر مثالي. إذا كان النشاط ينشط جسمك، فهو أيضًا مفيد لدماغك".

بالطبع، مع هذه الفوائد العظيمة للتمارين، فلا تفسر سبب وجود بعض الرياضيين الذين لا يظهرون أداءً ذهنيًا متميزًا.

ومع ذلك، توجد بحوث حديثة تشير إلى أن إضافة الموسيقى إلى التمارين قد يحسن من أدائك كثيرًا. في تجربة، أكمل المتطوعون جلستين للتمرين: واحدة في صمت، وأخرى مع الاستماع إلى موسيقى "الفصول الأربعة" لفيفالدي. بعد كل جلسة، قيم المشاركون مزاجهم وقدراتهم اللفظية. كانت التمارين وحدها كافية لتعزيز كليهما، لكن الاستماع إلى الموسيقى ضاعف التحسن في المهارات اللفظية؛ لذا، قد يمكنك تبرير شراء جهاز موسيقى جديد لتحسين تجربتك الرياضية.

إضافة إلى ذلك، تشير دراسات عدة إلى أن التمارين تساعد أيضًا في تحسين جودة النوم وتعزيز جهاز المناعة. فهل هناك شيء لا تستطيع التمارين فعله؟

والخبر السار هو أنك لا تحتاج إلى أن تكون رياضيًا محترفًا لتستفيد من هذه الفوائد. حتى المشي مدة 20 دقيقة يوميًا يمكن أن يكون كافيًا لتحسين صحة دماغك، خاصة مع التقدم في العمر.

اقرأ أيضًا: التعلم القائم على الدماغ

الطريقة الثانية: النظام الغذائي

 العقل مثل الجسم، يحتاج إلى الوقود المناسب ليعمل بكفاءة. فما الأطعمة التي يمكن أن تعزز صحة دماغك، وما تلك التي قد تؤدي إلى تدهورها؟ الدهون المشبعة التي تُعرف بضررها للجسم، ليست مفيدة أيضًا للدماغ.

وأظهرت الدراسات أن الفئران التي تناولت وجبات غنية بالدهون المشبعة أظهرت تراجعًا في اختبارات التعلم والذاكرة. كذلك نحن البشر فإن النظام الغذائي الغني بالدهون المشبعة يرتبط بزيادة خطر الإصابة بالخرف.

ومع ذلك، ليست كل الدهون ضارة، يتكون الدماغ في معظمه من الدهون، فتحتاج أغشية الخلايا وأغطية الميالين إلى الأحماض الدهنية؛ لذلك، من الضروري تناول دهون صحية، خاصة أحماض أوميجا 3 التي توجد في الأسماك، المكسرات، والبذور. انخفاض مستويات أحماض أوميجا 3 قد يرتبط بمشكلات مثل ألزهايمر والاكتئاب والفصام.

الخضراوات والفواكه تُعد من أقوى الأطعمة التي تدعم صحة الدماغ. فهي غنية بمضادات الأكسدة التي تحمي الخلايا العصبية من الضرر. الأنظمة الغذائية الغنية بمضادات الأكسدة أثبتت أنها تحافظ على ذاكرة الفئران المسنة وتجعلها أكثر حدة، وتقلل من الأضرار التي قد تسببها السكتات الدماغية، وهذا أمر يجدر التفكير فيه.

ليس فقط نوع الطعام هو ما يؤثر على الدماغ، بل أيضًا الكمية. أظهرت الدراسات أن الحيوانات التي تتبع نظامًا غذائيًا منخفض السعرات الحرارية، بنسبة تتراوح بين 25 إلى 50% أقل من المعتاد، تعيش مدة أطول وتتمتع بوظائف دماغية أفضل، ثم إن تلك الحيوانات كانت أكثر مقاومة للأمراض العصبية مثل ألزهايمر وباركنسون وهنتنغتون.

نصائح غذائية

  • بعض من أفضل الأطعمة التي تعزز صحة الدماغ تشمل: الجوز، التوت الأزرق، والسبانخ.

  • من المهم أن يحصل الأطفال على كمية كافية من الدهون، لأن هذه الدهون تساعدهم في تكوين طبقة الميالين التي تسهم في نقل الإشارات العصبية. حليب الأم يحتوي على 50% من الدهون، ما يجعله مصدرًا ممتازًا للأطفال.

  • الأشخاص الذين يتبعون أنظمة غذائية غنية بأحماض أوميجا 3 عادة ما يكون لديهم معدلات أقل من اضطرابات الجهاز العصبي المركزي.

اقرأ أيضًا: 32 حقيقة عن الدماغ

الطريقة الثالثة: ألعاب الفيديو

ألعاب الفيديو قد تكون أكثر من مجرد تسلية؛ فهي قد تنقذ حياتك! فقد أظهرت البحوث أن الجراحين الذين يمارسون ألعاب الفيديو لبضع ساعات أسبوعيًا يرتكبون أخطاء أقل بنسبة الثلث في غرفة العمليات مقارنةً بزملائهم الذين لا يلعبون. هذا لأن ألعاب الفيديو تُعزز البراعة العقلية، التنسيق بين اليد والعين، إدراك العمق، والتعرف على الأنماط.

إضافة إلى ذلك، يتمتع اللاعبون بقدرة أعلى على التركيز ومعالجة المعلومات مقارنة بالأشخاص العاديين، وعند تكليف غير اللاعبين بتجربة ألعاب الفيديو مدة أسبوع؛ تتحسن مهاراتهم في الإدراك البصري تحسنًا ملحوظًا.

وربما عليك إعادة النظر في الصورة النمطية للاعبين. فقد أظهرت إحدى الدراسات أن المهنيين ذوي الياقات البيضاء الذين يلعبون ألعاب الفيديو يتمتعون بثقة أكبر في النفس ويتفاعلون اجتماعيًا تفاعلًا أفضل.

بطبيعة الحال، لا يمكن الحديث عن تأثيرات ألعاب الفيديو دون التطرق إلى الجدل عن ارتباطها بالعنف. فأظهرت دراسات عدة أن الشباب الذين يلعبون ألعابًا عنيفة قد يصبحون أقل حساسية للمشاهد العنيفة. وقد أظهرت دراسة أخرى أن أدمغة هؤلاء اللاعبين تظهر أنماطًا من النشاط تتسق مع العدوانية في أثناء لعب ألعاب إطلاق النار.

ومع ذلك، هذا لا يعني بالضرورة أن هؤلاء اللاعبين سيتصرفون بعنف في الحياة الواقعية. في حين الروابط بين ألعاب الفيديو والعنف تستحق الاستكشاف، ولم تُثبت البيانات حتى الآن أن انتشار ألعاب الفيديو هو سبب رئيس في زيادة العنف بين الشباب.

فيما يتعلق بالاختلافات بين الجنسين، كشفت دراسة جديدة عن أن ألعاب الفيديو تنشط دوائر المكافأة في الدماغ، وخاصة لدى الرجال. في حين أظهر كلا الجنسين أداءً جيدًا، أظهرت أدمغة الرجال نشاطًا أكبر في الجهاز الحوفي المرتبط بالمكافأة. كما كان لديهم اتصال أقوى بين الهياكل الدماغية المسؤولة عن تلك الدوائر، ما أدى إلى أداء أفضل في اللعبة. لم يُلاحظ التأثير نفسه لدى النساء، ويُعد الرجال أكثر عرضة للشعور بالإدمان على الألعاب.

أظهرت دراسة نُشرت في مجلة علم الأعصاب عام 2015  بجامعة كاليفورنيا أن لعب ألعاب الفيديو ثلاثية الأبعاد يمكن أن يحسن أداء الذاكرة بنسبة تصل إلى 12% أكثر من الألعاب ثنائية الأبعاد. ويُعزى هذا التحسن إلى التعقيد المتزايد في الألعاب ثلاثية الأبعاد التي تتطلب من اللاعبين تخزين واستدعاء معلومات أكثر مقارنة بالألعاب ثنائية الأبعاد.

نصائح مثيرة

  • صناعة ألعاب الفيديو في الولايات المتحدة وحدها تبلغ قيمتها 10 مليارات دولار.

  • في عام 2003، أطلق شاب يبلغ من العمر 16 عامًا النار على ضابطي شرطة ومرسل شرطة وقتلهم. بعد عامين، رفعت عائلات الضحايا دعوى قضائية ضد الشركة التي أنتجت لعبة الفيديو، مدعية أن الجاني استلهم فكرته من اللعبة المثيرة للجدل.

الطريقة الرابعة: الموسيقى

عند الاستماع إلى موسيقى يحلل دماغك النغمات، فالقشرة السمعية تعالج مجموعة واسعة من المكونات الموسيقية مثل مستوى الصوت، النغمة، الإيقاع، واللحن. ولكن، لا يتوقف تأثير الموسيقى عند ذلك، الموسيقى أيضًا تنشط مراكز المكافأة في الدماغ وتقلل من نشاط اللوزة الدماغية التي ترتبط بالمشاعر السلبية مثل الخوف، ما يجعلها أداة قوية لتهدئة العقل.

ربما سمعت من قبل عن "تأثير موزارت"، وهو الاعتقاد بأن الاستماع إلى موسيقى موزارت قد يعزز من القدرات الإدراكية، مع انتشار هذه الفكرة؛ فقد فقدت كثير من مصداقيتها مع الوقت، وتبين أن أي تحسينات معرفية ناتجة عن الموسيقى تكون ضئيلة ومؤقتة.

ومع ذلك، لا تزال الموسيقى تملك قوى مذهلة. فقد ثبت أنها تقلل القلق، تساعد في علاج الأرق، تخفض ضغط الدم، وتهدئ المرضى الذين يعانون الخرف، بل حتى تساعد الأطفال الخدج على اكتساب الوزن والخروج من المستشفى سريعًا.

أما وفقًا لتعلم الموسيقى، فإن ذلك يعزز من قدرات الدماغ تعزيزًا ملحوظًا، وتظهر البحوث أن أجزاءً معينة من الدماغ، مثل القشرة الحركية والمخيخ والجسم الثفني (الذي يربط نصفي الدماغ)، تكون أكبر لدى الموسيقيين. فالموسيقيون الذين يعزفون على الآلات الوترية، على سبيل المثال، لديهم مساحة أكبر في القشرة الحسية المخصصة لأصابعهم. وعلى الرغم من عدم الاتفاق على أن تعلم الموسيقى يجعلك أكثر ذكاءً، فإن دروس الموسيقى قد أثبتت فعلًا أنها تحسن المهارات المكانية لدى الأطفال الصغار.

فيما يتعلق بتأثير الموسيقى في الطفولة، كشفت بعض البحوث أن التعرض للموسيقى يزيد من حساسية جذع الدماغ لأصوات الكلام البشري. هذا يعني أن التدريب الموسيقي يعزز القدرة على التمييز السمعي حتى للأطفال الذين لا يظهرون موهبة موسيقية معينة.

نصائح مفيدة

  • حتى إذا كنت لا تستطيع عزف الموسيقى، تذكر أن مجرد غناء أغنية في رأسك يمكن أن ينشط القشرة السمعية، وتخيل مقطوعة موسيقية يمكن أن ينشط القشرة البصرية.

  • تشغيل الموسيقى الكلاسيكية الهادئة قد يزيد من إنتاج الحليب لدى الأبقار الحلوب؛ لذا حتى الحيوانات تستفيد من تأثير الموسيقى!

اقرأ أيضًا: أسرار مدهشة لا تعرفها عن الدماغ البشري وقوة التفكير

الطريقة الخامسة: التأمل

تخيل أنك تستطيع تحسين صحتك العقلية والجسدية بعادة بسيطة مثل التأمل. نعم، إذا كنت تمارس التأمل يوميًا، فقد يساعدك ذلك في تقليل زياراتك للطبيب. تشير بعض الدراسات العلمية إلى أن التأمل ليس فقط مفيدًا لعلاج اضطرابات القلق، بل يمكن أن يساعد في تخفيف الألم، تنظيم ضغط الدم، تحسين أعراض الربو، مكافحة الأرق، تحسين التحكم في مستويات السكر، حتى تعزيز الصحة النفسية بسبب علاج الاكتئاب. والأكثر من ذلك، أن الأشخاص الذين يمارسون التأمل بانتظام يشعرون بمزيد من الراحة والإبداع مقارنة بالآخرين.

ويستكشفون العلماء الآن كيف يؤثر التأمل على الدماغ باستخدام تقنيات تصوير المخ، ومع أنه تنشط خلايا الدماغ في فترات مختلفة عند الأشخاص العاديين، فإنها تنشط بشكل متزامن لدى المتأملين.

وقد أظهرت دراسات أن الأشخاص الذين يمارسون التأمل بانتظام يُظهرون نشاطًا أكبر في القشرة الجبهية اليسرى، وهي منطقة مرتبطة بالعواطف الإيجابية. إضافة إلى ذلك، هذا النشاط المرتفع في هذه المنطقة يعزز من أداء الجهاز المناعي.

التأمل أيضًا يعزز من سمك القشرة المخية، خصوصًا في المناطق المتعلقة بالانتباه والإحساس. وعلى الرغم من أن هذا النمو لا ينتج عن تكوين خلايا عصبية جديدة، فإنه ناتج عن تحسين الاتصال بين الخلايا العصبية، وزيادة عدد الخلايا الداعمة، وتعزيز الأوعية الدموية في الدماغ.

فوائد التأمل تمتد أيضًا إلى تحسين الانتباه والتركيز، وهو ما يظهر في أدائك للمهام المعرفية. في دراسة تدرب فيها المتطوعون على ممارسة تأمل فيباسانا، الذي يركز على تقليل عوامل التشتيت، أظهر المتطوعون قدرات محسّنة في تحديد الأرقام التي تومض لوقت وجيز على شاشة الكمبيوتر، مع استخدام أقل للطاقة العقلية.

معلومات ممتعة

  • الأشخاص الذين يشاركون في هذه الدراسات قد أمضوا أكثر من 10,000 ساعة في التأمل، أي ما يعادل أكثر من عام كامل من التأمل المتواصل.
  • في عام 2005، كان الدالاي لاما متحدثًا رئيسًا في المؤتمر السنوي لجمعية علوم الأعصاب، وهو أكبر تجمع للباحثين في مجال الدماغ في العالم.

الطريقة السادسة: احصل على قسط كافٍ من النوم

احرص على الحصول على قسط كافٍ من النوم لتحافظ على صحة دماغك. يؤدي النوم دورًا حيويًا في التخلص من البروتينات الضارة في الدماغ وتقوية الذكريات، ما يعزز قدرتك على التذكر ويحسن صحة الدماغ عمومًا.

حاول أن تنام مدة تتراوح بين سبع إلى ثماني ساعات متواصلة كل ليلة، فالنوم المستمر يعزز قدرة الدماغ على تجميع وتخزين الذكريات، فالنوم المتقطع لأوقات قصيرة، مثل ساعتين أو ثلاث ساعات، لا يمنح الدماغ الوقت الكافي لهذه العمليات المهمة. إذا كنت تعاني من انقطاع النفس أثناء النوم، فقد يكون ذلك سببًا في عدم حصولك على نوم متواصل، وهذا يؤثر في صحة دماغك. في هذه الحالة، من الأفضل التحدث إلى فريق الرعاية الصحية الخاص بك للحصول على المشورة والعلاج المناسب.

الطريقة السابعة: حافظ على نشاطك العقلي

حافظ على نشاط عقلك تمامًا كما تفعل مع عضلات جسمك، إذا لم تستخدم عقلك بانتظام، فقد يبدأ في فقدان حيويته. ويمكنك تعزيز صحة دماغك بواسطة أنشطة متنوعة مثل حل الكلمات المتقاطعة أو السودوكو، والقراءة، ولعب الورق، أو تجميع الأحجيات. فكر في هذه الأنشطة على أنها تدريبات متكاملة لعقلك، وكلما نوعت من تلك الأنشطة؛ زادت الفائدة.

لا تعتمد على برامج تدريب الدماغ المدفوعة التي قد لا تفي بوعودها، فهي غالبًا ما تركز على مهارات الحفظ التي لا تفيدك في الحياة اليومية. بدلًا من ذلك، يمكنك تمرين عقلك بطرق بسيطة مثل قراءة كتاب أو تحدي نفسك بألغاز محفزة. وأخيرًا، حاول تقليل مشاهدة التلفاز، فهو نشاط سلبي لا يحفز الدماغ بالقدر المطلوب.

في نهاية المطاف، تعزيز صحة دماغنا وتحسين ذكائنا ليس مجرد حلم بعيد المنال، بل هو هدف يمكن تحقيقه بفضل عادات حياتية مدروسة وفعالة. وبدمج النشاط البدني المنتظم، والتمتع بنظام غذائي متوازن، والاستمتاع بتجارب عقلية متنوعة مثل ألعاب الفيديو والموسيقى، والتأمل، يمكننا أن نضاعف خلايا دماغنا ونبقى على قمة ذكائنا.

التزامنا بالاستمرار في تحسين صحة دماغنا يعزز ليس فقط قدراتنا العقلية، بل جودة حياتنا عمومًا. فكل خطوة نأخذها نحو تحسين قدرتنا العقلية تسهم في تعزيز ذاكرتنا، ورفع مستوى انتباهنا، وتفتيح أفقنا الإبداعي؛ لذا، فلنستمر في الاستثمار في عقولنا، فهي أثمن ما نملك.

 

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة