الإنسان كائن عاطفيٌّ، مهما ادّعى العقلانيّة، علينا ألا ننسى أنّ الإنسان يستخدم قدراته العقلية لخدمة تجربته في الحياة (مشاعره وانطباعاته) وجعلها إيجابيّة.
وهذا ما صنع حضارتنا الرائعة منذ اختراع المركبات الأولى والزراعة والكتابة ومخازن القمح، إلى الطائرات ومكّوك الفضاء وشركات النفط، والنقل والتكنولوجيا والطب، ومشاعرنا تعيقنا، أو تدفعنا إلى النجاح.
اقرأ أيضًا السلبية اختيار.. كيف تتخلص من تحكم المشاعر السلبية؟
ترابط الأفكار والمشاعر
وفي هذا المقال، أنا إنسان، إنسانٌ مرّ بكثير من المواقف والمشاعر، وعانى كثيرًا ككل إنسان، وصادفتُ في طريقي أساليب جعلتني أتعامل مع مشاعري السلبية بطرائق فعّالة وناجحة وسريعة نسبيًّا، مع العلم أنّ المشاعر والعواطف لا يمكن التعامل معها كلها بالطبع.
فقليل منها أو كثير قد يظلّ عالقًا، وعلينا أن نطلب مساعدة المختصين في حال الحاجة إلى ذلك، فهذا تخصّص كبير لعلم النفس والخبراء الاختصاصيين فيه وأطبائه.
لكنّني الآن أشارك تجربتي الخاصة، وكل شخص هو الأقرب إلى نفسه، ومسؤوليته أن يعرف كيف يتعامل معها ويكتشفها، وبالطبع سأشير إلى المصادر التي ساعدتني في آخر المقال، وفيها ستجدون الكنوز.
في البداية، المشاعر والأفكار مترابطان على نحو عنيد، الأفكار تسبب المشاعر والعكس صحيح.
عندما تشعر بالسوء في إحدى اللحظات حاول أن تفكك هذا الشعور إلى مشاعر أخرى، وأن تتعرف إلى الأفكار التي تقف وراءه؛ هل هو بسبب ذكرى ما، اعتقاد ما، ظنٍّ ما؟ وناقش هذه الأفكار، وحاول أن تجد حلًّا منطقيًّا لها.
اقرأ أيضًا كيف تتعامل مع مشاعرك وتتحكم فيها؟
طرق التخلص من المشاعر السلبية
الطريقة الأولى: السماح بالرحيل
هذه التقنية، أعاد صياغتها الدكتور ديفيد ر.هاوكينز، وهي ببساطة تعتمد على أمرين: كل شعور -مهما بلغت طاقته- يملك مخزونًا محدودًا من هذه الطاقة.
والأمر الثاني: إنّ المشاعر السلبية تستمر بسبب أنّنا نغذيها بالاهتمام والتفكير الزائد ونتبناها في قلوبنا، لذلك تصبح وحشًا مفترسًا.
لذلك فالتقنية هي: عندما تشعر بالسلبية راقبها، لكن من غير أن تحاول تغييرها أو إبعادها أو تحسينها بأي طريقة، فقط كما لو أنك تراقب طفلًا يبكي.
كن منفصلًا عن الشعور وراقبه في الوقت نفسه من غير أي أحكام عليه أو خوف منه، وإن كنت تشعر بالخوف أو المقاومة لهذه التقنية، فلا بأس، راقب ذلك أيضًا.
وفي النهاية، سينفد مخزون الطاقة الذي يملكه هذا الشعور وسيختفي، وستتحرر منه، وإن عاد بعد مدة فأعد المحاولة إلى حين التحرر الكامل منه.
تجربتي مع تقنية السماح بالرحيل
صراحة هذه التقنية أكثر من رائعة، لقد حررتني من مشكلات عاطفية كثيرة عالقة منذ زمن، وحررتني من التعلق بالأشخاص.
لكن بالطبع، عليك أن تتدرب بداية على المشاعر البسيطة ذات الطاقة القليلة؛ لكي تكتسب الخبرة والتجربة، ثم تنتقل إلى الطبقات الأعمق من المشاعر.
ولا تتوقع نجاحًا باهرًا في البداية، وإنما ستنسى التقنية في كثير من الأحيان؛ لأنك لم تتعود عليها بعد، وسيقاومها عقلك قليلًا في البداية.
اقرأ أيضًا اضطراب عصر المشاعر لجذب اهتمام الآخرين
الطريقة الثانية: التوازن
"لا تتمادَ مع العقل، بل ابقَ في المنتصف إلى ما بعد"، هذه الجملة البسيطة من حكم الهند القديمة، تخفي كنزًا، التوازن هو المحرر الداخلي للشخص في الحالات التي يجد نفسه فيها عالقًا عند مسألة ما.
وهذه الحكمة الهندية التي كُتبت في كتاب (فيجيانا بهاريفا تانترا) تعلمنا التوازن، كيف؟
العقل يدفعنا دائمًا من أقصى اتجاه إلى أقصى اتجاه بالعكس، وبالطبع هذا يسبب لنا مشاعر سلبية؛ اليوم أنت تحب وغدًا تكره.
اليوم تشرق بالسعادة وبعدها تأتي الغيوم وتمطر في قلبك. لذلك، عندما تشعر بأي شعور سيئ تذكر الشعور المناقض له، وابق بين الاثنين، لا هذا ولا ذاك، ولا تصنع مشكلة من الموضوع.
مثلًا: أنت متعلق بشخص ما، حسنًا تخيل لو كنت لا تهتم بأمره، هل تشعر حينها بالتحرر من هذا؟ ابق هكذا.
تجربتي مع تقنية التوازن: هذه التقنية رائعة ببساطة، تعطيك التحرر والصفاء الداخلي، فخارج المتناقضات ستجد السعادة الحقيقية.
ساعدتني هذه التقنية وأعطتني نقاءً وطاقةً إيجابيةً رائعة، وسلامًا حقيقيًّا، ببساطة أضع نفسي في الطرف الآخر من الموقف، وكالعادة تحتاج إلى التدريب على الأمور البسيطة بدايةً.
اقرأ أيضًا اقبل مشاعرك كما هي فهي في النهاية أنت فلا ترفضها
الخاتمة
نحتاج دائمًا إلى التعامل مع مشاعرنا، المشاعر تعيق النجاح أو تحفزه، وقد تخلق المشاعر العالقة مشكلات نفسية واضطرابات في السلوك، فعلينا الحذر.
وأتمنى أن تحظو بحياة رائعة ومشاعر جيدة دومًا، وتذكروا ليس علينا العمل على كل مشاعرنا، والتوتر في هذه التقنيات أيضًا سيسبب مشاعر سيئة، علينا أخذها بخفة ومرح ومن غير جدية زائدة، فهي هكذا تعمل.
المصادر
· كتاب: السماح بالرحيل، تأليف: ديفيد ر.هاوكينز.
· كتاب: فيجيانا بهاريفا تانترا.
· كتاب: ترانسيرفينج الواقع، تأليف: فاديم زيلاند.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.