منذ آلاف السنين والقمر يتخذه الناس لتحديد الشهور، فمعظم الحضارات القديمة اتخذت القمر لتحديد الشهر نظرًا لسهولة متابعته وملاحظته. والمسلمون متمسكون بالتقويم القمري أو ما يُسمى التقويم الهجري؛ لأنه مطبق في الشريعة الإسلامية. والتقويم القمري يختلف عن التقويم الشمسي، فالتقويم القمري يعتمد على دوران القمر حول الأرض؛ لذلك يجب رصد القمر أو الهلال في يوم 29 من الشهر الهجري لمعرفة هل يبدأ شهر عربي جديد أم لا.
ما الشروط الواجب توافرها لرصد الهلال؟
لكي يبدأ الشهر العربي لا بد من وجود شرطين هما:
حدوث الاقتران
أي ولادة الهلال وهي المرحلة التي يقع فيها القمر بين الأرض والشمس، ويُعد الهلال في مرحلة المحاق فيكون غير مرئي، وتكون ولادته قبل غروب الشمس في مكان الرصد لإمكانية رؤيته لاحقًا.
غروب القمر بعد غروب الشمس في مكان الرصد
وهو ما يمنح فرصة لرؤية الهلال بعد تلاشي ضوء الشمس؛ لذلك عندما يحدث كسوف للقمر يحدث في نهاية الشهر العربي، عندما تكون الأرض بين الشمس والقمر.
فهم الاقتران وجود الشمس والقمر والأرض في محاذاة واحدة
الاقتران هو وجود الشمس والقمر والأرض على استقامة واحدة أو في مستوى واحد، ما يجعل القمر غير مرئي من الأرض بسبب وهج الشمس، ولا يمكن أن تتم مشاهدة القمر بعد مغيب الشمس في منطقة يقع بها كسوف للشمس؛ لأن القمر يكون حينها بين الأرض والشمس.
أهمية رؤية الهلال في تحديد بداية الشهر القمري في الإسلام
رؤية الهلال تعطي تميزًا وثباتًا وعدالة اجتماعية لارتباطها بدفع زكاة الفطر التي لها وقت محدد، وهو قبل الأول من شهر شوال، وهو أول أيام عيد الفطر المبارك، ما يؤكد أهمية التوقيت الدقيق في أداء الشعائر.
لماذا لا تكفي الحسابات الفلكية وحدها لبدء الشهر القمري؟
القمر يكون موجودًا عند منطقة الاقتران وهي النقطة التي تكون بين القمر والشمس، ويحدث كسوف للقمر ولا يشاهد عندنا، وأكبر دليل أن القمر موجود عند الاقتران لأنه لا يزال في مرحلة المحاق أي يكون مولودًا جديدًا عمره ثلاث أو أربع دقائق؛ لذلك فهي مدة غير كافية لرؤيته ويحتاج لرؤيته 15 دقيقة في الأقل بعد الغروب وبارتفاع مناسب عن الأفق.
واقعة 29 رمضان 1446 هـ مثال على أهمية الرؤية
ما حدث يوم السبت 29 رمضان 1446 هـ، 30 مارس 2025 م أن الهلال وُلد ظُهرًا وكل علماء الفلك على علم بذلك من حساباتهم الفلكية في العام الماضي، ولحظة ميلاد الهلال لحظة كونية عابرة، وظل موجودًا سبع دقائق فقط فوق الأفق بعد غروب الشمس في بعض المناطق، وهذه المدة لا تكفي لرؤيته، خاصة أنه ما زال صغير الحجم.
رؤية الهلال تأكيد لدخول الشهر القمري الجديد
الذي يجعلنا نجزم أننا في بداية شهر قمري جديد هو رؤية الهلال، فرؤية الهلال مكملة للحسابات الفلكية، وإذا لم تتطابق رؤية الهلال مع الحسابات الفلكية فطبقًا للشريعة الإسلامية أن يستمر الشهر القمري الحالي، ولا بداية لشهر قمري جديد تأكيدًا على حجية الرؤية في الشريعة. فرؤية الهلال هي التي تحدد الشهر القمري الجديد، وهذا يعطي دقة لدخول الشهر الجديد.
فوجود الهلال في السماء طبقًا للحسابات الفلكية -ولكنه غير ظاهر لنا- لا يعني الدخول في الشهر الجديد، فرؤية الهلال لمدة لا تقل عن 40 دقيقة بعد غروب الشمس هو تأكيد لدخول الشهر، وكلما زادت مدة البقاء كان ذلك يقينًا وتأكيدًا.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.