أصبح فيلم "burn out" لمخرجه نور الدين لخماري، حديث الساعة بمواقع التواصل الإجتماعي بالمغرب خلال الأسابيع القليلة الماضية، وذلك بعدما عمدت إحدى الصفحات الفيسبوكية المتخصصة في نشر الأفلام السينمائية المغربية إلى نشر مقطع من الفيلم.
اقرأ أيضاً السوق في سينما داوود عبدالسيد وما يعبر عنه
جدل فيسبوكي حول الفيلم
سريعاً ما انتشر بعد ذلك في جل الصفحات الفيسبوكية كما تنتشر النار في الهشيم، رغم أن الفيلم صدر سنة 2017 أي قبل خمس سنوات بالتمام والكمال، والسبب هو تضمن ذلك المقطع مشهد اغتصاب بطليه الممثل إدريس الروخ والممثلة سارة بيرليس.
لكن المقطع المتضمن إيحاءات جنسية لم يمر مرور الكرام فجر معه انتقادات لاذعة وتعالت أصوات مستنكرة له ومتسائلة عن مدى جدوى مثل تلك اللقطات وأهميتها كمشاهد إباحية في السياق العام للفيلم.
بورن أوت burn out واقع كازابلانكا
بإخراجه للفيلم يكون المخرج نور الدين لخماري قد ختم ثلاثية أفلامه التي جعلت من مدينة الدار البيضاء محورا لها، وهي أفلام "كازا نيݣرا" سنة 2008، "زيرو"سنة 2012، ثم "بورن آوت"سنة 2017، والقاسم المشترك بين الأفلام الثلاثة؛ فضلاً عن انطلاقه من مفهوم المدينة كبطل من أبطال أفلامه الرئيسيين.
فقد تم توصيف معجم الشارع الجريء والصادم بعنفه اللفظي ونقل واقع المدينة في الأفلام الثلاثة دون مساحيق تجميل وتسليط الضوء على الفوارق الطبقية المهولة، فيمكننا كمشاهدين لتلك الأفلام أن نرتقي إلى أعلى درجات العيش بالمدينة ثم نهوي إلى قاعها.
اقرأ أيضاً هل حذفت شبكة نتفلكس أفلام جوني ديب؟
أحداث فيلم بورن أوت burn out
في فيلم "بورن آوت" تحضر ثنائية الطبقة البرجوازية والطبقة الكادحة، ثنائية الغنى الفاحش والفقر المدقع في محيط مدينة واحدة، ويتجلى ذلك في الطفل "أيوب" الذي حرم مما يجب أن تكون عليه حياة الأطفال، وهو الذي يشتغل ماسحاً للأحذية وأقصى أمانيه توفير المبلغ الباهظ اللازم لشراء رجل اصطناعية لوالدته المعاقة لكن زميله يسرق منه نقوده بالعنف.
وفي الجانب الآخر نكتشف الملياردير "جاد" أحد رجال المال والأعمال، ومن علية القوم اجتماعيا، لكنه يعيش حياة زوجية واجتماعية كئيبة، ولم يحقق حلمه بأن يكون سائق سيارات سباق بسبب رفض والده، وينطلق بسيارته كل ليلة بسرعة جنونية على طول كورنيش المدينة لكي يعيش الشغف المفقود وينزل إلى قاع الطبقة السحيقة ليبحث عن السعادة عن طريق محاولة نسج صداقة مع الطفل أيوب.
كما نمر في الفيلم على شخصية "عايدة" الطالبة التي تدرس الطب والتي ساعدت ابنة السياسي الفاسد "فريدي" في إزالة جنينها بسبب حملها غير الشرعي.
اقرأ أيضاً فيلم سوبر 30 SUPER الهندي.. هل يمكن أن يغير التعليم العربي؟
ردود فعل فيسبوكية عنيفة
انتشرت اللقطة التي تحمل إيحاءات جنسية بين السياسي "فريدي" الذي أدى دوره إدريس الروخ والطالبة "عايدة" من أداء الممثلة البرتغالية المغربية سارة بيرليس بسرعة البرق، ولأن الممنوع مرغوب كما يقال؛ فإن ما جعل اللقطة تنتشر بذلك الشكل هو كونها لقطة غير مسبوقة في المشهد السينمائي المغربي.
فحسب ما عبر عنه بعض نشطاء مواقع التواصل الإجتماعي بالمغرب في مجموعة من التعاليق، فإن ذلك يسئ لقيم مجتمع و دولة من المفترض أن تكون إسلامية، وذهب البعض الآخر إلى أن الفيلم لا يستحق الدعم المالي من المركز السينمائي المغربي وبالتالي من أموال دافعي الضرائب، لكونه يفتقر للمعايير الأخلاقية.
كما فسر البعض أن الفيلم بصفة عامة واللقطة على وجه الخصوص يندرجان ضمن حملة ممنهجة من أجل جعل المجتمع يطبع مع الفساد، بل هناك من رأى أن انتشار اللقطة بشكل كبير في هذه الفترة بالذات، هو من أجل إلهاء الرأي العام بالمغرب بموضوع محدد والزيادة مجدداً في أسعار المحروقات.
كما كان من الممكن التعبير عن قضية الإغتصاب بطريقة أخرى دون اللجوء إلى ذلك المشهد حسب تعبير العديد من التعاليق، وقد قال الممثل المعتزل هاشم بسطاوي أن مثل هذه اللقطات الإباحية هي لقطات مجانية ولا تفيد الفيلم لا بالزيادة ولا بالنقصان.
في مقابل من استنكرو المشهد "الجرئ" نجد فئة دافعت عن الأخير وعن الفيلم ككل، فاعتبر بطل المشهد نفسه، الممثل إدريس الروخ، أن توقيت تسريب المشهد غير بريء بالمرة لكونه يتزامن مع عرض فيلمه الجديد "جرادة مالحة"، وهناك جهة ما اختارت توقيت التسريب بدقة رغم مضي سنوات على إنتاج الفيلم السينمائي موضوع الساعة، مشيراً أنه يجب التفريق بين الشخصية والممثل المؤدي لها.
كما استغرب البعض من المدافعين عن الفيلم من الهجوم الحاد عليه بالحكم على مشهد صغير دون مشاهدة الفيلم بأكمله، معتبرين أن الحكم على الفيلم يجب أن يكون وفق معايير سينمائية وفنية بما أن هناك علم مسبق بأن الفيلم موجه لفئة عمرية معينة.
دعاية مجانية بقوة مواقع التواصل الإجتماعي
بعدما كان يصعب إيجاده على شبكة الإنترنت في السنوات الخمس الماضية، أصبح فيلم "بورن أوت" في متناول الجميع ويتصدر محركات البحث بعد انتشاره بشكل كبير في الأيام القليلة الماضية، يمكن اعتبار قوة وسائل التواصل الاجتماعي التي تتزايد يوما بعد يوم.
وقياساً على ما كان عليه الأمر سنة 2017 فإن الفيلم استفاد من دعاية مجانية إضافية، ولو عن غير قصد، أعادت التعريف به وقامت بإيصاله لفئة واسعة من الجمهور ممن لم يتمكن من مشاهدته عند صدوره أول مرة؛ ومن تجليات ذلك أن الممثل "أنس الباز" الذي أدى دور "جاد" في الفيلم، أعاد نشر ملصق الفيلم على حسابه بأنستغرام إلى جانب صورة من الفيلم تجمعه بالطفل "أيوب"، في استغلال واضح لعودة الفيلم للواجهة بسبب قوة مواقع التواصل الإجتماعي.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.