يهتم الآباء والأمهات بكثير من الأمور المختلفة في أثناء تربيتهم أطفالهم، لأنهم يريدون أن ينشئوا جيلًا ناجحًا اجتماعيًّا ومتزنًا نفسيًّا.
فمن الوالدين من يكون أكثر اهتمامه أن يُربي طفلًا سويًّا نفسيًّا لا يُعاني أي مشكلات نفسية تؤثر فيه بالسلب مستقبلًا، عندما يندمج مع باقي أفراد المجتمع من الطبقات المختلفة.
ومنهم من يهتم أكثر بالمستوى الأكاديمي والتعليمي لطفله، ويريده دائمًا متميزًا وفي القمة، ومنهم من يرغب فقط بأن يكون طفله سعيدًا دائمًا وهادئ الطباع.
بالطبع هذه الأهداف قد يشترك فيها كل الآباء، ويسعون بكل مقدرتهم لتحقيق أفضل حياة لأطفالهم تشتمل على كل هذه المعاني.
ولكن قد ينصرف اهتمام الأبوين تلقائيًّا نحو بعض الأمور والأهداف السابقة دونًا عن غيرها، وهذا بالطبع قد يكون دون قصد من الأبوين، ولكن تختلف الثقافة الخاصة بكل بيئة وتفكير الأبوين المسيطر عليهما في تربية أبنائهم.
وفي هذا المقال سنناقش كيفية تربية الطفل على أن يكون قوي الشخصية، وكذلك كيفية تنمية ذكاء الطفل.
كيف أقوي شخصية ابني؟
أولًا تربية الطفل على أن يكون ذا شخصية قوية، تتطلب من الأبوين التركيز على أمور عدَّة في أثناء تربية طفلهم من بداية نشأته، وأهم ما يجب الاهتمام به بخصوص هذا الشأن تنمية ثقة الطفل في نفسه، وبالطبع التحكم في نوبات الغضب والعصبية من الأبوين، حتى لا يشعر الطفل بالسوء بشأن نفسه، وبذلك يكون ضعيف الشخصية.
وفي ما يلي سنوضح بعض الأمور التي يجب على الأبوين أخذها بعين الاعتبار، في أثناء رحلتهما في تربية طفلهما على أن يكون قوي الشخصية:
كن مستمعًا جيدًا
يجب على الأبوين بداية الإلمام بآداب الاستماع الجيد، إذ إن أول وأهم ما يجب أن يهتم به الأبوان لبناء شخصية قوية لأطفالهم، هو أن يستمعا له دائمًا، ويعيراه الاهتمام الكامل في أثناء حديثه، فمن شأن هذا الأمر أن يُشعر الطفل بأهميته، وبأن ما يقوله يلقى الاهتمام والتركيز والتقدير من أبويه.
ويجب أن يعلم الأبوان أنهما أهم شخصين في حياة أطفالهما، فأي فعل أو رد فعل منهما، يكون له تأثير كبير جدًّا في نفسية أبنائهما وطريقة نشأتهم في ما بعد.
الإشادة بالفعل الجيد
يجب على الآباء ألَّا يهملا أبدًا مختلف طرق التشجيع والإشادة بأي فعل جيد يقوم به الطفل، وهذا من أجل تعزيز ثقته بنفسه التي بالطبع تعمل على تقوية شخصيته في ما بعد.
فمن المهم جدًّا توجيه كلمات الشكر والتشجيع والثناء على أي فعل إيجابي يقوم به طفلك مهما كان بسيطًا، حتى يعلم أن له دورًا فعالًا في أسرته، وأن ما يفعله يحوز قدرًا من الاهتمام من أبويه دائمًا.
تعزيز الاعتمادية
ما يجب للآباء أيضًا هو محاولة توكيل بعض المهام البسيطة إلى أطفالهم حسب العمر الذي يسمح به ذلك، وعدم محاولة مساعدتهم في تنفيذ هذا النشاط أو هذه المهمة، وتركهم يتعاملون بصفة فردية وتلقائية، مع مراقبتهم فقط للاطمئنان، فهذا يُنمي روح المسؤولية والاعتماد على النفس في شخصية الطفل منذ الصغر، وبذلك سنجد شخص مسؤولًا عن أفعاله مسؤولية كاملة في ما بعد.
الابتعاد عن الأجهزة الإلكترونية
هذا الأمر من أخطر الأمور التي تواجهها كثير من البيوت في عصرنا الحالي، إذ يوجد كثير من التأثيرات السلبية في التعرض للشاشات والأجهزة الإلكترونية مثل التلفاز والهواتف الذكية، فيجب إلهاء الطفل بأنشطة حقيقية والتحاور معه، وإلزامه بأنشطة مسلية ونافعة بدلًا من تركه طوال الوقت أمام هذه الشاشات.
أيضًا هذه الشاشات تكون سببًا مباشرًا في إصابة الطفل بالتوحد، كما تؤثر في جهازه العصبي بدرجة كبيرة جدًّا، بسبب ما يتعرض له الطفل بواسطتها من ذبذبات ضارة له ولجهازه العصبي مدة طويلة، وضررها كبير جدًّا على الطفل؛ لأنه يتعلق بما يُعرض تعلقًا مرضيًّا، فلا نستطيع بعد ذلك التحكم في سلوك الطفل أو تصرفاته وردود أفعاله.
عدم العصبية والصراخ في وجه طفلك
يجب أن يتذكر الأبوان دائمًا أنهما بوابة الطفل للعالم الخارجي، وهما أول شخصين يوجهانه للأفعال الصحيحة والخاطئة، فلا يجب أبدًا توبيخ الطفل والصراخ في وجهه عند أي فعل خاطئ، لأنه بكل بساطة لا توجد لديه المعرفة أن ما قام به خطأ من الأساس، فواجبنا نحوهم هو التربية والتوجيه، حتى العقاب يكون بطرق تربوية تساعده على تقويم وتحسين سلوكه للأفضل وليس بغرض زعزعة ثقته بنفسه.
كيف تربي طفلًا ذكيًّا؟
اتباع أساليب وطرق تربوية من أجل إنشاء طفل ذكي لا يختلف كثيرًا عن تربية طفل يمتلك شخصية قوية، فالتربية ما هي إلا دائرة متكاملة، ونجد أن كل ما نقوم به من أجل تربية أطفالنا له أكثر من تأثير إيجابي في الطفل وتصرفاته بصفة عامة وتكوين شخصيته.
فإذا اتبع الآباء أسس وأساليب التربية السابق ذكرها، سيوفر هذا عليهم كثيرًا من الجهد لإنشاء طفل ذكي كذلك، ولكن تكملةً لهذا الهدف قد نزيد بعض الأمور والأساليب الأخرى البسيطة:
تنمية مهارة القراءة للطفل
من أهم وأجمل ما يمكن أن يقدمه الآباء لأطفالهم القراءة، فيجب على الأب والأم دائمًا قراءة القصص المختلفة الهادفة للأطفال من سن صغيرة، حتى ينمي ذلك لديهم الخيال والتفكير عمومًا، وتصور مشاهد وأشياء في عقولهم فقط بناءً على ما يُقرأ لهم.
ويجب بالطبع التنويع في ما يُقرأ للأطفال ما بين قصص خيالية وتاريخية وتعليمية، حتى نساعد الطفل على استخدام تفكيره وإطلاق العنان لخياله في كثير من المجالات طوال الوقت.
اللعب غير المشروط
من المعروف أن الأطفال بطبعهم فضوليون، ويرغبون في استكشاف كل شيء حولهم بوسائل مختلفة، وقد تلاحظ أن هذا يتم في أثناء اللعب، فتجد بعض التصرفات غير المحسوبة للطفل سواء بتفكيك لعبة على سبيل المثال، لمعرفة كيفية تشغيلها من الداخل، أو رُبما بعض الأشياء الأخرى كحفر التربة مثلًا، أو تخريب بعض الأشياء من حوله فقط رغبةً في اكتشاف هذه الأشياء.
من الممكن تجميع بعض الألعاب أو منح الطفل الحرية في بعض الأوقات لممارسة هذه الأمور بلا أي قيود، حتى يستطيع تنمية مهاراته الاستكشافية، وكذلك يتمكن من اكتشاف هوايته وشغفه في سن مبكرة.
فقد تجد أن طفلك يلون في كل مكان، فقد يكون شغفه هو رسم المناظر الطبيعية أو التلوين، فالواجب عليك في هذه اللحظة أن تبحث معه عن طريقة لتنمية هذه المهارة بطريقة صحيحة.
تمرينات للعقل وتنمية الذكاء
كما توجد تمرينات ورياضات لتقوية عضلات الجسم، يوجد أيضًا كثير من الوسائل الفعالة لتمرين العقل وتنمية ذكاء الطفل، فيُمكن للأب والأم اختيار بعض الألعاب التي تحفز الطفل على استخدام عقله وكثرة التفكير، وبالطبع تكون هذه الألعاب متناسبة مع مرحلته العمرية.
وكذلك يتشارك الأب والأم مع الطفل في هذه الألعاب لتدعيم روح المشاركة لديه، ويوجد فعلًا كثير من الألعاب المصممة خصيصًا من أجل هذه الأهداف.
نجد أيضًا كثيرًا من ألعاب الألغاز لتنمية المهارات العقلية على سبيل المثال، المناسبة للأطفال، وكل طفل حسب مرحلته العمرية، وكذلك بعض ألعاب التلوين والتشكيل، ومع ذلك لا يجب بالطبع إهمال جانب الألعاب الجماعية للطفل، حتى ننمي لديه روح المشاركة والتفاعل في المجتمع ومع أصدقائه باستمرار وبطريقة صحية.
التربية عمومًا مهمة ومسؤولية كبيرة جدًّا على الأبوين، ولكن ما دام الله حباك هذه النعمة العظيمة فبالتأكيد تستطيع بصفتك أبًا أو أمًّا تأدية هذه المهمة على أكمل وجه.
ونحن دائمًا في حالة تعلم مستمرة منذ بداية خلقنا حتى مماتنا، فكل ما يجب علينا بصفتنا آباء هو تثقيف أنفسنا وبذل أقصى ما نستطيعه من مجهودات، حتى نصل بأطفالنا لأفضل نسخة منهم قدر المُستطاع.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.