تطور التاريخ الحضاري للإنسان عبر الأزمنة المختلفة، جعله يفكر في العثور على وسائل للاتصال مع أخيه الإنسان، وكان هذا التواصل يتم مع أفراد مجتمعهن أو أفراد أخرين في مجتمع أخر، وفي بداية معرفة الإنسان بمفهوم التواصل، كان ذلك التواصل يتم بطريقة تقليدية وهي الكلام.
وبعد ظهور وسائل الاتصال الجماهيري ومراحل تطورها، كانت كل وسيلة منها تلقى اهتمامًا بارزًا من الباحثين في الحقل الإعلامي، وامتد هذا الاهتمام منذ لحظة كان الاتصال يعتمد على الكلام، إلى الوصول للرسائل المكتوبة، حتى اختراع الطباعة ثم اختراع الإذاعات والتليفزيون وبعدها الاتصال الإلكتروني والشبكة العنكبوتية. وهناك نظريات كثيرة تناولت مسألة الاتصال، ومنها ما لم تقتصر على جانب الرسالة والمستقبل ورجع الصدى فقط، بل ركزت على القائم بالاتصال نفسه، حيث اعتبرته جانبًا رئيسيًا في المعادلة، ومؤثرًا بشكل كبير في قدرة الرسالة على الوصول للمستخدم والتأثير، فهو من يحدد ما يذاع ويبث وينشر للجمهور، وهو من يحدد ماذا يتم حجبه، وتعتبر تلك النظريات من أكثر نظريات الاتصال منطقية ، وقد ارتبطت نظرية مولس بعدد من النظريات التي سبقتها ومنها نظرية المجتمع الجماهيري: وهي من النظريات الأولى التي تناولت مسألة الاتصال، وبداية ظهورها كان في القرن العشرين، وركزت تلك النظرية على تغيير صورة المجتمع القديم، من مجتمع تقليدي يتواصل فيه الناس بشكل مباشر عن طريق الكلام، إلى مجتمع آخر كبير ومعقد لا يرتبط فيه الناس ببعض، وكل فرد فيه يعيش في عزلة عن الآخرين، وتجلت أهمية هذه النظرية في أهمية إنشاء علم للاتصال يتناول هذه الظاهرة.
ونظرية دوامة الصمت، وفي هذه النظرية ركزت الباحثة الألمانية إليزابيث نويل على فكرة أن وسائل الإعلام هي المحرك الرئيسي للرأي الإعلام، فهي عندما تتبنى فكرة معينة، يمكنها خلال فترة وجيزة من الزمن توجيه جميع أفراد المجتمع نحو تلك الظاهرة أو الفكرة. بالإضافة إلى اأةأا نظرية وضع الأجندة "ترتيب الأولويات": تعود هذه النظرية إلى الباحث ليبمان الذي يؤمن أن وسائل الاتصال عليها دور في بناء الصورة الذهنية لأفراد المجتمع، ولكن في بعض الأحيان ترسخ هذه الوسائل لمعلومات غير حقيقية في عقول الجماهير، وتعمل وسائل الاتصال خلال تلك النظرية على توجيه الرأي العام نحو قضايا مصيرية تهم المجتمع.
يؤخذ على هذه النظرية أنها مرنة بشكل كبير بما يجعلها تفتقر للتحديد العلمي الذي يمكن البناء عليه نظريا. كما يؤخذ على هذه النظرية أنها تنتقص من الدور الذي يمكن أن يقوم به آحاد الجمهور متلقي الرسالة الإعلامية في تفسير رموز الرسالة
تعتبر نظرية مولس من أهم نظريات الاتصال التي يعتمد عليها الباحثين والأكاديميين والعاملين في الحقل الإعلامي من أجل تحديد طبيعة العلاقة بين وسائل الاتصال والمجتمع، حيث تركز هذه النظرية على ضرورة استخدام وسائل الاتصال من أجل التأثير في ثقافة المجتمع، ويتم في هذه العملية نقل الثقافة من طبقة المثقفين والمبدعين والعلماء والأدباء لجميع أفراد المجتمع، ما يعني في النهاية أن هذه النظرية تؤكد على ضرورة التركيز على الأدوار التي تلعبها وسائل الاتصال في نقل الثقافات.
ومثلت هذه النظرية مرجعًا هامًا لتنظيم العلاقة بين وسائل الاتصال الجماهيري والمجتمع، حيث يتم من خلال هذه النظرية تحويل جميع الثقافات الحديثة لمختلف أفراد المجتمع، وقد تشمل هذه الثقافات كل شيء، من أول وصفات الطبخ حتى مختلف الاكتشافات العلمية.
وفي نفس الوقت هناك علاقة ممتدة بين نظرية مولس والتطور الذي تشهده وسائل الإعلام، حيث ترتبط تلك النظرية على بحث هذا التطور من أجل الاستفادة به في تعزيز وتغيير ثقافات المجتمع، ويتم ذلك من خلال تحليل العملية التفاعلية بين المرسل "وسائل الاتصال" و المستقبل "الجماهير" من أجل التأثير الحقيقي في ممارسات الأفراد داخل المجتمع.
ويعتقد الباحثون أن نظرية مولس جزء رئيسي من ثقافة المجتمع، لأنها تؤثر في هذه الثقافة من خلال نشر ثقافات جديدة لجميع فئات المجتمع بمختلف اهتمامتهم ومستويات تعليمهم، وفي نفس التوقيت تعتبر أشمل وأعم نظرية اتصال لأنها تمثل جميع أفراد الجتمع وتهتم بالتغيير في سلوكهم وثقافاتهم باستخدام وسائل الاتصال الجماهيري، ما يمثل انعكاسًا لمعتقدات ومبادىء وأفكار المجتمع، وكلما ازداد تطور وسائل الإعلام ازدادت قدرة وفاعلية نظرية مولس في التأثيير في ثقافة وآراء ومعتقدات الأفراد.
وتختلف قدرة وسائل الاتصال في التأثير على ميول وثقافات أفاراد المجتمع باختلال القضايا والثقافات التي يتم تمريرها من خلال وسائل الاتصال، وتصبح الثقافة أو القضية موضع التركيز أكثر انتشارًا وتأثيرًا في فكر المتلقين باختلاف نوع هذه القضية وباختلاف طريقة الطرح أيضًا، وكلما كانت القضية المستهدفة في وسائل الاتصال جديدة وغير مكررة، كلما كانت قدرة وسائل الاتصال على نشرها أكبر وأشد تأثيرًا، ويختلف معدل التأثير أيضًا باختلاف طرق طرح القضية، ووفر التطول التكنولوجي الهائل في وسائل الاتصال الجماهيري للمرسل، طرق مختلفة في عرض الرسالة بوسائل جاذبة للمستقبل من أجل التأثير في ميوله ومعتقداته.
وعند تطبيق نظرية مولس على وسائل الاتصال الجماهير، نجد أن أنواع وميول المستقبلين للرسائل الإعلامي ليست واحدة، لذلك يختلف تأثيرها على الرأي العام باختلاف أنوع المستقبلين، فالاهتمامات ليست واحدة للجميع، لذلك على القائمين على وسائل الإعلام بذل مجهودًا أكبر في تحديد نوع المستقبل قبل طرح ونشر الرسالة، ويجب مراعاة هل هذه القضية موضع الاهتمام محل اقتناع ويقين لدى الأفراد أم لا، فكلما كانت هذه القضية من الثوابت لدى الجمهور، أصبحت القدرة على التأثير فيها أصعب، وكلما كانت معرفة الجمهور بهذه القضية سطحية، كلما كانت قدرة وسائل الإعلام أكبر في التأثير في ثقافة وقناعات الأفراد، وذلك دون إغفال المستوى التعليمي والاقتصادي والعمروالجنس
وفقا لنظرية مولس احتلت عملية الاتصال اهتمامًا كبيرًا من الباحثين في مجال الإعلام، من أجل دراستها وتحليلها والوقوف على مراحلها وتطوراتها، باعتبار أن الاتصال مبدأ بشري يتم تحقيقه عبر عدة وسائل، وشهدت هذه الوسائل تطورًا عبر التاريخ. وشهدت نظريات الاتصال تطورًا واسعًا وجاء هذا التطور وسط محاولات قام بها الباحثون في المجال الإعلامي لكي يتم الاستفادة من تلك النظريات في تطوير وسائل الإعلام بشكل عام. وأثناء دراسة نشأة وتطور نظريات الاتصال، ظهرت نماذج من هذه النظريات، أبرزها نموذج ديفيد بلو والذي ارتكز في نظريته على "مرسل، ورسالة، ووسيلة اتصال، ومستقبل".
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.