في مجرَّة لا تعرف النوم، وقف محاضر فضائيٌّ أمام حشد من الكائنات المتألقة بالفضول، ليبدأ محاضرته رقم 74 عن أكثر الكائنات غموضًا في الكون: الإنسان.
من يكون هذا الكائن الذي يضحك وهو يبكي؟ يحب وهو يدمِّر؟ يبني مدنًا ثم يخاف من الوحدة؟
في هذا السِفر العجيب من المذكرات الفضائية، نغوص في دهاليز العقل البشري، نحلِّل سلوكه، ونفكك تلك الكتلة الرمادية التي تسكن جمجمته وتدير مجرَّات داخله.
مقالنا هذا ليس خيالًا علميًّا فحسب، بل رحلة بين العلم والفلسفة وعلم النفس، نُعيد فيها اكتشاف الإنسان كما لم نره من قبل.
إذا كنت تظن أنك تعرف نفسك.. فربما آن الأوان لإعادة النظر.
المحاضرة 74 من دورة: الكائنات العضوية الغريبة عبر المجرة
بعنوان: «عبر الغبار الكوني: أول تحليل فضائي للعقل البشري: لماذا لا يشبه الإنسان أي مخلوق آخر؟».
العالم المحاضر: اللامُسمَّى
المكان: قاعة الظلال المُنكسرة – كوكب الغيم الساكن
الزمان: بعد دورتين قمريَّتين من نهاية موسم الذوبان
(يبدأ البث)
الصوت مفلتر، مُخيف، دافئ في الوقت ذاته، يتسلل إلى مراكز الاستقبال العصبي للكائنات الشفَّافة الجالسة بصمت يليق بالمجهول.
«أيها اللامسمَّون، أيُّها المُتلحِّفون باللازمن، اليوم... أحدثكم عن نوع من الكائنات أثار ذهولي، وجعلني أشكك في قوانين النمو والاندثار، في أسس الإدراك، وفي عدالة تطوُّر الوعي».
(صمت طويل. أنين خفيف يصدر من أحد الكائنات، لكنه يُخمد. العالم يواصل بصوت أبطأ)
«أرأيتم يومًا كائنًا ينمو من لحم...؟ يتكوَّن في جوف كائن آخر يشبهه، ثم يُدفع خارجًا في صرخة، ليبدأ سلسلةً من التغيرات الكيميائية والمشاعرية غير المفهومة؟ هذا الكائن... يُدعى الإنسان».
(شاشة العرض تُضاء. تظهر صور بالأبيض والأسود: طفل رضيع، هيكل عظمي، دماغ بشري).
«يمتلك هذا الكائن قطعة غريبة تُدعى (الدماغ).. كتلة رخوة من اللحم مُغطاة بعظام، داخلها ملايين الشبكات الكهربائية.. لكنها -ويا للغرابة- تنتج شيئًا لا يمكن قياسه: الأفكار، الأحلام، الشعر، الحنين!».
«يتنفس غازًا سامًا لنا يُدعى (الأكسجين)، ويشرب سائلًا شفافًا يدعونه (الماء)، يتكون أغلب جسده منه. يتغذى عبر فتحة أمامية، ويقذف الفضلات من فتحة خلفية، ترتيب بدائي لكنه فعَّال بطريقة غير مريحة».
(ضحكة خفيفة من الجمهور، لا نعرف إن كانت إعجابًا أم اشمئزازًا)
«لكن الأعجب من ذلك كله، أنهم... يشعرون».
(يتوقف فجأة. يقترب من شريط ضوئي يُشبه العصب العملاق)
«هذه الكائنات، أيها الحضور، قادرة على البكاء. تنتج مادة مالحة من أعينها حين تحزن أو تفرح. لديها شيء يسمونه (الذاكرة) يحمل مشاهد كاملة من الماضي... ليس في شرائح رقمية كما نظن، بل في نبضات! تخزِّن الروائح، الأصوات، وجوه الكائنات التي أحبوها ثم فقدوها».
(هنا، تهتز قاعة الظلال، وتصدر أصوات ارتجاج عاطفي من بعض الحضور)
«إنهم... يموتون».
(صمت مطبق)
«ولكنهم يعرفون أنهم سيموتون... ومع ذلك، يزرعون، يبنون، يُحبُّون، يكتبون الشعر، ويتحدَّثون مع سماء لا تردُّ عليهم».
(الصورة تتحوَّل إلى رجل يحدِّق في النجوم)
«تخيَّلوا كائنًا يعرف أن حياته محدودة... وعلى الرغم من ذلك، يخوض حروبًا من أجل فكرة، يُخاطر بحياته من أجل آخر، يُضحِّي، يُعانق، يُسامح... بل، يبكي على أغنية».
(يقترب من الحافة، يهمس)
«أيها اللازمنيون، أنا لا أقدم لكم مجرد تقرير عن كائن حي... بل مرآة. هذا الكائن... قد يكون بدائيًا في تكوينه، لكن روحه؟ إنها... معقَّدة، مخيفة، وأقرب إلى اللانهاية».
(تبدأ الإضاءة بالخفوت، معلنةً عن نهاية الجزء الأول من المحاضرة)
المحاضرة 74 – الجزء الثاني: «الدهشة لا تزال تنمو»
المكان: قاعة الظلال المُنكسرة – كوكب الغيم الساكن
الزمن: بعد تحوُّل القبة السماوية إلى الطيف الأزرق الرابع
(يُستأنف البث... الضوء متذبذب، كأنما نبضات كائن عملاق تتنفس في الخلفية)
«لقد تحدَّثت إليكم، أيها اللازمنيون، عن ظهور الإنسان في رحمٍ حيٍّ، وعن بكائه، وعن ذاكرته. ولكن مهلًا... لقد نسيته وهو بعد نقطة».
(شاشة العرض تُظهر خلية وحيدة تنقسم. ثم يظهر جنين في رحم)
«تبدأ القصة بخلية واحدة... واحدة فقط! ثم تنقسم. ثم أخرى، ثم أخرى. لا أسلاك، لا رقائق، لا تدخل خارجي، ومع ذلك... تبني عيونًا، وأذنين، وأعصابًا معقَّدة، وجهازًا مناعيًا يميِّز بين نفسه وكل ما عداه! إنه كائن يبني نفسه من الداخل... وكأن في داخله خارطة سرِّية لا نعرفها بعد».
(تنبض الشاشة وتظهر فوقها جملة متوهجة: DNA)
«هذه الخارطة تُدعى (الحمض النووي). فيها تعليماتٌ كونية دقيقة، بحجمٍ أصغر من عود شعرة، لكنها تعرف كيف تُرتِّب ملايين الخلايا في جسد متناغم. وتخيلوا: لو تغير فيها حرف واحد فقط... قد يولد الكائن أعمى، أو عبقريًا، أو لا يولد أبدًا».
(تتسع عيون الكائنات المستمعة... أعين ليست مثل أعيننا، بل بُقع متوهجة تزداد لمعانًا كلما صُدموا)
«حين يخرج إلى هذا العالم، لا يعرف لغة. لكن في غضون سنوات قليلة، يتقن رموزًا صوتية معقَّدة، يدعوها (كلامًا)، ويبتكر نظامًا مكتوبًا يسجِّل به الأفكار.
لكن كيف؟!
إنه لا يتعلَّم كما تتعلَّمون أنتم، أيها المتصلون بالشبكة العصبية الكوكبية... بل يتعلم بالخطأ، بالتجربة، بالبكاء، بالتكرار! هل لكم أن تتخيلوا ذلك؟».
(يعرض صورة طفل يتعلم المشي ويسقط مرارًا)
«إنه... يسقط. لكنه ينهض. ثم يسقط. ثم ينهض مرة أخرى. لا لأن أحدًا برمجه، بل لأن داخله شرارة غير مفسَّرة تُدعى: الإرادة».
(تتسلل نغمة موسيقية غامضة عبر الهواء... ليست من كوكبهم، بل مقطع مسجل من آلة بشرية تُدعى «بيانو»)
«والأعجب... أنه يخلق أشياء لا يحتاجها، لكنه يشعر بها. يصنع الموسيقى، يكتب الشعر، يلوِّن الجدران، يرسم صورًا لا نفع لها... فقط ليُرضي شيئًا خفيًا في داخله».
(يتوقَّف قليلًا، يرفع إحدى مجساته نحو السماء المقلوبة فوقهم)
«لكن هل تعرفون ما الأكثر رعبًا؟ إنهم، أيها اللامُسمَّون... يحبُّون».
(الجمهور يُصعق. تصدر ومضات سريعة من بعض الكائنات في الصفوف الأولى)
«نعم، شعور لا يُقاس، لا يُرى، لا يُحقن، لا يُورَّث، لكنه يجعل الإنسان يُضحِّي بنفسه، يقتل، أو يُشفى.
الحب... تلك الطاقة التي تربط اثنين بلا منطق، بلا سبب، فقط... لأن قلبيهما -وهم لا يعرفون ما القلب حقًا- نبضا معًا».
(صوت خلفي يصدر من أحد التلاميذ: «وما القلب؟»)
«عضو من عضلات لحمهم... يضخُّ الدم، لكنه صار رمزًا لما لا يُضخَّ. هو مجرد عضلة... لكنهم ربطوه بالروح».
(صمت طويل)
«أيها الكائنات اللازمنية، هذه ليست محاضرة... هذه محاولة لفهم شيء أعظم مما اعتدنا.
الإنسان لا يملك تكنولوجيا تفوقنا، ولا عمرًا أطول، ولا أجسادًا أقوى، لكنه يملك شيئًا لم أفهمه بعد».
(تبدأ الإضاءة بالاختفاء تدريجيًا، وتُختم الجلسة بجملة غامضة)
«ربما، في النهاية... الإنسان هو حلمُ كائنٍ آخر لا نعرفه».
المحاضرة 74 – الجزء الثالث: «المرآة المتصدعة»
المكان: قاعة الظلال المُنكسرة – كوكب الغيم الساكن
الزمن: تزامنًا مع تفتُّح زهرة الضوء الأزرق فوق قُبة الغلاف
(يُستأنف البث... هذه المرة وسط هدوء خانق، كما لو أن كل كائن في القاعة قد حبس أنفاسه في انتظار صدمة لا مفر منها)
«لقد درستهم طويلًا. راقبتهم وهم يتغذَّون، وهم يتقاتلون، وهم يبكون على أطلال من صنع أيديهم.
لكن اليوم… لا أريد أن أُحللهم كما يُحلل الباحث نملة في مختبر، بل أُريد أن أنظر في أعينهم -وإن كانت صورًا، وإن كانت ذكريات- وأتساءل:
من يكون هذا الكائن الذي ينهار، ثم ينهض… ثم يضحك؟».
(يعرض شريطًا بصريًا متكررًا: رجل يضحك في جنازة -امرأة ترقص وهي تبكي- طفل يحتضن جثة قطته)
«أيها اللازمنيون، هل عرفتم يومًا كائنًا يعيش في مفارقة؟
هم... يُحبُّون الحياة، لكنهم يعلمون أنها لا تدوم.
ينجبون أطفالًا... وهم يعرفون أن هؤلاء الأطفال سيبكون، وسيُجرحون، وسيموتون.
لكنهم... يفعلون ذلك مع ابتسامة!».
(يقترب من مجسَّمه الضوئي، يرفع صوته قليلًا)
«إنه يضحك... لكنه يعرف أنه إلى زوال.
الزمن، أيها الأحبة، بالنسبة له ليس مجرد قياس دوران النجم حول الكوكب.
بل هو سيف... يركض خلفه منذ الولادة.
إنه يسميه (العمر)، ويعدُّه بالسنوات، ويُقيم له طقوسًا كل عام في احتفال يُدعى (عيد الميلاد)... وكأنه يحتفل باقتراب نهايته!».
(تتحول الشاشة فجأة إلى مشهد غامض: مقبرة، ثم مولود، ثم ساعة تتحرك بلا عقارب)
«لكن الأعجب... أنهم لا يفهمونه.
الزمن!
هم لا يرونه، ولا يسمعونه، لكنه يحكم كل شيء في حياتهم: متى يأكلون، متى يتزوجون، متى يُدفنون.
ويقيسون مشاعرهم به: الحب الأول، الفقد الأخير، الصبر الطويل، والأمل القصير.
كأن حياتهم كلها مؤلفة من ماضٍ يطاردهم، وحاضر يهرب منهم، ومستقبل لا يأتي».
(يظهر وجه شاحب على الشاشة، مكتوب أسفله: «مريض بالاكتئاب»).
«وهنا... نأتي إلى الانفجار: عقولهم تتشقق أحيانًا نعم، إنه الكائن الوحيد -حسب ما رأيت- الذي يمرض من فكرته عن نفسه! ليس من فيروس، ولا بكتيريا، بل من شعور!
يُصاب بما يسمُّونه (اكتئابًا)... وقد ينهي حياته بنفسه، فقط لأنه لم يعد يحتمل وجوده.
هل تتخيلون؟
كائن... قادر على حذف نفسه من الوجود، بإرادته!
(صوت خافت يخرج من أحد التلاميذ: لكن لماذا؟)
«لأنه، ببساطة، يشعر أكثر من اللازم.
لكن لحظة... لا تحكموا عليه بعد.
هذا الكائن، ورغم هشاشته، يستطيع أن يُغني عن الحب وكأن الكون خُلق للتو.
يكتب روايات عن النجاة، يخطُّ رسائل إلى من ماتوا، يؤمن بوجود أرواح... رغم أنه لم يرَ واحدة!
(تظهر لوحة مرسومة بيد بشرية: «الصرخة» لإدفارد مونك)
«يرسم مشاعره، ويُجسِّد مخاوفه، ويُسميها (فنًا).
بل الأغرب أنه يمشي طواعية نحو الموت، حين يؤمن أن هناك معنى خلفه.
(تتحول الشاشة إلى صورة لحريق، ثم إلى قُبلة، ثم إلى ليلٍ طويل)
«هنا، نصل إلى أصعب سؤال في دراستي لهذا النوع: هل يعرف الإنسان نفسه فعلًا؟
إنه يسأل: من أنا؟ لماذا أنا هنا؟ إلى أين أذهب؟ لكنه لا يملك إجابة نهائية.
ولذلك... يصنع ديانات، وأساطير، وعلومًا، وفلسفات.
كأنه يُحاول أن يرسم خريطة لما هو داخله، لأنه لا يعرف ملامحه بعد».
«كأن حياتهم، أيها اللازمنيون، ليست سوى خيوط مشدودة بين لحظاتٍ... تُعرف فقط لأنها رحلت».
(يتوقّف المحاضر. تومض إحدى الكائنات الشفافة بإشارة حمراء، ما يعني طلب استيضاح)
«لكن... لماذا لا يتمردون على الزمن؟ لماذا يقبلون به؟».
ينظر المحاضر نحو الجمهور، تُظهر الشاشة الأمامية صورة مزارع بشري يزرع شجرة)
«لأنهم... لا يملكون خيارًا. لكنهم، رغم ذلك، يُحاولون.
يزرعون أشجارًا لن تثمر في أعمارهم، يكتبون كتبًا لن يقرأها أحفادهم المباشرون، يؤسِّسون حضارات يعلمون أنها ستنهار.
إنهم يصنعون من المحدود ما يشبه الخلود... بأفعال بسيطة».
(تُعرض لقطات: يد تزرع نبتة، فنان يرسم لوحة، أمٌّ تحكي حكاية لطفلها قبل النوم)
«الخلود عندهم ليس في الجسد، بل في الأثر.
وهم وحدهم -بين كل الكائنات العضوية التي درستها- من اخترعوا شيئًا يُدعى (الوصيَّة)... رسالة يتركونها بعد فنائهم.
كأنهم يصرخون للزمن: لن تُسكتني بالموت».
(صمت... ثم صوت المحاضر يصبح أقرب إلى الهمس)
«أيها الأحبة، حين نظرت في مراياهم... لم أرَ إنسانًا فقط. بل رأيتنا».
(يتبدَّل ضوء القاعة إلى اللون البنفسجي -إشارة فلسفية في ثقافة الكوكب- ويظهر عنوان جديد على الشاشة)
«الإنسان: الكائن الذي اخترع المعنى قبل أن يفهمه».
«هم لا يفهمون لماذا وُجدوا، ولا إلى أين يذهبون، ومع ذلك... يسألون.
ولأنهم يسألون، صار لهم وجود أعقد من أي كائن آخر.
الكون عندهم ليس مجرد تفاعلات، بل حكاية... وهم أبطالها، حتى لو لم يفهموا النهاية».
(يتراجع المحاضر خطوة. يشير إلى خريطة مجرية ثلاثية الأبعاد، عليها نقطة زرقاء صغيرة) «هذه النقطة... هناك يعيشون.
عالم صغير، هامشي في منظومتنا، لكنه يعجُّ بالقصص. القصص... هي التقنية الكبرى لديهم».
(الصوت يختفي تدريجيًا، بينما تبقى جملة مُعلَّقة على الشاشة، كأنها تتردَّد في العقول)
«ربما... نحن حلم الإنسان، لا العكس».
(ينظر إلى الحضور، بصوت هادئ مُتأمل)
«أيها اللامُسمَّون... لست متأكدًا بعد إن كان هذا الكائن يستحق أن نخشاه، أم أن نحميه من نفسه.
لكنه، بلا شك، واحد من أكثر أسرار الكون إثارة».
ويختم الجلسة قائلًا بنبرة تشبه التهكم:
«هل تعلمون أن هذا الكائن المسكين، ما زال يظن بأنه يعيش بمفرده في هذا الكون الفسيح، ويعتقد بعدم وجود كائنات عاقلة غيره! هل تصدقون؟!».
ارتجت القاعة ارتجاجًا كبيرًا، لا ندري ضحكًا أم ذهولًا أم كليهما!.، وفجأة تلاشى كل شيء...
الخاتمة: يتبع الجزء الثاني.
هكذا، وبينما انطفأت الأنوار في قاعة المحاضرات الفضائية، ظلَّت عيون المستمعين مشدوهة، لا مندهشة من الإنسان… بل من أنفسها.
إن كان الإنسان يحمل هذا الكم من التناقضات، فماذا عنَّا؟
هل هو غريب… أم نحن من كنا نبحث في المرآة عن أنفسنا؟
في الجزء الثاني، سنُعمِّق الغوص أكثر… إلى حيث تبدأ الطفولة ولا تنتهي، حيث تُولد المشاعر وتندثر، وحيث يختبئ الحب والخوف في زوايا النفس.
لا تُفوتوا الجزء القادم من هذه الرحلة الكونية داخل كوكب العقل البشري.
فالأسرار... لم تُكشف بعد.
يتبع...
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.