يُعد كتاب (تشريح القلق) من أهم الكتب الحديثة التي تقدم نظرة شاملة حول أسباب القلق، متجاوزًا الفهم التقليدي الذي يربطه بالمسببات العقلية فقط. ويجمع الكتاب بين العلوم النفسية والطب الوظيفي والعلاج التكاملي، ما يسلط الضوء على دور العوامل الجسدية، الغذائية، ونمط الحياة في الصحة النفسية. في هذا الدليل، سنستعرض مفاهيم القلق من منظور الدكتورة إلن فورا، ونقدم تصنيفًا جديدًا للقلق، ونناقش الأسباب الجسدية لعلاج القلق باستخدام استراتيجيات عملية مبنية على دراسات علمية حديثة.. استعد لاكتشاف الأدوات التي قد تغير حياتك وتساعدك على استعادة توازنك النفسي.
معلومات عن كتاب تشريح القلق
كتاب (تشريح القلق) تأليف الدكتورة إلن فورا، عدد صفحات الكتاب 388 صفحة، مترجم إلى العربية، ترجمة سعيد منسى وأسماء فتحى، الناشر الوراق للنشر والتوزيع.
أولًا: مفهوم القلق وفقًا للدكتورة (إلن فورا)
توضح إلن فورا أن القلق ليس حالة نفسية تنشأ نتيجة الضغوط اليومية، بل هو نتاج تفاعل معقد بين العوامل النفسية والجسدية، فإن القلق قد يكون علامة على عدم توازن في الجسم، مثل نقص بعض العناصر الغذائية واضطرابات الجهاز الهضمي، أو عدم استقرار مستويات السكر في الدم؛ لذا فإن التعامل مع القلق لا يجب أن يقتصر على العلاجات النفسية التقليدية فحسب، بل يجب أن يتضمن نهجًا شاملًا يعالج الأسباب الجذرية للمشكلة.
كما توضح المؤلفة أن نقص المغنيسيوم وأوميغا 3 وفيتامين B12، إضافةً إلى اضطرابات الجهاز الهضمي والتعرض إلى السموم البيئية؛ يزيد القلق، وتقدم (فورا) إستراتيجيات فعالة للحد منه، مثل تحسين التغذية وممارسة الرياضة والنوم الجيد وتقنيات التنفس والتأمل، ويدعو الكتاب إلى تبني نهج شامل في علاج القلق بدلًا من الاعتماد على الأدوية فقط، ما يجعله دليلًا عمليًا لفهم القلق والتعامل معه بوعي وفعالية.
ثانيًا: التصنيف الجديد للقلق.. القلق الحقيقي والقلق الخاطئ
هناك تصنيفان للقلق دعونا نتعرف على كل منهما:
1. القلق الحقيقي (True Anxiety)
هو القلق الذي يعد رد فعل طبيعي تجاه أحداث أو تهديدات واقعية، يُعد آلية دفاعية مفيدة تساعد الإنسان على التعامل مع المخاطر، ويمكن عده دليلًا صحيًّا يدفع الإنسان إلى اتخاذ قرارات حكيمة، أو تغييرات ضرورية في حياته.
2. القلق الخاطئ (False Anxiety)
هو القلق الذي ينشأ بسبب اضطرابات جسدية أو نمط حياة غير صحي، وليس بسبب تهديد حقيقي.
من أسبابه: سوء التغذية وقلة النوم وتقلبات السكر في الدم ونقص بعض الفيتامينات والمعادن.
ويمكن علاجه بتصحيح العوامل الجسدية بدلًا من الاكتفاء بالعلاج النفسي فقط.
ثالثًا: الأسباب الجسدية للقلق وكيفية علاجها
الأسباب الجسدية للقلق منها:
نقص التغذية
توجد علاقة وثيقة بين الصحة العقلية والتغذية، فنقص بعض العناصر مثل المغنيسيوم وأوميغا 3 وفيتامين B12 يؤدي إلى زيادة القلق.
الحل: تحسين النظام الغذائي وإضافة مكملات غذائية عند الحاجة.
تقلبات السكر في الدم
انخفاض نسبة السكر في الدم يؤدي إلى الشعور بالتوتر والقلق، وتناول كميات كبيرة من السكر والكربوهيدرات المعالَجة يسبب تقلبات مزاجية حادة.
الحل: الاعتماد على نظام غذائي متوازن، وتقليل السكريات، وتناول البروتين والدهون الصحية.
اضطرابات النوم
قلة النوم أو جودته المتدنية تُعد من أهم العوامل المسببة للقلق.
الحل: اتباع نظام نوم منتظم، والابتعاد عن الشاشات قبل النوم، وتقليل الكافيين.
صحة الجهاز الهضمي
توجد علاقة بين صحة الأمعاء والصحة النفسية، فبكتيريا الأمعاء تؤثر في إنتاج النواقل العصبية؛ مثل السيروتونين.
الحل: تناول الأطعمة المخمرة، والابتعاد عن الأطعمة المصنعة، وتقليل استخدام المضادات الحيوية.
التعرض إلى السموم البيئية
المواد الكيميائية في المنتجات الاستهلاكية يمكن أن تؤثر في توازن الهرمونات والجهاز العصبي.
الحل: استخدام منتجات طبيعية، والابتعاد عن الملوثات البيئية.
رابعًا: إستراتيجيات التخلص من القلق
خطوات التخلص من القلق كالتالي:
تنظيم روتين النوم
النوم الجيد يعزز صحة الدماغ ويقلل نوبات القلق، يوصى بالنوم في غرفة مظلمة، بعيدًا عن الشاشات، وفي أوقات منتظمة.
التنفس العميق والتأمل
تساعد تقنيات التنفس العميق على تقليل استجابة الجسم للتوتر، فممارسة التأمل الذهني تساعد على تهدئة العقل وزيادة التركيز.
ممارسة الرياضة بانتظام
المشي واليوغا وتمارين القوة تسهم في تحسين المزاج وتقليل القلق، ويفضل ممارسة التمارين في الهواء الطلق للحصول على فوائد إضافية.
تحسين النظام الغذائي
تناول الأطعمة الغنية بالبروتين والدهون الصحية والخضراوات الورقية يقلل من القلق، وعليك تجنب الكافيين والكحول والسكريات المكررة.
التواصل الاجتماعي والدعم العاطفي
العلاقات الصحية بالأصدقاء والعائلة تساعد في التخفيف من الضغوط النفسية، فقضاء وقت مع الأحباء له تأثير إيجابي في الصحة العقلية.
إعادة تقييم الأفكار السلبية
فهم القلق والتعامل معه بكيفية أكثر وعيًّا يساعد في التحكم بالمشاعر السلبية، واستخدام العلاج المعرفي السلوكي (CBT) لمواجهة الأفكار المقلقة.
توصيات عملية للتعامل مع القلق لدى الأطفال
-
تحسين نظام النوم: تحقق من أن طفلك ينام في غرفة مظلمة وخالية من التشويش، وحدد وقتًا نومًا منتظمًا.
-
تعزيز التغذية الصحية: أضف إلى وجبات طفلك الأطعمة الغنية بالمغنيسيوم وأوميغا 3 وفيتامين B12.
-
تنفيذ تقنيات التنفس والتأمل: جرّب تمارين التنفس العميق مع طفلك لمساعدته على الاسترخاء.
-
المشاركة في الأنشطة البدنية: شجّع طفلك على ممارسة الرياضة بانتظام، سواء كانت المشي أو اليوغا.
-
التواصل الاجتماعي: وفر لطفلك فرصًا للتفاعل مع أقرانه في بيئة داعمة.
-
استشارة مختصين: إذا استمرت أعراض القلق، استشر طبيبًا نفسيًا أو مختصًا في علاج التوحد أو اضطرابات النوم.
في ختام هذا المقال، يتضح أن فهم القلق من منظور شامل يتطلب النظر إلى العوامل النفسية والجسدية معًا. فأبرزت الدكتورة إلن فورا في كتابها «تشريح القلق»، فإن التعامل مع الأسباب الجذرية للقلق، مثل التغذية السليمة، والنوم الكافي، وممارسة الرياضة، يمكن أن يسهم بشكل فعّال في التخفيف من حدته؛ لذا يُنصح بتبني نهج متكامل يعالج الجوانب المختلفة المؤثرة في الصحة النفسية لتحقيق توازن أفضل وجودة حياة أعلى.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.