كيف تتفادى انكسارات وهزائم الحياة؟

عزيزي القارئ الجميل، أعلم كم أنت تعاني في هذه الحياة، فالحياة ليست مزحة أو رحلة سهلة مفروشة بالورود، بل العكس صحيح تمامًا، فالحياة مملوءة بكثير من المعاناة، معاناة العيش في حد ذاته، وفي السعي وراء الرزق، ومعاناة الخذلان من الناس، خصوصًا الأقربين منهم، ومعاناة الأحلام الضائعة، ومعاناة الظلم والقهر، والانكسارات المتكررة.

ويوجد سؤال مهمٌّ لا بد من البحث له عن إجابة، لكي نستطيع أن نمضي في الحياة بأمان، ألا وهو: يا عزيزي، (كيف تتفادى انكسارات وهزائم الحياة؟)

ولكي نتمكن من الوصول إلى إجابة هذا السؤال، لا بد أن تعلم يا عزيزي وتكون على يقين بأن الحياة في حد ذاتها هي معركة، نعم، معركة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، معركةٌ حقيقية، وليست معركة سهلة، بل من أصعب المعارك على أي مصارع، أو مقاتل، أو محارب على مر التاريخ والأزمان، وخصمك فيها هو الحياة ذاتها، ومعها كل الأسلحة المتنوعة في القوة، والأسلوب، والتكتيك، القادرة على حصارك والفتك بك.

وأيضًا، يا عزيزي، هذه المعركة مثل المعارك القديمة، الرومانية واليونانية التي ليس فيها مهزوم، بل إما منتصر أو هالك، فلا مجال للاستسلام، أو الهروب منها للنجاة، إما أن تحارب وتستمر في القتال حتى تنتصر، وإما أن تهلك.

إذًا، يا صديقي العزيز، أصبحنا متفقين تمامًا على أنك سوف تحارب وتقاتل لا محالة حتى تنتصر، إلا إذا استطعت أن تهرب من الكرة الأرضية، من أرضها وسمائها، وترحل إلى كوكب آخر، حتى هذا الهروب، إذا سلمنا جدلًا بإمكانه، فهو في حد ذاته حربٌ أخرى، مع أنه صعبٌ جدًّا، إن لم يكن مستحيلًا.

إلى هنا، بدأت رحلة التدريب والتجهيز بالعُدَّة والعِتَاد اللازم لتجهيزك كمحارب قوي، قادر، ومسلح بالأسلحة اللازمة لخوض هذه الحرب الصعبة والانتصار فيها.

صفات المهزومين في معارك الحياة

عزيزي محارب الحياة، أولًا، وبادئ ذي بدء، عليك أن تودِّع الطيبة الزائدة عن اللزوم، أو بمعنى أصح، السذاجة، واستفد من عِبَر المهزومين في تلك الحرب، فكل المهزومين في تلك المعركة كان بهم صفاتٌ معينة، لا بد أن تعلمها، كي لا ترتكب نفس أخطائهم، وتُهزَم.

الصفة الأولى: السذاجة التي ألبسوها في عصرنا الحديث رداء الطيبة، فهي مدخلٌ تتسلل منه جنود الحياة الخبيثة إليك، فتُجهِز عليك دون أن تدرك.

الصفة الثانية: الجهل، والجهل هنا بأنواعه كلها، من الأمية إلى علوم التكنولوجيا الحديثة، والمقصود هنا أنك، في أي مجال تدخله، عليك دراسته جيدًا قبل الخوض فيه، انطلاقًا من المقولة المأثورة: "العلم نور"، وهو فعلًا نور، مثله مثل النظارات التي يرتديها الجندي، وتُسمَّى نظاراتٍ ليلية، تكشف غشاوة الليل وظلامه، ويستطيع معها الرؤية، كي لا يغتاله خصمه في جنح الظلام، فالجهل هو الليل الدامس، والعلم هو النظارة الليلية التي تكشف الظلام، وتجعلك ترى جيدًا خلاله.

الصفة الثالثة: الكِبر والغرور، فالكِبر والغرور هما قادة المعارك الخاسرة دومًا، لأنهما يخدعانك دائمًا، ويكذبان عليك بأن كل أمورك على ما يرام، وأنك أقوى وأفضل شخص في الدنيا، فتعتمد عليهما، وأنت لست جاهزًا أو مجهزًا للمعركة، فتخسر من أول جولة خسارةً فادحة.

أعتقد أننا حتى الآن متفقون، فعليك من الآن التخلص من تلك الصفات، وهيا بنا الآن لدخول المعسكر، ونبدأ التدريب في محاكاة لأرض المعركة والأسلحة.

من المهم أن تقتنع بأنك محاربٌ صلبٌ قوي

أولًا: من المهم أن تقتنع بأنك محاربٌ صلبٌ قوي، ليس من السهل عليك السقوط، وإن حدث وسقطت يومًا، فستنهض في أسرع وقت، وتُكمِل المعركة.

ثم إنه من المهم أن تدرب نفسك على أنك، في بعض الأحيان، من أجل الاستمرار، يلزمك أن تنحني قليلًا، أو بمعنى أصح، القدرة على التخفي بالزحف، والتسلل بهدوء، دون ظهور مباشر أو ضجيج.

دعني أُبسِّطها لك بلغة أهل زمان: "دارِ على شمعتك تقيد، وتطاطَ للريح العاتية حتى تمر العاصفة".

أو بمعنى أدق: الليونة والمرونة، وحسن تقدير المواقف، وكيفية التصرف السليم في كل موقف ومرحلة على حدة.

أسلحة تساعدك في مواجهة انكسارات الحياة

تسلح بكل الأسلحة المتاحة لديك، وتدرب عليها جيدًا، وهذه نماذج من بعض الأسلحة المهمة: 

1- سلاح الصمت

كيفية الاستخدام: عوِّد نفسك وتدرَّب على الصمت، لا تكن متسرعًا في الكلام، وخذ بالك أن هذا هو أقوى سلاح معك، وأسهل سلاح أيضًا.

سهل الاستخدام، وتمسَّك بهذه الحكمة: "طالما السمكة مغلقة فمها، لن يصطادها الصياد"، افترض أن كل من حولك مجموعة من الصيادين، وكل واحد منهم وضع طُعْمه في سنَّارته، وأن السمكة بمجرد ما تفتح فمها للطُّعْم، تشبك السنارة فيها، فتصبح وجبة لذيذة.

الصمت الكثير، أخطاء أقل، وتفكير أعمق.

2- سلاح التأقلم

لا بد أن تتدرَّب على كيفية الاندماج في البيئة التي تحيط بك، وكيفية التعايش معها، حتى لا يُقضى عليك.

الاندماج في البيئة، والزمان، والمكان، والقدرة، والمقدرة التي أنت عليها في حينها، حتى تستطيع أن تخرج منها بسلام وأمان إلى بيئة أفضل وأحسن.

3- سلاح الشك الصحي السليم

(وهو عكس الثقة المفرطة) وهو أن تجعل عينيك دومًا مفتوحتين، لا تثق بالوعود بسهولة، إلا عندما ترى ولو حتى نصف الحقيقة، غير ذلك لا تتقدم، أي بمعنى أن تتحسس خطاك، وأن تتأكد أولًا أن الأرض ثابتة تحت قدمك، وبعدها خذ الخطوة الثانية.

4- الطموح وتحديد الهدف

لا تجعل لطموحك سقفًا، ولكن اجعله على مراحل، وحدد في كل مرحلة هدفًا واضحًا لك، قريبًا نسبيًّا وليس بعيدًا لا تستطيع رؤيته، حتى تكون قادرًا على إصابته بدقة، وبعد إصابته بنجاح، تقدم لهدف جديد بنفس الاستراتيجية، وثق تمامًا أنك سوف تستمر في إصابة الأهداف بتلك الطريقة، وبنك أهدافك لن ينضب، بل سيزداد ويتنوع، وسيجعلك هذا دومًا مُقبلًا على الحياة، وليس مُدبرًا، وستستمر إلى ما لا نهاية في تحقيق أهدافك التي تطمح إليها.

5- الاعتماد على النفس

كن على يقين أنه لن يخوض معركتك غيرك، ولن يحك جلدك مثل ظفرك، لا تعتمد على أحد إلا نفسك، فهذا السلاح هو الحامي الأول والأخير لك من الغدر والخذلان، وكن أنت القائد الوحيد والأوحد في اتخاذ القرارات، حتى لا تتعرض للخيانة أو التخلي أو ترك الميدان من الآخرين.

أنت القادر على معرفة قيمة نفسك وتخوض معركتك

والسلاح الأخير يحتاج إلى تفصيل وتوضيح: الاعتماد على النفس هنا هو أن تعلم أن كل عزيز مفارق، وأن القلوب تتغير، والنفوس تتغير، وأن الحبيب قد يصبح في لحظة أعدى الأعداء، فمن المهم أن تعد نفسك في الحياة وحدك، وأن تتوقع البلاء قبل وقوعه، وأن تدرك أن الناس كلها قد تتخلى عنك في لحظة، فعدَّهم قد تخلوا عنك من هذه اللحظة، وليس معك إلا نفسك تعتمد عليها في المعركة.

(أنت ثم أنت) القادر على معرفة قيمة نفسك، وتخوض معركتك.

وفي النهاية، يا عزيزي، نصيحة: كن محاربًا نبيلًا وشريفًا، لا تظلم، لا تجر، لا تخن، كن شريفًا، ولا تقاتل إلا بشرف، لتنل أعلى المراتب، فمن خان سوف يُخان، ومن ظلم سوف يُظلم، فكن نبيلًا تظل عزيزًا، منتصرًا، كريمًا.

وإلى اللقاء في معركة أخرى، يا عزيزي المحارب النبيل.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

كلمات رائعة ومعبرة صديقي .. ولكن مواجهة هزائم هذه الحياة تحتاج أن نكون مع الله قولا وفعلا .. حتى نخرج متعافين قادرين على الاستمرار
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.