يشهد العالم اليوم عصرًا غير مسبوق من التطور التكنولوجي، إذ أصبحت التكنولوجيا جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، ولم تعد هذه الوسائل مقتصرة على الشباب أو كبار السن فحسب، بل امتدت أيضًا إلى أيدي الأطفال الذين باتوا يقضون ساعات طويلة أمام أجهزة الألعاب، والهواتف الذكية والإنترنت، ما قد يصل إلى حد الإدمان، وحينئد يأتي التساؤل: هل تؤثر التكنولوجيا في صحة أطفالنا؟ وكيف يمكن الحد من تأثيرها السلبي؟
وسائل المعرفة لدى الأطفال بين الماضي والحاضر
في الماضي، كانت وسائل المعرفة المتاحة للأطفال محدودة، تقتصر على ما يقدمه الوالدان والمعلمون في المدارس، وعلى الرغم من بساطة هذه الوسائل؛ فإنها أثبتت فعاليتها وأسهمت في تنشئة أجيال من الأطباء والمهندسين والأدباء.
مع ظهور التلفاز، حدثت قفزة كبيرة في طرق التعلم، إذ أصبح الطفل يتلقى المعلومات بالصوت والصورة، وكان التلفاز يتميز بوجود رقابة من قبل الجهات المختصة مثل وزارة الإعلام، ما ساعد على تقديم محتوى مناسب وآمن للأطفال.
أما في الحاضر، فقد أحدث الإنترنت ثورة في عالم المعرفة، وأصبح في متناول الجميع عن طريق التطبيقات الحديثة مثل فيسبوك، وتويتر، ويوتيوب. ومع ذلك، أدى الاستخدام المفرط لهذه الوسائل إلى عدد من المشكلات، أبرزها قضاء الأطفال ساعات طويلة على الإنترنت، ما تسبب في ضعف الروابط الاجتماعية بينهم وبين أسرهم.
هنا يجب أن نقف ونسأل أنفسنا: هل أثرت التكنولوجيا بالإيجاب أم بالسلب على أطفالنا؟
إيجابيات التكنولوجيا على الأطفال
وهي مجموعة من المزايا لا يمكن إهمالها عند ذكر التكنولوجيا، منها على سبيل المثال:
زيادة معدلات الذكاء
تسهم التكنولوجيا في رفع معدلات الذكاء لدى الأطفال، إذ تساعدهم على تحليل الأمور بعمق وحل المشكلات التي قد يواجهونها في أثناء اللعب أو التعلم، ما يعزز من قدراتهم الذهنية.
تعزيز القدرة على اتخاذ القرار
تمنح التكنولوجيا الأطفال فرصة لتعلم كيفية اتخاذ القرارات الصحيحة والتغلب على التحديات من أجل تحقيق أهدافهم، وهو ما ينعكس إيجابيًّا في حياتهم اليومية وتعاملهم مع الآخرين في المجتمع.
الوصول السريع إلى المعرفة
يستطيع الطفل الحصول على أي معلومة يبحث عنها بسهولة عبر الإنترنت، إذ تتوفر مكتبات رقمية تحتوي على آلاف الكتب في مختلف المجالات، ويمكنه تعلم لغات جديدة، وكل ذلك متاح مجانًا، ما يفتح أمامه آفاقًا واسعة للتعلم الذاتي.
تعلم قيمة الوقت وإدارته بفعالية
عن طريق التطبيقات التعليمية والألعاب التي تعتمد على عامل الوقت لتحقيق الفوز، يتعلم الطفل أهمية إدارة الوقت، وتعد هذه المهارة من المهارات الأساسية التي تساعده في المستقبل على إنجاز المهام في الوقت المحدد وتحقيق النجاح.
سلبيات التكنولوجيا على الأطفال
- تُعد من أكثر سلبيات التكنولوجيا انتشارًا بين الأطفال ظاهرة العنف، إذ أكدت منظمة الصحة العالمية أن أطفال اليوم أكثر عنفًا من أطفال الماضي، وهذا نتيجة لممارسة الألعاب التي تشمل الحروب والعنف والقتل، فقد يتأثر الطفل بما يشاهده ويحاول تقليده في حياته اليومية. (كما ورد ذلك في مجلة أ. سبيعي عبد الله "التكنولوجيا وتأثيرها في الأطفال"، مجلة الرياض).
- التوحد والانعزال وذلك بسبب الجلوس أوقاتًا طويلة على الأجهزة، ما يتسبب في انعزال الطفل عن أهله وعدم الجلوس معهم ومشاركتهم الحديث.
- الانفتاح غير المقيد، ففي السابق كانت وسائل التكنولوجيا والتلفزيون خاضعة لرقابة الجهات المختصة، ولكن الآن أصبح الأمر صعبًا جدًّا. ومع غياب الرقابة على المواقع، أصبح الأطفال معرضين في أي وقت لرؤية مشاهد غير أخلاقية وغير مناسبة لهم في هذا السن.
- الأمراض الصحية وتتمثل هذه الأمراض في ضعف النظر لدى الطفل، نظرًا لطول مدة جلوسه أمام شاشة الهاتف أو الكمبيوتر، ويمكن أن يصاب أيضًا بأمراض في العمود الفقري، وقد يعاني السمنة. (كما ورد ذلك عن الأستاذ حسام موافي، أستاذ طب الأطفال بجامعة القاهرة، في لقاء تلفزيوني).
كيف نحد من تأثير التكنولوجيا على الأطفال؟
- مراقبة الآباء للأبناء في أثناء استخدام الهاتف من أهم الوسائل التي تحد من التأثير السلبي للتكنولوجيا، إذ يجب على الوالدين مراقبة عدد الساعات التي يقضيها الطفل أمام الشاشة، فهذا هو الحل الأمثل. (كما ذكره الاتحاد الدولي للاتصالات بقطاع التنمية في مقال بعنوان "مبادئ توجيهية لأولياء الأمور بشأن حماية الأطفال على الإنترنت").
- ملء وقت فراغ الطفل بالأنشطة، ويمكن تحقيق ذلك عن طريق الذهاب إلى النادي لممارسة الرياضة أو ممارسة هواية مثل الرسم أو التلوين، ما يشغل الطفل عن قضاء الوقت على الإنترنت.
- ويمكن للوالدين تحديد وقت معين لاستخدام الطفل للهاتف أو الحاسوب، حتى لا يسرق هذا الوقت من يومه ويؤدي إلى عزله عن أهله وأصدقائه.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.