إن هذا هو المقال الثاني من سلسة تلخيص كتاب "العادات الذرية" للكاتب جيمس كلير، وفي هذا المقال سنتحدث عن القانون الثاني.
قد يعجبك أيضًا
الفرق بين سيكولوجية الرجل وسيكولوجية المرأة
اجعلها جذابة.. كيف تجعل العادة لا تُقاوَم؟
أول ما سنذكره هو "المثيرات فوق الطبيعية" وهي نسخة معززة من الواقع وهي تستدر استجابة أقوى من المعتاد.
ولكي نفهم أكثر ما هي، ذكر الكاتب مثالين سنذكر أحدهما فقط، وهي تجربة أجراها العالم نيكو تينبرجن مع النوارس الفضية حيث يكون للبالغين منهم نقطة حمراء على مناقيرهم وتنقر الأفراخ الصغيرة تلك النقطة كلما جاعت.
استغل العالم فرصة غياب البالغين من النوارس وذهب للأعشاش مع منقار مزيف بشكل واضح ذي نقطة حمراء وكان يعتقد أن الأفراخ ستتجاهلها، لكنها نقرتها بشكل طبيعي.
بعدها أحضر منقارًا ذا ثلاث نقاط فجُن جنون الأفراخ من السعادة وأخذت تنقره بشدة وهذا يعبر عن المثيرات فوق الطبيعية وهذا الأمر ينطبق بشكل أو بآخر على البشر من حيث الأطعمة السريعة أو الأفلام الإباحية.
فهناك أقسام تعمل بشكل مستمر لكي تجعل الأطعمة والإعلانات شيئًا أكثر جاذبية، فمثلًا الطعام السريع الذي يحتوي على الدهون والأملاح ومكسبات الطعم يستحث الجزء البدائي في الدماغ، حيث كان أسلافنا يعيشون في حالة من عدم استقرار الغذاء وتناول أكبر كمية هو الحل الأمثل.
لكننا نعيش في عالم فيه كثير من الوفرة في الطعام والسعرات الحرارية، لكن الدماغ لم يتطور خلال الخمسين ألف سنة الفائتة وتستغل المطاعم ما يسمى بالتباين الديناميكي.
وهو مصطلح يعني اتحاد إحساسات متباينة مثل القرمشة من الخارج والقوام الطري من الداخل مما يجعلك ترغب بالمزيد، والبصمة البيولوجية التي تتشارك بها جميع العادات هي دفعة الدوبامين.
قد يعجبك أيضًا العادة السرية بين الاضرار والفوائد
تأثير الدوبامين على العادات
قام مجموعة من العلماء بزرع أقطاب كهربية في أدمغة مجموعة من الفئران وقاموا بإيقاف ومنع الدوبامين، مما أدى إلى فقدانها للرغبة في ممارسة الجنس أو تناول الطعام حتى إنها ماتت بعد عدة أيام من العطش، لكن عند إعطاء مجموعة مشابهة لها محلولًا سكريًّا أعجبها كما السابق لكنها فقط فقدت الرغبة بالقيام بأي شيء، وهذا دليل على أن الدوبامين مسئول عن الرغبة أكثر من الإعجاب كما سيتبين معنا.
وعند زرع أدمغة مجموعة أخرى من الفئران بهذه الأقطاب لكن هذه المرة تم زيادة جرعة الدوبامين.
فقامت هذه الفئران بممارسة العادات بسرعة خاطفة، حتى إن هناك فأرًا أصبح يدس أنفه في فتحة ثمانمائة مرة في الساعة، ووجدت الدراسات أن نظام المكافاة الذي ينشط في الدماغ عند(تلقي) المكافأة هو نفسه الذي ينشط عند(توقع) المكافأة.
لذلك توقع الحصول عليها أهم من الحصول الفعلي على المكافأة، ويشير إليه العلماء بالفرق بين الإعجاب والرغبة حيث إن مجموعة الدوائر العصبية المخصصة في دماغك للرغبة أكثر عددًا من تلك المخصصة للإعجاب.
فمراكز الرغبة هي (جذع الدماغ، والنواة المتكئة، والمنطقة السقفية البطينية، والمخطط الظهري، واللوزة الدماغية، وأجزاء من القشرة الجبهية الأمامية) ومراكز الإعجاب صغيرة جدًّا ومتوزعة وعادةً يشار إليها بمناطق اللذة الساخنة.
لذلك يمكنك استغلال استراتيجية تسمى بتجميع المغريات مع استراتيجية تكديس العادات السابق ذكرها في الجزء الأول ويمكنك قراءته من هنا.
قد يعجبك أيضًا كيفية بناء العادات أو هدمها..ملخص كتاب العادات الذرية ج1
تجربة عملية للتحكم في العادة
مثل الطالب رونان في كلية الهندسة بأيرلندا الذي يحب مشاهدة نتفليكس وفي نفس الوقت يحتاج للتدرب؛ لذلك غير عجلته الثابتة ووصلها بالهاتف الذكي والشاشة وصنع برنامج يسمح له بمشاهدة نتفليكس فقط في أثناء التمرن على العجلة وإذا أبطأ عن سرعة معينة مدة محددة من الوقت تقوم الشاشة بالانغلاق.
ويصف أصدقاؤه هذا بأنه يخسر الوزن في أثناء مشاهدة المسلسلات، وتجميع المغريات يُعد تطبيقًا لمبدأ بريماك، نسبة لديفيد بريماك وهو "السلوك الأكثر ترجيحًا يعزز السلوك الأقل ترجيحًا". ويمكنك الجمع بين تجميع المغريات وتكديس العادات بالمعادلات الآتية:
- بعد العادة الحالية سأقوم بالعادة التي أحتاج إليها.
- بعد العادة التي أحتاج إليها سأقوم بالعادة التي أريدها.
وهذه إحدى الخطوات لجعل العادة جذابة.
يسترسل الكاتب في هذا الفصل عن كيفية جعل العادة جذابة فيتحدث عن دور الأشخاص المحيطين بنا من أهل وأصدقاء وزملاء عمل وغيرهم.
ويخبرنا عن عائلة بولجار والبنات الثلاث اللاتي كان أبوهن مهووسًا بفكرة أن العبقري لا يولد بل يتربى ويتعلم، فقد حث بناته منذ نعومة أظافرهن على لعب الشطرنج وكافأهن على ذلك.
حتى وصل الحال بالبنت الكبرى سوزان أن تعلمت الشطرنج وهي في الرابعة من العمر وبعد ستة أشهر كانت قادرة على هزيمة لاعبين بالغين، والوسطى صوفيا في سن الرابعة عشرة كانت بطلة عالم وبعدها بسنوات قليلة حازت على درجة أستاذ كبير.
أما الصغرى جوديت ففي سن الخامسة استطاعت هزيمة والدها وفي سن الثانية عشرة أصبحت أصغر لاعب يدخل قاعة أفضل مائة لاعب على مستوى العالم.
وحين بلغت الخامسة عشرة وستة أشهر أصبحت أصغر من حصل على درجة أستاذ كبير على الإطلاق، وهذا دليل على تأثير العائلة علينا منذ صغرنا.
قد يعجبك أيضًا القاعدة الذهبية للتخلص من الشخصيات المزعجة
العادات تُكتسب من العائلة والبيئة
فإن العادات الطبيعية في ثقافتك تكون أكثر السلوكيات جاذبية، فنحن نميل دائمًا لمحاولة الانتماء لمجموعة، لأن هذا يعني فرصة بقاء ونجاة أفضل والتزواج ونفضل أن نكون مخطئين ونحن في مجموعة على أن نكون على صواب ونحن وحيدون كما سنبين بعد قليل، ونحن إلى ذلك نميل لتقليد بشكل واعٍ أو غير واعٍ ثلاث فئات وهم المقربون والكثرة والأقوياء.
المقربون
مثل الأهل كما تبين مما حدث مع عائلة بولجار السابق ذكرهم، والأصدقاء: فنحن نميل لاكتساب مستويات أعلى من الذكاء عندما يكون صديقنا ذكيًّا.
وأثبتت الدراسات أن 75% سيصابون بالبدانة إن كان صديقهم بدينًا، فكما نقول الصاحب ساحب. لذلك عليك أن تنضم لثقافة يكون فيها:
- سلوكك المنشود هو السلوك الطبيعي.
- ثمة شيء مشترك بينك وأفراد المجموعة، كأن تذهب لصالة الألعاب الرياضية مع أصدقائك المحبين للأفلام مثلًا.
الكثرة
وتبين تجربة سولومن آش حين أدخل شخص في إحدى التجارب ليجيب على اختبار بسيط وفي البداية كانت الإجابة الصحيحة مع الجميع.
لكن مع تقدم الاختبار جعل المجموعة تختار الإجابة الخاطئة بشكل واضح مما أدى لارتباك الفرد الغافل عما يحدث حوله وفي نهاية الأمر استسلم وقد اختار نفس الإجابة الخاطئة الخاصة بالمجموعة.
الأقوياء
فكلنا نريد أن نكون الأعلى مكانة وذوي مناصب عليا فعندما يكون الفرد ذا مكانة يكون أقل عرضة للقلق بسبب الموارد والتزاوج والنجاة.
والآن سنتطرق لطريقة للتخلص من العادة السيئة أو غير المرغوب فيها وهي جعلها غير جذابة.
قد يعجبك أيضًا الذكاء مكتسبا وليس موروثا
كيفية التخلص من عادة سيئة
لكل منا توق وسبب لتكرار العادة، وسنبدأ بسؤال من أين يأتي التوق في رأيك؟ والإجابة هي كل سلوك له توق سطحي ودافع آخر أكثر عمقًا، مثل: عند رغبتك بتناول البيتزا.
فأنت تأكل للبقاء حيًّا غير أنك لا تجد من يجيبك بهكذا إجابة بل لأنه يحب البيتزا مثلًا، وتوجد عدة رغبات عميقة مثل الحب والتزاوج وتناول الطعام والتواصل مع الآخرين وتقليل الشك وعدم اليقين والسلطة والنفوذ.
حتى إن المواقع تستهدف تلك الرغبات مثل فيسبوك لتحقيق التواصل مع الآخرين، وألعاب الفيديو لتحقيق الهيمنة والمكانة حتى ولو بشكل افتراضي.
لذلك عاداتك هي توقك للتعامل مع رغباتك العميقة، مثل الشخص المتوتر الذي يدخن السجائر لتخفيف التوتر مع أنه يمكنه الجري قليلًا بدلًا من التدخين.
لذلك العادات ليست بالضرورة الطريقة المثلى للتعامل مع رغباتك العميقة، ثم إن العادات قائمة على الارتباطات وهذه الارتباطات تحدد ما إن كانت العادة تستحق التكرار أم لا.
وذُكر من قبل أن الدماغ يقوم بتلقي الإشارات من حوله ويترجمها ويصنع التنبؤات مثل رؤية شخصين لسيجارة فأحدهما يشعر برغبة في التدخين والآخر ينفر منها، ثم تؤدي التنبؤات للمشاعر وهي ما يوصف أنه حافز أو توق وهو الشعور بأن شيئًا ما ينقصك والرغبة في تغيير حالتك الداخلية والرغبة هي الفرق بين حالتك الفعلية وما تتوق لأن تكون عليه مستقبلًا.
لذلك المشاعر مهمة في ذلك الصدد كما وصف طبيب الأعصاب أنطونيو داماسيو: «إن المشاعر هي ما يمكنك أن تصف بها الأمور سواء جيدة، سيئة أو محايدة».
وهذا مفيد في حالة رغبت في ترك عادة أو الالتزام بأخرى، حيث بتغيير حالتك العقلية تجاه عادة ما يمكنك تركها مثل أن تدرك مدى سخافة التدخين وضرره على الصحة وأنه لا يخفف توتر أعصابك بل يدمرها، ويمكنك أن تبرز منافع عادة ما حتى تكررها.
في المقال القادم سنكمل تلخيص هذا الكتاب الشيق، وسنذكر: القانون الثالث: اجعلها سهلة - كيف تتوقف عن التسويف باستخدام قاعدة الدقيقتين؟
قد يعجبك أيضًا
-المرونة.. الوصفة السحرية لحياة أفضل
-"المرأة التي تعيش في نهاية الزمان".. المعجم السيكولوجي للنساء
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.