هذه البلاد التي عانت الاحتلال والحروب الداخلية والتفرقة العنصرية والجماعات المتطرفة مدة طويلة أصبحت الآن أكبر اقتصاديات القارة السمراء.
بل عاشت تجربة ديمقراطية وليدة، فصارت مثلًا يحتذى بعد انتخابات عام 2023 من جهة التعددية السياسية ونزاهة الانتخابات؛ لتتسارع خطوات نيجيريا أكثر وأكثر نحو الإصلاح والنمو.
وفي هذا المقال نلقي نظرة إلى نيجريا، ونتعرف إليها أكثر؛ لنفهم سر هذا التطور الذي طرأ على أبناء الغرب الإفريقي.
اقرأ أيضًا: فساد الاستعمار وتأثيره في معادن نيجيريا
معلومات عن نيجيريا
تعد دولة نيجيريا إحدى دول الغرب الإفريقي ذات الكثافة العالية في عدد السكان، وهو ما يمنحها تنوعًا كبيرًا على مستوى الأعراق واللغات، وهو ما كان أيضًا سببًا في عدد من الصراعات القديمة والحديثة.
اسمها جمهورية نيجيريا الاتحادية، وعاصمتها مدينة أبوجا، وتقسم إلى ستة مناطق إدارية، وتتخطى مساحتها 923 ألف كيلومتر مربع، واللغة الرسمية لسكانها هي اللغة الإنجليزية، إضافة إلى لغات محلية عدة، أما نظامها السياسي فقد اتبعت عدة أنظمة سياسية منذ استقلت عام 1960، آخرها النظام الرئاسي الفيدرالي الذي لجئ إليه عام 1999 بعد إصدار الدستور الرابع الذي يشبه كثيرًا نظام الحكم في أمريكا، وتستخدم البلاد عملة (النيرة النيجيرية).
تقع نيجيريا على الحدود مع كل من النيجر وتشاد والكاميرون، إضافة إلى أنها تطل على خليج غينيا الذي يصلها بالمحيط الأطلنطي، وتتميز نيجيريا بتنوع جغرافي كبير، ففيها الغابات والجبال والسهول والصحاري والمستنقعات، إضافة إلى وجود نهر بوي ونهر النيجر، وتنتشر بها حشائش السافانا التي تعد حديقة حيوان مفتوحة نظرًا للأمطار الكثيفة التي أدت أيضًا إلى ظهور الغابات المطيرة في جنوب البلاد.
أهم ما يقال عن نيجيريا إنها دولة ضخمة الموارد، وهو ما يمنحها الفرصة لأن تصبح إحدى الاقتصاديات الكبيرة على مستوى إفريقيا وعلى مستوى العالم أيضًا، وهي الموارد التي دأب الاحتلال الإنجليزي على نهبها طيلة سنوات سابقة، منها النفط والغاز والذهب والفحم والخشب.
يتجاوز عدد سكان نيجيريا 225 مليون نسمة، وهو ما يجعلها تحتل المركز الأول بين دول إفريقيا، لكن الرقم الأبرز هو عدد المجموعات العرقية التي تعيش في نيجيريا التي تتجاوز 250 مجموعةً أشهرها الفولاني والهوسا في شمال البلاد، وجماعات اليوروبا والإيبو في جنوب البلاد، وتتحدث المجموعات العرقية ما يزيد على 500 لغة أو لهجة، وهو ما يخلق حالة كبيرة من الزخم والتنوع والخلاف الذي يتطور أحيانًا ليصبح صراعًا كبيرًا، لكن اللغة الرسمية هي الإنجليزية في التعليم والمعاملات الرسمية.
اقرأ أيضًا: أهمية اللغة العربية في نيجيريا
كيف أصبحت نيجيريا الاقتصاد الأكبر في إفريقيا؟
عند الحديث عن الاقتصاد في نيجيريا فإننا نتحدث عن موارد ضخمة، كانت ضائعة على الشعب النيجيري، فقد كان الاحتلال الإنجليزي يسيطر على هذه الموارد، ثم أتت الحرب الأهلية المتكررة والصراعات بين القبائل والأعراق عليها، ثم ظهرت جماعة (بوكو حرام) المتطرفة التي كانت تنادي بالابتعاد عن التعليم الغربي والاحتكام إلى الشريعة الإسلامية على نحو متطرف.
وهي ظروف مرت بها دولة نيجيريا، ومنعتها من استغلال هذه الموارد الضخمة في خلق حالة اقتصادية تعود على المواطنين بالرخاء أو في الأقل بإيجاد الفرص المناسبة والخدمات التي تليق بهذا الشعب الكبير، وهذه الإمكانيات المرعبة.
بدأ الاقتصاد النيجيري في التطور نتيجة ارتفاع أسعار البترول بعد حرب أكتوبر 1973، فقد استفادت البلاد من كميات البترول الضخمة التي تستخرج وتصدر، لكن الأمر أدى إلى التأثير الكبير في القطاع الزراعي، فتراجعت المحصولات التي تشتهر بها نيجيريا نتيجة اعتماد الاقتصاد على النفط، ومنها محصولات القطن وزيت النخيل والفول السوداني، وكذلك اضطرت الدولة إلى استيراد سلع أخرى مثل الكسافا والأرز، وهي مشكلات نشأت بسبب الزيادة السكانية بالإضافة إلى سوء التخطيط الاقتصادي.
شهدت نهاية التسعينيات وبداية القرن الجديد أزمات عدة في الاقتصاد النيجيري، أرجعه البعض إلى قوانين الخصخصة والإجراءات الحكومية غير السليمة، في حين تحدث بعض المحللين عن تذبذب أسعار النفط واتجاه البلاد إلى الاستدانة، لكن الأمر لا يخلو من الفساد الكبير الذي تعانيه نيجيريا، وكذلك معظم دول إفريقيا حتى عام 2006، فقد استطاعت نيجيريا التخلص من ديونها نتيجة صفقة أبرمتها الدولة مع الدول الدائنة.
من ناحية أخرى بدأ الاقتصاد النيجيري يتعافى ويتطور نتيجة تنويع مصادر الدخل القومي وتقليل الاعتماد على النفط، إضافة إلى اتجاه نيجيريا إلى صناعة أفلام السينما، فقد أصبحت ثاني أكبر دولة في العالم إنتاجًا للسينما بعد الولايات المتحدة، ووصلت أرباحها عام 2021 إلى نحو 6.5 مليار دولار، وهو رقم ضخم، لكنك لن تشعر بالدهشة إذا عرفت أن نيجيريا تنتج سنويًا نحو 2500 فيلم سينمائي.
اقرأ أيضًا: مستقبل نيجيريا اللغوي والسياسي.. تعرف على قوانين فن التخاطب عندهم
أهم المعالم في نيجيريا
تعد الطبيعة الجميلة أهم معالم نيجيريا، لا سيما في مناطق الغابات المطيرة جنوب البلاد التي تضم عددًا من المظاهر النباتية الرائعة والنادرة، لكن توجد أيضًا بعض المعالم التي تتميز بها نيجيريا؛ مثل:
حديقة يانكاري
إحدى الحدائق الوطنية الطبيعية التي تمثل محمية هائلة، وتضم أكبر عدد من الأفيال التي يصل عددها إلى 350 فيلًا، إضافة إلى عدد من الحيوانات المهددة بالانقراض، وتقع الحديقة في شمال شرق نيجيريا التي تستغل أيضًا في النشاط السياحي، فالسياح الذين يأتون إليها محبون للمغامرة والحياة الطبيعية من أنحاء العالم جميعها.
كهوف أوغبونيك
في جنوب شرق دولة نيجيريا تقع الكهوف الأغرب والأجمل التي تحتوي متاهة أرضية، إضافة إلى التكوينات الصخرية والجداول والشلالات التي تمنح السياح تجربة رائعة ومدهشة، إضافة إلى أن هذه الكهوف تعد مكانًا مقدسًا لدى السكان المحليين، وقد اكتشفت من أكثر من 400 عام.
خليج تاركوا
بالنسبة للسياح الذين يحبون زيارة الشواطئ، فإن خليج تركوا أحد الشواطئ المحمية على طول الميناء في مدينة لاجوس العاصمة القديمة، إضافة إلى وجود منطقة فيه مخصصة للأطفال الصغار، ويمثل تجربة رائعة، فالسكان المحليون يبيعون الفاكهة مثل الأناناس وجوز الهند. إضافة إلى المأكولات والأطعمة المحلية المدهشة، وما يتميز به الخليج اعتدال المناخ معظم أيام السنة، إضافة إلى أن المكان على جماله يعد من الأمكنة الهادئة التي تناسب كثيرًا رحلات الاسترخاء والتأمل والاستمتاع بمياه الخليج الرائع.
وفي نهاية هذه الإطلالة على دولة نيجيريا صاحبة الاقتصاد الأكبر في قارة إفريقيا نستطيع أن نرى أن التطور والتقدم ونسيان الاستعمار والحروب الأهلية والخلافات والفساد وتجاوزها لا يعد أمرًا مستحيلًا، إضافة إلى أنه يفتح الأبواب للتقدمِ واستغلالِ أصحابِ البلاد المواردَ والحياةِ الكريمة.
ويسعدنا أن تشاركنا رأيك في التعليقات، ومشاركة المقال عبر مواقع التواصل؛ لتعم الفائدة على الجميع.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.