كثيرًا ما يحدث لنا أمر غريب عجيب، إذ نحن جلوس وبعض الأشخاص معًا نتكلم في أمر ما، ثم نمتنع عن الكلام فجأة لمدة ثوانٍ قليلة، ثم ننطق معًا دون أي مقدمات الشيء نفسه والكلمة نفسها، وهذا معناه أن كلًّا منا كان يفكر في الشيء نفسه، وهذه الحالة تتكرر مع كثير من الأشخاص.
أمر آخر قد يحدث بين الأشخاص، فقد نجد شخصين يتصل كل واحد منهما بالآخر في اللحظة نفسها، فيجد كل واحد منهما الخط مشغولًا، ثم يكتشفان أنهما كانا يتصلان ببعضهما البعض في الوقت نفسه، وهما يريدان التحدث في الموضوع نفسه.
في هذا المقال سوف نتعرف إلى كيفية توارد الأفكار إلى عقولنا، وكيف تنشأ الفكرة؟ وكيف تصل إلى عقولنا؟ وهل من الممكن أن يجتمع شخصان على الفكرة نفسها أم لا؟
اقرأ أيضاً ..الإنسان والأفكار..
توارد الأفكار إلى عقولنا
يدور سؤال في عقول معظم الأشخاص؛ ما السر وراء اجتماع شخصين على الفكرة نفسها؟
كثير من المبدعين والمفكرين عندما تراود عقولهم فكرة جديدة فهم يكونون على يقين أن هذه الفكرة تراود عقول آخرين، وكثيرٌ من الملحنين عندما يخطر في بالهم لحن، فهم يعلمون يقينًا أنه في الوقت نفسه قد يكون اللحن خطر في بال آخرين غيرهم.
هذه الظاهرة فسرها بعض العلماء الذين بدؤوا يبحثون عن سر ما يحدث، ففسروها بأن هذه الظاهرة اسمها ظاهرة توارد الخواطر، حينها تبدأ الأسئلة حول هذه المنطقة التي تعدُّ السر في هذا التوارد؟ وما حقيقتها؟ وما مصدرها؟ وكيف نحس بها وندركها؟ وهل هي مجرد فكرة عفوية أم عشوائية لا يمكن أن تتكرر؟
نجد آخرين اعتقدوا أنها موهبة وقدر في بعض الأشخاص، وفي الحقيقة يوجد في عقل كل إنسان جانب مظلم خفي، فلا يعلم أي شخص عن أي شيء، ولا يمكن الوصول إليه إلا بالتأمل والبحث الدقيق، وكما قال الله تعالى في آياته: {وفي أنفسكم أفلا تبصرون}.
الآن في سطورنا الأولى سوف نتحدث عن الظاهرة الكهربية، وسوف نذكر لكم رأي العلماء في الكهربية البشرية لدى الإنسان بكل سهولة وبساطة..
اقرأ أيضاً أفكارك تتحكم فيك.. كيف تجذب إليك ما تريد عن طريق الأفكار؟
رأي العلماء في الكهربية البشرية
كثير منا يعلم أن جميع المخلوقات تتكون من ذرات مترابطة ببعضها بعضًا، وتحوي هذه الذرات داخلها كهربية مزدوجة الشحنة؛ أي ذرات موجبة وذرات سالبة، وإن جزيئات هذه الذرة في حالة دائبة تُنتج مغناطيسية مختلفة الشحنة، ويظهر أثرها في الإنسان والنبات والمعادن، فالمعادن حين تشحن بالموجات المغناطيسية مختلفة الشحنة يجد الإنسان تجاوبًا بينها.
وكأنها مربوطة ببعضها بعضًا بصورة لا يراها أحد، وحين تشحن بشحنات متشابهة تتباعد مدفوعة عن بعضها بقوة لم يقدر أحد على رؤيتها؛ لأنها قوة خفية تشير إلى وجود طاقة وقوة توجد داخل الأشياء، وترصد الأجهزة ما اسمه (المجال)، وهو خطوط خفية لا يمكن لأحد أن يراها.
وهي تظهر على هيئة أشكال مختلفة حسب نوعها ومصدرها، ويوجد داخلها ممرات تنتقل فيها الشحنات، فتبدأ بالتجاذب أو التنافر، ما يؤدي إلى نقل تيار من الشحنات خلالها لتغلق دائرة كهربية أو تتدافع من غير مواجهة تلك المجالات، فتتباعد الأجسام لتنطلق الشحنات داخل مجالها.
كذا هو الإنسان الذي يتكون من ذرات مختلفة، ويحتوي جسمه ملايين العمليات الكهربية التي تعد عمليات طبيعية في أي ذرة، إلا أنها في جسم الإنسان يكون مصدرها العقل الذي يستعمل الشحنات الكهربية بين خلايا المخ للتفكير، وفي خبايا الذاكرة ليربط بين المحسوسات التي يحسها الإنسان، وتصل إلى مخه من خلال الحواس، وبعض الإشارات التي تطلقها أعضاء الجسم لتتحرك أو تبقى في مكانها، وكثير من العمليات تؤدي إلى مجالات كهربية أو كهرومغناطيسية تتشابك أو تتباعد وتذهب بعيدًا عن جسم الإنسان.
وفي حين ترصد الأجهزة الحديثة المجالات الكهربية على شكل هالة ضوئية مخفية عن عيون البشر؛ لأن مجالاتها قصيرة جدًا، ثم بعد ذلك تندفع تلك الموجات التي تعد مجالات كهربية كثيرة كل منها تعبر عن جزء في الدماغ، فبعضها يعبر عن نشاط واستيعاب الذاكرة وأخرى تعبر عن الأفكار، وأخرى عن الأوامر التي يرسلها العقل، لذا يعبر كل مجال عن مصدره بقدر ما ينقل إلى الخارج طاقة، فكل عملية ينفذها العقل تخرج قدرًا معينًا من الطاقة ويكون ذلك باستمرار.
لكننا نترك سؤالًا مهمًا جدًا: ماذا كان سيحدث لو وجدنا من يستطيع أن يلتقط هذه المجالات ويفهمها ثم يترجمها لنا ويحل لغزها؟
ويراودنا سؤال آخر: لو تركنا الإنسان قليلًا وانتقلنا مؤقتًا إلى سؤال آخر مهم جدًا: كيف تتفاهم الحيوانات والطيور مع بعضها، وكيف يشعرون ببعضهم بعضًا ويدركون احتياجاتهم؟
مما لا شك فيه أن هذه المخلوقات تتعامل وتتفاهم مع بعضها بعضًا بصورة كاملة بينها، وتعبر عن احتياجتها وعن الاشياء التي ترغب فيها، لكن ما الطريقة التي تعبر بها؟
اقرأ أيضاً ضحايا الأفكار
لغة وأسلوب الإشارة
بحث العلماء وتوصلوا إلى أسلوب ولغه اسمها لغة وأسلوب الإشارة، فهم حاولوا أن يجدوا شرحًا وتفسيرًا لهذا الاتصال، لكن مع الحيوانات الأكثر مشابهة للإنسان مثل القرود، فالقرد يمتلك قدرات عقلية وتركيبًا لجسمه يجعلانه قادرًا على استخدام أسلوب الإشارة استخدامًا جيدًا، لكن ماذا تفعل الكائنات الأخرى التي ليس لديها القدرات العقلية والجسمانية نفسها مثل الأسماك والطيور؟
إن العلم الحديث توصل إلى أن الأسماك تخرج أصواتًا اسمها الموجات الصوتية المختلفة، من خلالها يكون السمك قادرًا على الاتصال مع بعضهم البعض، وهذه قدرة توجد أيضًا في الحشرات التي تتمتع بقرون الاستشعار، فهي تستخدمها بأسلوب يشبه التلفون المحمول الهوائي أو التلفزيون، ما يجعلنا نفهم أمرًا مهمًّا، وهو أنه يجب أن نكون على دراية ووعي بأن هذه الكائنات تتواصل مع بعضها بعضًا عن طريق الموجات الكهربية التي تخرج من الدماغ، وهذا يعود بنا إلى سؤالنا الأول.
يجب أن نعلم أن هذه الكائنات تستخدم مراكز في تكوينها الجسماني تتواصل به مع الإشارات التي تصدر من الكائنات التي تشبهها، ثم تترجمها وتحللها إلى كلمات ومعانٍ، وهذا الذي كنا نقصد إيصاله، فالإنسان ميزه الله عن سائر المخلوقات، فهو موهوب، أما بقية مخلوقات الله فإنها تمتلك قدرات ولو بصورة غير كاملة، فهي تستوعب وتفهم وتتلقى إشارات، وذلك عن طريق المخ ومراكزه.
وهذه القدرات كان الإنسان يمتلكها من قبل، وكان يستخدمها بكفاءة، إلا أنه لم يعد يستخدمها لدرجة أنه قد يكون جاهلًا بوجودها، ولذلك إذا عملت هذه المراكز بصورة تلقائية في أوقات معينة يتعجب الإنسان مما يحدث، ويمكن أن يحاول أن يجدد مبررًا لما يحدث بأي طريقة، وهذا ليس بغريب، فكثير من الأفكار التي تخطر على عقول البشر فجأة لا يتحدث عنها الإنسان أو يهتم بمصدرها، لتمر عليه وكأنه لم يحدث معه شيءٌ، ثم ينساها، وعندما يتعرض لموقف يتحدث فيه مع شخص آخر عن الفكرة نفسها يتعجب ويندهش؛ لأنه خطر في باله الفكرة نفسها التي وردت على عقله قبل ذلك، ولم يتحدث عنها.
وتزيد النظرية اقترابًا من الحياة الواقعية التي نعيش فيها عندما يكون التواصل مثلًا بين الأب وابنه أو بين توأمين متماثلين في الخلقة، لكن نجد عددًا من البشر على علم بهذه الموهبة؛ موهبة الاتصال، فأدركها في نفسه وحاول تنميتها، أما التخاطر وتوارد الأفكار فهما ظاهرتان مختلفتان تمامًا.
اقرأ أيضاً الأفكار
ظاهرة توارد الأفكار وظاهرة التخاطر
وقبل أن ندخل في شرح هذه الظاهرة نحب أن نعلم القراء، ونلفت نظرهم إلى أن ظاهرة توارد الأفكار تختلف تمامًا عن ظاهرة التخاطر.
وإن كانتا مبنيتين على الأساس نفسه، فتوارد الأفكار يحتاج طول الوقت إلى شخصين متفاهمين ومتجاوبين، في حين أن التخاطر يعتمد اعتمادًا كليًا على قدرات شخص واحد، فقد يكون التوازن بين عقلين لديهما نشاط وترابط واهتمامات مشتركة أو لهما فصيلة دم واحدة أو صلة قرابة، أو يكون للطرفين الهدف نفسه، ويكون التخاطر في عقل شخص لديه القدرة والموهبة، فيعتمد على تغذية العقول، ويرسل إليها رسالاته ويستقبل رسائل من آخرين من غير أن ينبئ أحدًا بما يدور داخل عقله إلا إن أحب ذلك.
وعليه فإن العقل الذي لديه قدرة على التخاطر يمكنه إرسال رسائله بالصورة التي يريدها، أو يمكنه أن يعرف ما يدور بعقل الشخص الذي أمامه.
في حين التوارد حالة فكرية وملموسة تتعلق بشيئين متشابهين، وينتج عنهما اتصال فكري في ظروف معينة.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.