إذا كنتِ عزيزتي الأم حديثة العهد بالأمومة، فبالتأكيد ينتابك شعور بالقلق بين لحظة وأخرى عن مدى كفاءتك في تربية أطفالك، وهل حقًّا تقومين بواجبك نحوهم على أفضل وجه، أم يوجد تقصير فيما تقدمين لهم من اهتمام، سواء بمظهرهم أو صحتهم النفسية أو الجسدية؟ فالأم أكثر ما يشغلها هو هل فعلًا تؤدي دورها على نحو صحيح في تربية أبنائها أم لا.
يجب أن تعلم كل أم أنه لا يوجد أم مثالية بنسبة مطلقة، ولكن كل أم تتعلم كيفية التعامل مع أطفالها طوال طريق ورحلة تربيتها لهم، بدايةً من حملها للطفل عندما يكون عمره أيامًا معدودة.
ولا نستطيع أن نقول إنه يوجد نهاية لرحلة التربية هذه، فالأم دائمًا مصدر توجيه ونصح لأولادها طوال رحلة حياتهم وحياتها معهم، لذلك تتعلم الأم أيضًا أساليب التربية طوال هذه الرحلة حتى تستطيع القيام بواجبها بوصفها أمًّا ومربية على أكمل وجه.
قد يهمك أيضًا ما هي الطرق الصحيحة لتربية الأطفال؟
كيف أكون ناجحة في تربية أولادي؟
لا أستطيع أن أقول إنه توجد إجابة مطلقة لهذا السؤال، ولكن طالما أنكِ تجتهدين في تأدية واجبك ودورك فبالطبع ستكونين أمًّا ناجحة، حتى لو لاحظتِ بعض السلبيات في طريقة التربية التي تتبعينها.
ولكن الأهم من ذلك هو التقويم المستمر لما تقدمينه لأطفالك من قيم ومعانٍ مختلفة خلال رحلة التربية هذه، فجميعنا نتعلم باستمرار طوال حياتنا، ولا يوجد من هو على علم بكل شيء في كل وقت.
والإجابة المنطقية عن هذا التساؤل بأن نوضح لكِ عزيزتي الأم عدة نقاط أو أساليب يمكن أن تنتهجيها خلال رحلة تربية أطفالك. ولكن يجب عليكِ أيضًا البحث طوال رحلة التربية الخاصة بك لمعرفة مزيد من الأساليب الفعَّالة في تربية الأطفال على نحو صحيح ومُثمر.
قد يهمك أيضًا «إذا كبر ولدك خاويه».. 5 أشياء تجعلك الصديق الأقرب لطفلك
الهدوء واستخدام النقاش
ستبقى أولى وأهم النصائح دائمًا هي هدوؤك وعدم انفعالك أو عصبيتك المتكررة في أثناء توجيه بعض الأوامر، أو حتى عندما لا يمتثل للإصغاء إليكِ؛ لأنه ببساطة طفل، ولا يعرف تحديدًا ما يفعله أو آثاره، ولكنه يتعامل حسب سجيته وحسب.
فيجب عليكِ ألا تعطي الأمر أكبر من حجمه وعلى نحو مبالغ فيه، فقط تعاملي مع الوضع بهدوء، ومن المهم جدًّا استخدام النقاش مع طفلك في توجيه الأوامر له، وكذلك عندما يقوم بفعل خاطئ فأفضل تصرف هو أن تشرحي له عواقب فعله بكل هدوء.
قد يهمك أيضًا مراحل تربية الأطفال.. تعرف على البيئة الصالحة لتربية الطفل
الثناء على المجهود وعدم انتظار الكمال
من المهم جدًّا تشجيع الطفل عند قيامه بأي فعل إيجابي مهما كان صغيرًا من وجهة نظر الأبوين، فأي إنجاز بالنسبة للطفل هو ضخم جدًّا ويستحق الثناء والتشجيع، حتى وإن لم يكن هذا الإنجاز هو المطلوب أو لم يوافق ما يتوقعه الوالدان من الطفل.
فنحن يجب أن نشيد ونثني على المجهود المبذول، ومحاولات الطفل لفعل كل ما هو صحيح وإيجابي، وليس البحث عن الكمال والمثالية، فيجب أن يعي الآباء هذا الأمر جيدًا.
قد يهمك أيضًا خطوات بسيطة نحو التربية الإيجابية لطفلك
تخصيص وقت للطفل
في زحام الحياة والمسؤوليات والانشغال الدائم بمهامنا اليومية من عمل داخل وخارج المنزل قد يهمل كثير من الآباء تخصيص وقت خاص لأطفالهم فقط.
فيجب تكريس هذا الوقت فقط للطفل سواء للعب معه أو الحديث أو مشاركته أي نشاط يرغب به، ولكن يجب أن يتم فعل هذا الأمر يوميًّا من الأب والأم؛ حتى يشعر الطفل بالثقة في نفسه، وأنه محور اهتمام ورعاية من الأبوين دائمًا.
قد يهمك أيضًا ما الفرق بين التربية والرعاية للأبناء؟
الثواب والعقاب
ليس معنى أن تكون الأم والأب ناجحين في تربيتهما لأبنائهما ألا تتم معاقبة الأبناء عند قيامهم بأي فعل خاطئ أو مخالفة ما يطلبه الآباء منهم، بل توجد مقولة مهمة جدًّا هي "من أمن العقاب أساء الأدب" وهذه المقولة حقيقية جدًّا.
ولكن يجب اختيار نوع العقاب المناسب مع الطفل، وألا يكون هذا العقاب فيه أي إهانة لشخصية الطفل أو التعدي بالضرب أو التوبيخ على الطفل.
من المهم جدًّا كذلك أن يتبع الآباء مبدأ الثواب على حدٍّ سواء مع مبدأ العقاب، فعندما يقوم الطفل بأي تصرف إيجابي يجب على الأب والأم الإشادة بهذا الفعل، وكذلك إثابة الطفل عليه بطريقة مناسبة وعلى نحو يحبه الطفل، سواء أكان عن طريق السماح له بمزيد من الوقت لممارسة الألعاب التي يحبها، أو مشاهدة التلفاز، أو حتى الخروج بصحبة الوالدين أو أي شيء من شأنه إسعاد الطفل.
قد يهمك أيضًا العوامل الأسرية المؤثرة في تكوين شخصية الأبناء
علامات سوء التربية
على الرغم من سعي الآباء الدائم نحو التربية الإيجابية والصحيحة، لكن لا شك أن بعض الآباء قد يرتكبون بعض الأخطاء في أثناء تربية أطفالهم، وهذا الأمر في حد ذاته طبيعي جدًّا؛ لأنه لا يوجد أب وأم يعرفان كل أساليب التربية الصحيحة، ومثاليين في تربية أبنائهما طوال الوقت.
ولكن أكثر ما يهم بشأن هذا الأمر هو أن يتم تدارك الأخطاء التي يرتكبها الآباء، ومحاولة إصلاحها عن طريق ملاحظة سلوكيات الطفل. وعلامات سوء التربية التي سنذكرها فيما يلي:
التوتر المستمر والعصبية
يُعد التوتر والعصبية لدى الأطفال من أكثر العلامات التي تدل على سوء تربية الأبوين لأطفالهما، ويكون هذا الأثر نتيجة تلقائية لعصبية الأبوين أو صراخهما المستمر في وجه طفلهما، فيكتسب الطفل هذا السلوك تلقائيًّا من أبويه، ويستمر معه هذا السلوك إذا لم يتخذ الأبوان أي إجراء حول تقويمه وتعديله في أسرع وقت.
قد يهمك أيضًا كيفية تربية الابناء مع مراعاة الفروق الفردية
الكذب والخوف الدائم
عندما تلاحظ أن طفلك يستمر في الخوف دون داعٍ عندما يرتكب أي خطأ مهما كان بسيطًا وكذلك الكذب المستمر بخصوص أي شيء حتى وإن كان صغيرًا ولا يستدعي الكذب.
فحينها يجب على الأبوين أن يدركا أن الطفل يُعاني شعور الخوف المسيطر عليه، وأنه دائمًا يشعر بالتهديد بعدم التقبل، وأنه دائمًا على خطأ، فقد يكون هذا الشعور بسبب التوبيخ المستمر من الأبوين حتى على أتفه الأمور.
يلجأ الطفل في هذه الحالة للشعور بالخوف الدائم، وكذلك الكذب المستمر؛ حتى يقي نفسه من توبيخ الأبوين له وصراخهما المستمر في وجهه، فهذا السلوك هو سلوك دفاعي من وجهة نظر الطفل، يحاول به استحداث طريقة حتى يشعر بالأمان ويتقبله أبواه ولا يوبخاه باستمرار.
قد يهمك أيضًا ِتعرفي إلى أسس التربية السليمة لسعادة طفلك
الخجل والانطواء المستمر
قد يكون شعور الخجل والانطواء منطقيًّا في بعض الأحيان لدى الأطفال، ولكن من الطبيعي أن تختفي هذه الأمور تدريجيًّا حينما يندمج الطفل على نحو أكبر في حلقات مجتمعية تمتد لأفراد أكثر من أسرته الصغيرة التي تكون في الأساس متكونة من الأبوين، ورُبما الأجداد والإخوة كذلك، فحينما يستمر شعور الطفل بالخجل المُبالغ فيه وحب العزلة والانطواء فيجب هنا الانتباه لهذا الأمر.
قد يكون خطأ الأبوين في هذه المسألة أنهما لم يعوِّدا طفلهما على الاندماج مع الآخرين على نحو كافٍ.
وأيضًا قد يفتقد الطفل الثقة في نفسه وشعور الاعتمادية، فيكون رد الفعل التلقائي لهذه المشاعر هو الخجل والانطوائية؛ لإحساس الطفل بعدم قدرته على مواجهة أي شخص آخر خارج حدود عائلته؛ لأنه لا يعرف كيف يتعامل مع هؤلاء الأشخاص، ولا يعرف ردود أفعالهم على تصرفاته.
عالم التربية بحر كبير ليس له نهاية؛ لذلك يجب ألا ييأس الأبوان أبدًا من تطوير أساليبهما المختلفة للتربية باستمرار، فهذا الأمر طبيعي جدًّا.
ولكن يجب لكل أب وأم أن يتابعا سلوكيات أطفالهما على الدوام، والاهتمام دائمًا بملاحظة أي تغييرات في سلوكهم؛ حتى يتم تدارك أي تأثيرات سلبية في طريقة تربيتهم على الفور، ومحاولة تقويم أي سلوكيات سلبية يكتسبها الطفل.
يجب كذلك على الأبوين إدراك أن أهم ما يجب الاهتمام به لدى أطفالهما هو نفسيتهم، ومحاولة تنشئتهم تنشئة سوية، وأن التربية والاهتمام بالأطفال لا يقتصر فقط على توفير المسكن والملبس والمشرب لهم، فالأهم من ذلك أن نُخرج للمجتمع شخصًا متزنًا يستطيع أن يكون له دور فعَّال وإيجابي في محيطه في المستقبل.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.