في كفوف اليد خطوط لا تقرأها البصَّارة، لأنها كُتبت بدمعٍ لم يُسكب، وبحلمٍ لم يُروَ، هي خريطة الأرواح لا الأجساد، وشيفرة من لغةٍ لا تنطقها الشفاه.
ربما تفكُّها نظرة، أو تنهار أمام لمسة صدق، لكنها تأبى أن تُفهم بالعرافة، فما يُكتب بالقدر لا يُستنبط بالحدس، وما يُولد في القلب لا يُتلى على فنجان.
اليد تخبِّئ تاريخًا لا يُروى، أصابعها تعزف أغاني الصبر، راحتها تمحو وتُكتب في آنٍ واحد، وفي تجاعيدها تنام أحلام أُجهضت بهدوء.
البصَّارة تنظر، ترى خطًّا قصيرًا للحياة، لكنها لا ترى الحياة التي عِشتُها في يومٍ واحد، حين كنتُ على حافة الانهيار، ورفعتُ كفِّي للسماء لا للعرافة.
ما من كفٍّ تشبه أُخرى، كما لا يشبه قلبٌ قلبًا، ولا ظلٌّ ظلًّا، ولا نبضةٌ تسير على الإيقاع نفسه.
اقرئي إن استطعتِ، لكن لن تري ما دفنته في راحتي، لن تفهمي ما قاله الألم، حين صمتت الحروف، وتكلَّمت الأصابع.
بكل سرور، نكمل بالنفس والروح أنفسهما:
لا تبحثي في كفِّي عن موعد حب، ولا عن عمرٍ طويل أو قصير، فالعمر لا يُقاس بالسنين، بل بعدد المرَّات التي نجونا فيها من أنفسنا.
خطوط يدي ليست طالعًا، بل آثار من تشبُّثٍ بالحياة حين انزلقت، من أبوابٍ طرقتها ولم تُفتح، من أصابع أفلتت يدًا كانت آخر ما تبقَّى.
وفيها بقايا دعاء، كُتب بين شقوق الجلد، حين كنتُ أرتجف، لا من برد، بل من وجع لا يدفأ.
كفوفي شاهدة، لا على الغد، بل على البارحة التي لم أنجُ منها كاملة، هي تعويذة كتبتها الحياة عليَّ، لا لقراءتها، بل لتذكيري أنني ما زلتُ هنا، رغم كل شيء.
فلا تسأليني عن الطالع، اسأليني عن السقوط والصعود، عن الأشياء التي لم أكتبها لكنها كتبتني، عن الطرق التي مشت بي لا التي مشيتُها.
اقرئي إن شئتِ، لكن ستبقين قارئةً لحبر، أما أنا، فأحمل القصيدة في جلدي، وفي كل راحةٍ، سطرٌ لن يُقال.
فيا من تقرئين الكفوف، هل رأيتِ يومًا ندبةً تنبأت بمستقبل؟ أم جرحًا قال: ها أنا ذا، دليل نجاته؟
اليد لا تخون، لكنها أيضًا لا تبوح، تحمل، تصمت، وتبني من الحطام شيئًا يشبه الإنسان.
كل إصبعٍ فيه حكاية، واحدٌ صافح خيبة، وآخرُ لوَّح لراحلٍ لم يعد، وثالثٌ خطَّ اسمًا ثم محاه، ورابعٌ تعلَّق بحلمٍ صغير، أما الخامس... فهو الذي احتضن الباقين حين تعبوا.
لا تقرئي كفِّي كما تقرئين أوراق اللعب، فكفِّي كتابٌ لا عنوان له.
اسالينى عن الاشياء التى لم كتبها
لكنها كتبتنى عن الطريق التى مشت بى
لآ التى مشيتها .
كم رائعة هذة الكلمات نها
ملخص لحياة نحياه كُتبت علينا
لنمضى فى دروبها طوعا أو كرها .
تحياتى على هذآ السرد الرائع 🙏💜
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.