كيف أتعلم مهارات التسويق؟

لا شك أن التسويق أصبح جزءًا مهمًّا من العملية التجارية، بل أصبح الجزء الأهم لشركات كبرى ومتاجر عالمية، ولا يوجد دليل على ذلك أكبر من حجم الإنفاق المتصاعد من الشركات الكبرى، التي تصل أحيانًا إلى 13% من إيرادات الشركة للتسويق والإعلانات، وذلك من أجل حصول الشركة على الترويج والانتباه ودعم العلامة التجارية.

ما هي أهمية التسويق؟

تعد أهمية التسويق بالغة في نجاح أي عمل تجاري، حيث يعمل كحلقة وصل بين الشركات والعملاء. من خلال استراتيجيات تسويقية فعّالة، يمكن للعلامات التجارية بناء الوعي والتفاعل مع جمهورها المستهدف.

يساعد التسويق في تحديد احتياجات ورغبات العملاء، مما يتيح للشركات تقديم منتجات وخدمات تلبي هذه الاحتياجات. بالإضافة إلى ذلك يسهم التسويق في زيادة المبيعات وتحقيق الأرباح من خلال استهداف السوق بشكل دقيق. كما يعزز من قدرة الشركات على التكيف مع التغيرات في السوق والتوجهات الجديدة، لذا يعتبر التسويق أداة حيوية لتحقيق النمو والاستدامة في عالم الأعمال.

شركة أبل والتسويق

شركة أبل العملاقة على سبيل المثال تنفق على التسويق والمبيعات أكثر مما تنفقه على البحث والتطوير، وكذلك تتجه شركة كوكاكولا وسامسونج الاتجاه نفسه.

تتبع الشركات والمتاجر الكبرى سياسات تسويقية تعتمد في الأساس الحيل النفسية التي أقرها الخبراء في مجال علم النفس لدفع المستهلكين للتفاعل مع المنتجات على نحو أكبر، ودفع الراغبين في عملية الشراء إلى الشراء بكميات أكبر أو بأثمان أعلى.

وفي هذه المقالة نقدم لك مجموعة من الحيل النفسية في مجال التسويق، التي بواسطتها تجد نفسك مدفوعًا لعملية الشراء المتكرر، الذي يكون أحيانًا خارج نطاق احتياجاتك أو رغباتك قبل عملية التحايل النفسي، التي تعد أمرًا مشروعًا في عالم التجارة والأعمال.

عملية التسويق في الشركات

تتجه معظم الشركات إلى استخدام تأثير قوة الحكاية في عملية التسويق، وهو أمر بسيط يرتبط المنتج بحكاية بشرية تجعلك مستهلكًا ينخرط في الجانب الدرامي لهذه الحكاية، فتتعلق بالقصة أكثر من تعلقك بالمنتج، وهو ما يدفعك دون قصد للاتجاه إلى استهلاك هذا المنتج، وتتعدد الحكايات وطرق الحكايات.

فبعض هذه الحكايات تكون على لسان الخبراء والشخصيات المعروفة التي تتحدث عن المنتج بطريقة تدعم سمعة المنتج والعلامة التجارية.

وقد يقص بعضهم قصصًا لارتباطهم بهذا المنتج، وكيف أنه كان فعالًا جدًا عند استخدامه، وكيف كان له تأثير كبير في حياة هذا الخبير أو النجم أو الممثل أو اللاعب المشهور، ما يجعل المستهلك يرتبط بالمنتج لارتباطه أساسًا بالحكاية وأبطالها، ولا يوجد مثال على نجاح فكرة الحكاية أقوى من نجاح شركة نايكي في رواية قصصها التجارية، التي كانت ضمن حملة إعلانية كبيرة تتحدث عن المساواة والتغيير الاجتماعي، في إطار من الحكم والقصص الصغيرة لمجموعة من الناس، الذين لا يستطيعون اقتناء حذاء من ماركة نايكي.

إلا أن الشركة أعطتهم الفرصة ومنحتهم المنتجات مجانًا، ما خلق جوًّا كبيرًا من التواصل بين الجماهير وشركة نايكي عبر وسائل التواصل الاجتماعي في أنحاء العالم.

أما على المستوى البسيط لفكرة الحكاية، فمن الطبيعي أن تشاهد مثلًا إعلانًا بسيطًا عن امرأة تتحدث عن قميص زوجها الذي أنقذته باستخدام المسحوق الخاص بالشركة المعينة، بعد أن كاد يتلف بسبب بقعة صعبة، وكيف أن هذا المسحوق قد حقق لها انتصارًا اجتماعيًا كبيرًا أمام زوجها وباقي العائلة

مثال بسيط على فكرة الحكاية، يُوجَّه هذا الإعلان للنساء في بعض البلدان بصفتهم فئة مستهدفة، وهو ما يجعل الحكاية تتغير بتغير الفئة المستهدفة وتغير جغرافيا الحملة التسويقية.

أشهر أساليب الحيل النفسية

يعد تأثير ديكوي من أشهر أساليب الحيل النفسية، التي تستخدمها الشركات الكبيرة والمتاجر الكبيرة، وأيضًا يسهل استخدامه في المحال التجارية المتوسطة والصغيرة، ويعتمد على مبدأ بسيط في علم النفس يقول: إن الإنسان ينشغل بعقد المقارنات داخل عقله قبل عملية الشراء أو اتخاذ القرار ناحية منتج معين؛ لذلك سمي تأثير ديكوي بتأثير الشرك أو الفخ.

ولكي تفهم ما هو تأثير ديكوي عليك أن تتخيل أنك ذهبت لتشتري كوبًا من الآيس كريم، فوجدت حجمين من الآيس كريم: حجم صغير بدولار واحد، وحجم كبير وبه مكسرات وفواكه، إلا أن ثمنه 6 دولارات، فإنك ستتجه على الأرجح إلى الحجم الأصغر والأرخص مبتعدًا عن الحجم الأكبر ذو الثمن الغالي والامتيازات الكبيرة، إلا أن تأثير ديكوي يتدخل.

فيضع البائع حجمًا ثالثًا بمواصفات ضعيفة وبثمن مبالغ فيه، فتكون العبوات الثلاث كالآتي: الحجم الصغير بدولار، والحجم المتوسط الذي يشبه كثيرًا الحجم الصغير بخمسة دولارات، والحجم الكبير الذي يمتلئ بالمكسرات والفواكه بستة دولارات، حينها تجد نفسك مدفوعًا للمقارنة بين الحجم المتوسط ذي الخمسة دولارات والحجم الكبير ذي الستة دولارات، الذي يحظى بإمكانات ومواصفات أعلى.

وبما أن الفارق بسيط فإنك ستتجه حتمًا إلى الحجم الأكبر، وبهذا يكون تأثير ديكوي نجح بإيقاعك في الفخ لتشتري المنتج ذا الثمن الأعلى.

من المبادئ المنتشرة أيضًا في التعامل مع المستهلكين التي ترتبط بالطبيعة النفسية البشرية فكرة تجنب الخسارة، التي تعتمد على شعور المستهلكين بالرضا نتيجة تجربة المنتج مجانًا، إلا أنها تتعامل مع رغبتهم الشخصية العميقة بعدم فقدان هذا المنتج والاحتفاظ به فهو ما يدفعهم إلى شرائه، وتعتمد الشركات على هذا المبدأ عن طريق منح العملاء عروضًا تجريبية مجانية وعينات مجانية من المنتج تُوزَّع من هذا المنطلق.

وفي أثناء وجودك في المتاجر المتوسطة والكبيرة قد تجد أن بعض الشركات تمنح المستهلكين فرصًا مجانية لتجربة المنتج، مثل تجربة كرسي التدليك وتجربة ماكينات ضرب القهوة، وكذلك تمنح بعض المتاجر فرصة للسيدات بارتداء الحلي والأكسسوارات لمدة دقائق مجانًا، وهو ما يجعل المستهلكين يرتبطون بالمنتج ويشعرون بالسعادة الكبيرة، التي لا يرغبون في فقدانها وهو ما يدفعهم للاحتفاظ بالمنتج وشرائه، فتعدّ هذه الحيلة ناجحة جدًّا على مستوى العالم مع اختلاف الثقافات والطبقات الاجتماعية والظروف الاقتصادية من مكان لآخر.

ويعد التجسيم من الحيل المنتشرة أيضًا بين الشركات الكبرى والمتاجر وبعض المحال الصغيرة تلجأ أحيانًا، لهذه الحيلة التي تعتمد على إكساب المنتج خصائص بشرية حقيقية أو خيالية تجعلك تتعامل مع المنتج على أنه كائن حي، أو تتعامل مع شعار المنتج بعدِّهِ كائنًا حيًّا.

فقد يكون الشعار حيوانًا أو طائرًا يتحدث ويوجه النصائح، وهو ما يربط المستهلك بالمنتج على نحو شعوري عميق يدفع المستهلك إلى التعلق بالمنتج، وعلى هذا استهلاكه وهو ما يعود على الشركات بأرباح كبيرة.

ما التسويق العاطفي؟

وكما يظهر من اسم التسويق العاطفي فإنه يعتمد كليًّا على عاطفة المستهلك أكثر مما يتعامل مع عقله، وقد يدفع التفكير العاطفي المستهلك إلى اتخاذ قرارات لا تتفق مع إمكاناته وظروفه واحتياجاته، وهو ما تستغله الشركات والمتاجر عن طريق حيل التسويق العاطفي، فيكون التركيز على الجوانب العاطفية باستخدام الألوان المناسبة، التي يكون لها تأثير عاطفي على مشاعر الناس.

فيثير اللون الأحمر مشاعر الحب والإثارة والفرح، ولذلك تستخدمه شركة كوكاكولا ليعطي تأثير الطاقة الإيجابية، ويرتبط اللون الأسود بإحساس الناس بالغلو والفخامة، وذلك ما يدفع شركات العطور والمجوهرات إلى استخدام اللون الأسود.

كذلك يعتمد التسويق العاطفي على التأثير البصري في النفوس والصور المثالية، التي تترك انطباعات نفسية عميقة لدى المستهلكين، إضافة إلى اتجاه الإعلانات إلى الحديث عن علاقة المنتج بالمستهلك، فنجد شركات الشوكولاتة تتحدث عن فقاقيع الفرح والسعادة التي تسببها قطعة واحدة من هذه السلعة السحرية، لكنها لا تتحدث مثلًا عن مكونات المنتج وفوائده الصحية للمستهلكين.

وكذلك شركة كوكاكولا، التي تتحدث عن مشروبها الذي يلازمك في أثناء تشجيعك لفريقك المفضل، وأنه كان دائمًا بجانبك في مكاسبك وخسائرك، ولم يفارقك أبدًا وهو الأمر العاطفي الذي يبتعد تمامًا عن المنطق، فلم تتحدث الشركة عن ماهية المنتج وتأثيره الصحي ولا سيما على الأطفال؛ لذا يعدُّ التسويق العاطفي طريقًا سريعًا للوصول إلى المستهلكين، وهو الأمر الذي تتنافس فيه الشركات الكبرى.

كيف تطور تاريخ التسويق عبر العصور؟

يمكننا تلخيص تاريخ التسويق فيما يلي: 

البدايات: التبادل التجاري في الأسواق المحلية باستخدام الإعلانات الشفوية واللوحات اليدوية.

العصور الوسطى: ظهور العلامات التجارية والرموز لتحديد المنتجات.

الثورة الصناعية: توسع الإنتاج واستخدام وسائل نقل جديدة، مما زاد من أهمية التسويق.

القرن العشرين: ظهور وسائل الإعلام مثل الراديو والتلفاز والإعلانات المطبوعة.

العصر الرقمي: استخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، مما أحدث ثورة في التسويق الإلكتروني.

في النهاية تعلم مهارات التسويق يتطلب الوقت والمثابرة، ولكن مع الموارد الصحيحة والإصرار، يمكن لأي شخص أن يتقن هذه المهارات ويطبقها بشكل فعال. من خلال التعلم المستمر سواء عبر الدورات التدريبية، أو قراءة الكتب، أو التجربة العملية، ستتمكن من بناء أساس قوي في عالم التسويق المتغير باستمرار. فالتسويق ليس مجرد فن بل هو مهارة قابلة للتطوير، وكل خطوة نحو تعلمها تزيد من فرصك في النجاح المهني وتحقيق أهدافك.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة