الحق في العمل هو من الحقوق الأساسية التي يجب أن تضمنها الدول لكل فرد، فمن الضروري أن يعمل الشخص في تخصصه الذي يناسب مهاراته وشغفه؛ لأن ذلك يحقق إنتاجية أعلى ورضا شخصيًّا.
للأسف، في بعض الأحيان تضطر الدول إلى توجيه الأفراد إلى وظائف لا تطابق تخصصاتهم؛ بسبب التحديات الاقتصادية أو متطلبات السوق.
قد يهمك أيضًا الاقتصاد العالمي.. والعوامل المؤثرة عليه
حقوق الإنسان في العمل
كانت ألوان النضال التي خاضها العمال، من العوامل الأساسية التي أدت إلى الإقرار بعدد كبير من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وعلى الأخص -بطبيعة الحال- الحقوق المتعلقة بالعمل نفسه.
حتى قبل أن تبرز الأمم المتحدة إلى الوجود، أي قبل وضع مسودة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، كانت منظمة العمل الدولية تعمل على وضع وإعمال طائفة واسعة من الصكوك المتعلقة بحقوق العمال.
وكان من نتيجة الجهود الدؤوبة التي بُذلت على امتداد عقود متوالية على المستويين الدولي والوطني، وفي طليعتها المبادرات العمالية في عدد كبير من البلدان، أن أصبحت لدينا صكوك لحقوق الإنسان المتعلقة بالعمل، تمتاز بدرجة عالية من الإحكام، في الأقل إذا قورنت بنظيرتها المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الأخرى.
وهذا الحق في العمل لا يعمل به في دولنا العربية التي تتحايل على الدستور بوضع نصوص في القانون تقيد أخذ الحقوق في العمل، وتجبر العامل والموظف على العمل بالسخرة المقنعة، وتعطي أصحاب المال والأعمال كامل الحقوق ليسخِّروا من يعمل لديهم ويأخذوا حقوقه.
قد يهمك أيضًا علم الاقتصاد وفوائده وعلاقته بالحاجات البشرية
السياسات الحكومية هي السبب
إن الحق في العمل هو أحد الحقوق الأساسية التي تضمنها الدساتير والقوانين الدولية، ويمثل جزءًا أساسيًّا من تحقيق الكرامة الإنسانية والاستقرار الاجتماعي.
مع ذلك، تواجه كثير من الدول تحديات كبيرة في تحقيق هذا الحق بالنحو الأمثل، فتهدر الطاقات البشرية المتاحة، ولا تُستثمر على نحو فعَّال في التنمية الوطنية.
يمكن أن يتجلى إهدار الطاقة البشرية في صور متعددة مثل البطالة، البطالة المقنعة، الهجرة الجماعية للكفاءات، والتهميش الاجتماعي لبعض الفئات مثل الشباب والنساء وذوي الاحتياجات الخاصة.
هذه الظواهر ليست فقط دلائل على سوء استثمار الطاقات البشرية، بل هي أيضًا مصدر قلق كبير على مستوى التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
في كثير من الأحيان، تكون السياسات الحكومية غير الموجهة جيدًا هي السبب الرئيس وراء هذا الإهدار.
وإن ضعف الأنظمة التعليمية التي لا تؤهل الشباب لدخول سوق العمل على نحو كافٍ، إضافة إلى غياب برامج تدريبية متقدمة تواكب احتياجات السوق، يزيد تفاقم المشكلة.
من ناحية أخرى، يؤثر تراجع الاستثمار في القطاعات الإنتاجية على قدرة الدولة على خلق فرص عمل جديدة ومناسبة، ما يدفع كثيرين للهجرة بحثًا عن فرص أفضل.
قد يهمك أيضًا المشهد الاقتصادي العالمي.. تحديات وآفاق
البطالة المقنعة
والبطالة المقنعة، حين يعمل الأفراد في وظائف لا تتناسب مع مؤهلاتهم وقدراتهم، تمثل نوعًا آخر من أنواع الهدر.
وهذا لا يؤثر فقط في الإنتاجية العامة للمجتمع، بل يؤدي إلى استنزاف نفسي ومهني للعاملين الذين يشعرون بأنهم لا يقدمون قيمة حقيقية في مواقع عملهم.
إضافة إلى ذلك، فالهجرة الجماعية للعقول والكفاءات هي أحد أبرز أشكال الهدر.
فعندما تفشل الدولة في توفير بيئة ملائمة للعمل والابتكار، يلجأ الأفراد إلى البحث عن فرص خارجية، ما يفقد الوطن قدرات كان يمكن أن تُسهم على نحو كبير في نهضته.
ولمواجهة هذه التحديات، يجب على الحكومات تبني سياسات متكاملة ترتكز على تطوير التعليم والتدريب المهني، وتشجيع الابتكار، وخلق بيئة اقتصادية ملائمة للاستثمار.
ويجب أيضًا تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتوفير فرص عمل حقيقية ومستدامة.
كذلك، يجب أن توجد سياسات نشطة لدعم الفئات المهمشة وضمان إدماجهم في سوق العمل، وذلك بتقديم حوافز وتسهيلات للشركات التي توفر فرص عمل لهذه الفئات.
في الختام، فتحقيق الحق في العمل واستثمار الطاقة البشرية على نحو فعَّال ليس مجرد مطلب تنموي، بل هو ضرورة استراتيجية لبناء مستقبل مستدام.
تحتاج الدول إلى التحرك بسرعة لتجنب إهدار مزيد من طاقاتها البشرية، وتحويل هذه الموارد إلى محركات للنمو والازدهار.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.