هذا مقال مُهدى مني لكل من أراد أن يكون لحياته معنى، ويجتثها من براثن الضياع، أعلم أنه مقال طويل والكل يتعجل بالمرور عليه بسرعة، لكن لمَ العجلة؟ تمهل وخد مني هذه الكلمات:
اقرأ ايضاً السعي والنجاح لتحقيق الأهداف وأمثلة على الناجحين
أهمية استعمال عقولنا قبل أي شيء
إن التحرر من الأفكار القديمة لهو السبيل الوحيد للدفع بأنفسنا نحو الأفضل، وذلك يعني الثبات على المبادئ الراسخة التي تصون السلام الداخلي للإنسان وروحه، وذلك لا يأتي إلا بإعطاء عقولنا الفرصة للإبداع مع مراعاة ملَكتي الأخلاق والإنسانية.
إن العقل والوقت لهما النعمتان اللتان لا تقدّران بثمن، فهما كنز لا ينضب، وقد خصنا اللَّه تعالى بهذه النعم لنكون مختلفين عن باقي خلقه، فما دام الإنسان يملك عقلاً ووقتاً فهو قادر على بلوغ أي شيء يريده بمشيئة اللَّه تعالى.
فلكي تكون متميزاً يجب عليك التحرر من سياسة القطيع، ولا تتبع ما يفعله عامة الناس، ولا يعني هذا فعل النقيض أو محاجّة الناس على كل ما يفعلونه، بل هو دعوة فقط للنظر بعمق في أفكارهم، وعاداتهم، وسلوكهم، ثم تحليلهم بعقلانية.
ولبلوغ هذه المرحلة يجب عليك يا أخي تعلم اعتزال الناس والاختلاء بالنفس، ليس انطواءً أو قطع اتصالٍ بالناس بشكل نهائي، فذلك غير ممكن لطبيعة الإنسان الاجتماعية، الأمر فقط هو معرفة الوقت المناسب للاختلاء بنفسك بعيداً عن ضجيج المجتمع وتفاهته.
هذه دعوة للتفكر ومحاسبة النفس بين الحين والآخر، فالعزلة مملكة الأفكار، في العزلة تتعرف إلى ذلك الشعور العميق حين تواجه نفسك دون خداع، ودون مجاملة، وذلك حين تقف على مواطن الضعف والقوة في ذاتك، ولعلك لا تعلم أنّ مصاحبة النفس لها حلاوة لا يدركها إلا القليل.
اقرأ ايضاً كيفية الحفاظ على نعمة العقل وصيانته
ما الأخطاء التي تعملناها في الصغر؟
لقد كبرنا على تعلم العجلة في الأمور، والتسرع في إنجازها لعجلتها حتى ولو كانت غير مهمة، كبرنا على حب المظاهر وحب الزوائل، كبرنا على الضغينة، كبرنا على تتبع عورات الناس، كبرنا على حب دنيا فانية والانغماس فيها.
كبرنا على التصفيق للباطل حين نخاف قول الحق، كبرنا على حب الأشياء لثمنها وليس لقيمتها، كبرنا على أن السب والشتم علامةُ قوة، وأن الكلمة الطيبة عارٌ وعلامة ضعف.
رُبّينا على فعل ما يفعله العامة فقط لينالنا ما ينالهم، لقد لُقِّنتْ نفوسُنا بنيةً فكريةً هشة، وقاعدةً عاطفية قاحلة، لتصنع منّا -نحن البشرَ- صورة متشابهةً لدينا تفكير مشترك وهدف مشترك، بشراً يكرهون الاختلاف ويعتبرونه شذوذاً.
إننا شباب هذا الجيل في مفترق طرق صعب، فقد أدركْنا حقبتين زمنيتين مختلفتين، وضاع الأغلبية بينهما، فإما أن تتبنى التغيير وتلتحق بالنخبة أو تتبع ما ألفيت عليه آباءك الأوّلين.
فإن كنت من الفئة الأولى فالتغيير لا يعني الانسلاخ عن هويتك وتقليد الغير ظاهرياً، بل يعني الثبات على مبادئك الراسخة التي تنبع من دينك ورسالتك في الحياة،.
اقرأ ايضاً دورة منصة إدراك عن محاور النجاح الستة.. تعرف عليها
كيفية التغيير للأفضل
وتساير زمانك بما يتوافق مع دينك وقيمك، وعند اتخادك هذا القرار ستكون مقبلاً على مرحلة الحسم، ودخلت في أولى معارك حياتك، أول من سيواجهك هو نفسك، نعم يا أخي نفسك، إن النفس عدو المرء الأول، فهي وليدة ما تربت عليه، إن كنت كسولاً أو (معكازاً بالدارجة) فلا يمكنك تغيير نفسك بين ليلة وضحاها، بل يتطلب منك ذلك وقتاً وجهداً نفسياً في مجاهدة نفسك، وحملها على تقبل قرارك.
الأمر صعب ومضنٍ، ولكن بالصبر والإصرار سترى نتائج رائعة، فإن انتصرت على نفسك فقد نلت نصراً عظيماً ولو لم تنجز شيئاً، فهذا الانتصار بحد ذاته إنجاز عظيم، فأنت خير ممن لم يحاول قط، إن الانتصار على النفس أعظم من الانتصار على الغير.
بعد تجاوز نفسك يأتي دور أهلك وأصحابك، ليس كرهاً لهم، بل هو ذلك الوهم الذي يعيشونه وفقاً لأفكارهم المتحجرة التي تصور لهم أن التغيير مخالف لما هو سائد، وهو ضرب من الشدوذ لن يؤتي بالنتائج المرجوة، فالأفضل أن تعمل في صمت، وتدع إنجازاتك تتحدث عنك، ولا تدخل معهم في جدالات عقيمة ستهدر طاقتك ووقتك الثمين، وغالباً لن تقنعهم، ومن يدري ربما يحبطونك، فعندما يرونك في طريق النجاح سيسألونك: كيف فعلتها؟
اقرأ ايضاً أفضل 6 خطوات لتحقيق النجاح
أعداء النجاح وتأثيرهم علينا
الصنف الآخر هو أعداء النجاح الحقيقيين، هم الذين لا يعرفونك حتى، هم الذين يكرهونك فقط؛ لأنك أفضل منهم، لأنك توقظ فيهم أنفسهم اللوامة بإنجازاتك، وتدع الندم والحسد يأكل أرواحهم كأكل النار للهشيم.
هم الذين يبحثون عن عيوبك ونواقصك وإخفاقاتك بشكل دقيق، كل هذا حتى يسخروا منك أمام الناس ليخمدوا نار الحسد في قلوبهم المريضة، هؤلاء يجب ألا تنظر إليهم نظرة العدو، فهم محرك دافع لنفسك نحو الأفضل، وهؤلاء فلتدعُ لهم بالهداية؛ لأنهم مرضى لمنظومة بقوا لها سجناء، ولتحمد اللَّه أنك كنت من المتميزين.
إن مررت بهذه المراحل، وتخطيتها بثبات فاعلم أنك لحقت بالقلة القليلة، فهذه المراحل الصعبة والحاسمة، والثبات على خوض المغامرة في الدغل هو الخط الرفيع الذي يفرق بين الناجح والفاشل.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.