في الجزء الأول من ملخص كتاب «الموجز في تاريخ القدس» سرد كاتبنا تاريخ القدس من القدس اليبوسية (3000 ق.م) إلى القدس في عهد الفرس (538 ق.م)، وفي الجزء الثاني من ملخص كتاب «الموجز في تاريخ القدس» سرد مؤلف الكتاب تاريخ القدس من القدس في عهد اليونان (332 ق.م) إلى القدس البيزنطية (330 م).
وفي الجزء الثالث من ملخص كتاب «الموجز في تاريخ القدس» لعارف باشا العارف الصادر عام 1951م الذي يسرد تاريخ القدس منذ عهد اليبوسيين في سنة 3000 ق.م حتى أواخر عهد الانتداب البريطاني عام 1947م، وصولًا إلى الجزء الرابع ، وقد استقى كاتبنا عارف باشا العارف بكتابة كتابه هذا عشرات الكتب والمراجع العربية والأجنبية.
الإحتلال الصليبي للقدس (1099 م) وأسباب الحملة الصليبية
احتل الصليبيون (القدس) في عام 1099 م، بعد أن قام البابا (أوريانوس الثاني) بتحريضهم على ذلك، واعدًا من يشترك في الحملة الصليبية بأن يُغفر له ما تقدم وما تأخر من ذنبه، وذلك بناءً على المعلومات التي جاءته من الراهب الفرنسي (بطرس الناسك)، حينما زار (القدس) قبل ذلك بأعوام عدة، فرأى البابا (أوريانوس الثاني) أنه يجب «إنقاذ» المسيحيين في الأرض المقدسة، و«إنقاذ» «ضريح» السيد المسيح من المسلمين الذين نعتهم بـ«الكفرة».
بينما يقول المؤرخون إن المسيحيين كانوا يعيشون مع إخوانهم المسلمين في ودٍ ووئام؛ لذلك، فقد كانت هناك أسبابٌ أخرى للحملة الصليبية، ألا وهي:
• التخلص من الفلسفة والثقافة العربية، كونها تناقض الإنجيل.
• الحيلولة دون تقاتل أمراء أوروبا، وشغلهم بدلًا من ذلك بمقاتلة أعدائهم المسلمين.
• جعل الأراض المقدسة لاتينية، وإزالة الأرثوذكسية منها.
تكونت الحملة الصليبية من ثلاثمئة ألف مقاتل من مختلف أنحاء أوروبا، وتقلص عددهم حينما وصلوا إلى بيت المقدس ليصبح خمسين ألفًا، وذلك لأنهم قد اقترفوا فظائع بالمدن التي مروا خلالها في طريقهم إلى الأرض المقدسة، فاضطر أهل تلك البلاد لمقاتلتهم، كما أن عددًا من المقاتلين قد عاد أدراجه.

حصار الصليبيين للقدس وسقوطها
في 7 حزيران/ يونيو عام 1099 م، حاصر الصليبيون (القدس) وعلى رأسهم كل من:
- (ريكاردوس) أمير سالارنوس.
- (غودفري دوبويون) أمير مقاطعة اللورين.
- الكونت (تنكريد ريموند) أمير مقاطعة طولوز.
- الكونت (روبرت أوف فلاندرس) أمير مقاطعة فلاندرة.
- الكونت (روبرت أوف نورماندي) أمير مقاطعة نورمانديا.
- إضافة إلى الكونت (سان جيل) و(كليرمونت) و(جرارد) و(بلدوين)، وغيرهم كثير.
في ذلك الوقت، كان الخليفة الفاطمي (المُستعلي بالله) قد عيَّنَ (افتخار الدولة) واليًا على المدينة، وقد دبَّ الضعف في البلاد بسبب تكالب السلاجقة على الحكم بعد مقتل (نظام الملك) في عام 1092 م، لذلك، فلم يتمكنوا من الدفاع عن المدينة، على الرغم من حشدهم جيشًا قوامه أربعون ألف مقاتل، لكنهم مع ذلك قاوموهم لأربعين يومًا، إلى أن سقطت المدينة في تمام الثالثة عصرًا من يوم الجمعة الموافق 15 تموز/ يوليو1099 م.
مجازر الصليبيين في القدس وتدنيس المقدسات
عندما دخل الصليبيون المدينة حكموا على من لم يفر منها بالموت، فقتلوا بذلك سبعين ألفًا، حتى من التجأ منهم إلى المسجد الأقصى، فارتكبوا بذلك فظائع لا يختلف اثنان من المؤرخين عليها، سواء كانوا غربيين أو شرقيين.
بعدما أنهى الصليبيون مجازرهم هناك، أرسلوا إلى البابا يخبروه أنهم قتلوا عددًا من المسلمين لا يُحصى، وكانت خيولهم تخوض في بحر دمائهم، وقد استولوا على معظم الممتلكات، سواء كانت للمسلمين أو المسيحيين، وحوَّلوا قبة الصخرة إلى كنيسةٍ أطلقوا عليها (Tempelum Domini)، وأطلقوا على المسجد الأقصى (Solomones Palatium Tempelum)، وأنقصوا مساحته، وقسموه لأجزاء، فكان جزء منه يُستخدم كنيسة، وجزءٌ آخر مسكن لفرسان الهيكل، والباقي كان مستودعًا لذخائرهم، أما السراديب القابعة تحت المسجد فكانت إسطبلًا لحيواناتهم.
ولم يكتف الصليبيون بـ(القدس) فحسب، فقد استولوا على البلدان المجاورة، وأنشئوا بذلك مملكة لاتينية، ونصَّبوا (غودفري دوبويون) أميرًا عليها، بعد أن توَّجوه بكنيسة القيامة، وعندما مات دفنوه بداخلها.
وحينما خلفه أخوه (بلدوين الأول) في المدة من 1100 م: 1118 م، أضحت (القدس) عاصمةً لمملكته الممتدة من (بيروت) إلى (العقبة)، وكان يجبي الضرائب من القوافل القادمة من مصر وسوريا والحجاز، ومع ذلك فكان الأمن مفقودًا في تلك المملكة، وذلك بسبب تربص عددٍ كبير من الناس على الطرق، ولا سيما الطريق الرابط بين (أريحا) و(القدس)، والذين أطلق عليهم الراهب الروسي (دانيال) في أثناء زيارته إلى (القدس) في عام 1106 م لقب «قطاع الطرق»، لكن قطاع الطرق هؤلاء هم الذين نجوا من مذابح الصليبيين، فتجمعوا وظلوا منتظرين الفرص للانقضاض على الصليبيين.
تعاقب ملوك الصليبيين على العرش بعد وفاة (بلدوين الأول)، فتولى بعده (بلدوين الثاني)، ثم (مليسنده) و(فولك أنجو)، ثم (مليسنده) و(بلدوين الثالث)، ثم حكم (بلدوين الثالث) بمفرده، ثم خلفه (آموري الأول)، ثم (بلدوين الرابع) فالخامس، إلى أن اعتلى عرشهم (سيبل) و(غاي دولوسينيان)، الذي قام (صلاح الدين الأيوبي) في عهده بفتح بيت المقدس.
ومن الآثار التى خلفها الصليبيون وراءهم كنيسة القديسة حنة الواقعة بين باب الأسباط وباب حطة، والتي سُمِّيت الآن باسم الكنيسة الصلاحية، إضافة إلى كنيسة الداوية التي يعتقد المسيحيون أنها كانت بالمكان الذي يقوم عليه الآن المسجد العمري، كما أنهم قاموا بتوسعة كبيرة في (البيمارستان) أي المشفى الذي شيده الفاطميون قبل ذلك، وأقاموا بجانبه نزلًا، أُقيمَ على أنقاضه الآن سوق الخضر المعروف باسم سوق البيزار.
القدس وصلاح الدين (1187 م): التحرير والإعمار
كما نعلم فقد وقعت (القدس) بأيدي الصليبيين في عهد (الأفضل) وتحديدًا في عام 1099 م. وقد أخذ الأمير (نور الدين) على عاتقه مسؤولية تحريرها حينما اعتلى العرش في عام 1154 م، فأرسل الفدائيين لبيت المقدس ليأتوه بأخبارها.
وقد عَثَرَ الباحثون هناك على نقوشٍ وكتابات على جدران مغارةٍ أسفل جبل الزيتون، وقد أرجعوها لمنتصف القرن السادس الهجري، وقال المستشرقون إنها ترجع للمتصوفين، وقال بعضهم إنها لقطَّاع الطرق، ويرى كاتبنا أنها ترجع للفدائيين الذين أرسلهم (نور الدين).
بعد وفاة الأمير (نور الدين) جاء (صلاح الدين) من بعده مكملًا لمسيرته، فانتصر على الصليبيين بمعركة حطين عام 1187 م، ثم توجه لتحرير بيت المقدس، وبعد معارك عنيفة دارت هناك بينه وبين الصليبيين، أرسلوا له (باليان) رسولًا ومُحذرًا إياه من اقتحام المدينة، فحينها سيقتلون أسرى المسلمين ويهدمون مسجدي الأقصى وقبة الصخرة.

بعد أن أخذ (صلاح الدين) المشورة، قرر طردهم فارضًا عليهم الجزية، وقد تكفل هو نفسه بدفعها عن عشرة آلاف من غير المقتدرين، وتكفل أخوه (سيف الدين) بدفعها عن سبعة آلاف. وهكذا فُتِحَ بيت المقدس يوم الجمعة الموافق 27 رجب 583 ه - 2 تشرين الأول/ أكتوبر 1187 م.
بعد أن أتم له ما أراد، أزال علامات الصليبيين التي وضعوها بمسجدي الأقصى وقبة الصخرة لتنصيره، وانتعشت بعهده التجارة من جديد خاصة التصدير.
وقد أعاد (صلاح الدين) إعمار المدينة، فأنشأ (الخانقاة الصلاحية) بالقرب من كنيسة القيامة، وجدَّدَ سور المدينة مرةً أخرى، وأنشأ أبراجًا حربية بين بابي العمود والخليل، وحفر خنادق عدة أسفل السور كي يصعب على الصليبيين اجتيازه إذا ما حاولوا احتلاله، وقد شارك هو وأولاده وأخوه (سيف الدين) بأعمال البناء.
وأنشأ أيضًا (قبة يوسف) بالجزء الجنوبي من (قبة الصخرة)، وأنشأ على جبل الطور جامع الجبل، وأنشأ المدرسة الخنثنية بجوار المسجد الأقصى.
وأنشأ المدرسة الصلاحية عند باب الأسباط، وكانت تلك المدرسة فيما مضى مدرسةً للروم، وقد بُنيت بالمكان نفسه الذي كان به بيت (حنة) والدة السيدة (مريم) العذراء، وكانت بعهد الصليبيين كنيسة تُسمى (حنة)، وقد ظلت على هذه الحال حتى أنشأ (صلاح الدين) المدرسة قبل وفاته بعام، وبقيت على حالها حتى القرن التاسع عشر، حيث إن العثمانيين تنازلوا عنها للفرنسيين بعد مشاركتهم معهم بحرب القرم، وقد جعلها الفرنسيون مدرسة إكليركية، لكن العثمانيين جعلوا منها كلية قبيل الحرب الكونية الأولى، وأطلقوا عليها اسم الكلية الصلاحية، وحينما سقطت (القدس) بأيدي الإنجليز، أعادوها كما كانت بأيدي الفرنسيين، وهي الآن مدرسة وبها متحف وكنيسة.
وعلى مقربةٍ من باب الساهرة أنشأ المدرسة الميمونية، وقد طواها النسيان بفعل الزمن، فأمست خربة، لكن العثمانيين أعادوا تعميرها بأواخر القرن العشرين، وأطلقوا عليها اسم (قدس شريف مكتب أعداديس)، وقد سُميت تلك المدرسة خطأً باسم (المأمونية) نسبةً إلى الخليفة العباسي (المأمون)، وقد تحولت بعد احتلال الإنجليز لـ(فلسطين) لمدرسةٍ للبنات.
القدس وحفدة صلاح الدين (1193 م).. صراعات الأيوبيين على القدس
بعد وفاة (صلاح الدين) في عام 1193 م، انقسمت البلاد أجزاءً عدة، وخضعت الشام و(فلسطين) لحكم ابنه الملك الأفضل، وهو الذي أنشأ هناك المدرسة الأفضلية بحارة المغاربة، وأنشأ أيضًا المسجد العمري الواقع بالقرب من كنيسة القيامة.
بعد مدة من الزمن تنازل الملك الأفضل عن حكم (القدس) لأخيه الملك العزيز، لكنه تنازع معه على حكمها بالعام التالي، وآل حكمها بالنهاية للملك العزيز.
بعد وفاة الملك العزيز في عام 1198 م، تولى الحكم ولده الصغير الملك المنصور، وكان الأمير (بهاء الدين قراقوش) وصيًا على العرش، وفي عهده حدثت فتن وحروب أهلية، فانقسمت البلاد على إثرها بين الملك المنصور بوصاية عمه الملك الأفضل، وبين الملك العادل عم الملك الأفضل، وقد تغلب الملك العادل على ابن أخيه بالنهاية، وأنشأ بعهده المطهرة وساقية الحرم والمدرسة الجراحية بحي الشيخ جراح.
بعد وفاة الملك العادل، تولى الحكم ابنه الملك المعظم، فأنشأ هناك المدرسة المعظمية في عام 1213 م، والمدرسة البدرية بحي الواد، والرواق الشمالي للمسجد الأقصى، وسبيل شعلان، وقام بتخريب (القدس) لتخوفه من أن يستولي الفرنجة عليها.
تولى الحكم بعده ابنه الملك الناصر (صلاح الدين داوود)، ولحداثة سنه استولى عمه الكامل على معظم البلاد، وجعله بعد ذلك حاكمًا على (القدس) و(نابلس) و(الكرك) و(البلقاء).
بعد وفاة الملك الكامل تولى الحكم ابنه الملك الصالح (نجم الدين أيوب)، فأكمل مسيرة والده، واستولى على ما تبقى من البلاد، لكن الملك الناصر تمكن من استعادتها منه مجددًا.
وبسبب خطر الفرنجة المُحدِّق بـ (القدس) تحالف الملك الناصر مع ابن عمه الملك الصالح لمحاربتهم، لكنهما سُرعان ما اختلفا، فتمكن الفرنجة من الاستيلاء على (القدس).
على إثر ما حلَّ بـ(القدس) استنجد أهل مصر والشام بالخوارزميبن، فهبوا لنصرتهم، لكن الصليبيين جمعوا صفوفهم من جديد، وحاربوا الملك الصالح، وقد وافته المنية بخضم المعارك، فاعتلى العرش ابنه الملك المعظم (غياث الدين تورانشاه)، لكن المماليك تآمروا عليه، فقتلوه، وانتهى بذلك حكم الأيوبيين.
القدس في عهد المماليك (1250 م): ازدهار عمراني وعلمي
بعدما قَتَلَ المماليك الملك المعظم (غياث الدين تورانشاه) نصَّبوا (شجرة الدر) ملكةً عليهم، وعُيِّنَ الأمير (عز الدين أيبك) التركماني قائدًا للجيش، وقد تنازلت له عن المُلك بعد مدة قصيرة، وبعدما قُتِلَ، تولى ابنه الصغير الملك المنصور (علي) الحكم في عام 1257 م، وقد خَرَجَ عليه أهل الشام، ونصبوا الملك المغيث بن العادل بن الكامل بن العادل أيوب ملكًا عليهم، وتغلب أهل مصر على الملك، ونصبوا الأمير (سيف الدين قطز) ملكًا عليهم.
بعدما قُتل الملك المظفر (سيف الدين قطز)، تولى قاتله الأمير (ركن الدين بيبرس) الحكم في عام 1260 م، وقد أنشأ الملك الظاهر (ركن الدين بيبرس) دار الحديث على طريق باب السلسلة، والمدرسة الأباصيرية بجوار باب الناظر، وبنى مسجدًا عند قبر (موسى) عليه السلام، ورمموا الأجزاء المتهدمة من مسجد قبة الصخرة، وجعل بعض القرى وقفًا لينفق ريعها على المسجد.

بعد وفاة الملك المظفر (سيف الدين قطز)، تولى ابنه الملك السعيد (ناصر الدين محمد) الحكم بعام 1277 م، وخلفه أخوه الملك العادل (بدر الدين سلامش)، وتولى الحكم بعد ذلك الملك المنصور (سيف الدين قلاوون) في عام 1280 م، وقد عمَّر (القدس)، فأنشأ بها رباط قلاوون غربي باب الناظر، وأنشأ بطريق دير اللاتين مسجد القلندري، إضافة إلى الكبكبية.
بعد وفاة الملك المنصور (سيف الدين قلاوون)، تولى ابنه الملك الأشرف (صلاح الدين خليل) الحكم بعام 1290 م، وخلفه أخوه الملك الناصر (محمد بن قلاوون)، ثم الملك العادل (زين الدين كتبغا)، ثم الملك المنصور (حسام الدين لاجين)، ثم عاد الملك الناصر (محمد بن قلاوون) مرة أخرى، وتولى الحكم بعده الملك المظفر (ركن الدين بيبرس)، ثم عاد مجددًا الملك الناصر (محمد بن قلاوون).
يتضح من أعمال الملك الناصر (محمد بن قلاوون) بـ(القدس) أنها كانت محط اهتمامه؛ فقد أنشأ بها رباط الكرد أمام المدرسة الأرغونية ناحية باب الحديد، وأنشأ المدرسة الدوادارية عند بابٍ يحمل اسمها، وأنشأ ناحية الشمال منها المدرسة السلامية والمدرسة الموصلية، وأنشأ المدرسة الوجيهية عند باب الغوانمة، والمدرسة الجالقية بالقرب من الحرم، وأنشأ المدرسة الجاولية شمالي الحرم، وقد حُولت بعد ذلك لدارٍ للنيابة، وجعلها العثمانيون مقرًا للحكم.
وفي عام 1922 م أعادها المجلس الإسلامي كما كانت، وأطلق عليها اسم (روضة المعارف الوطنية)، وحولها الإنجليز في أثناء ثورة فلسطين لمركزٍ للشرطة، وفي حرب 1948 م أصبحت مقرًا للمناضلين، ثم أصبحت مقرًا لكتيبةٍ من كتائب الجيش العربي.
وأنشأ الملك الناصر أيضًا أحد أبواب الحرم الشمالية، وهو باب العتم، وأنشأ المدرسة الكريمية بباب حطة، والمدرسة التنكزية بباب السلسلة، والتي تحولت بعد ذلك لدارٍ للحديث، ثم لمقر للقضاء، وأصبحت بعهد العثمانيين محكمة شرعية، إلى أن أصبحت سكنًا لرئيس المجلس الإسلامي.
وأنشأ أيضًا الخانقاه الفخرية الواقعة بالقرب من المسجد الأقصى من جهة الغرب، وأنشأ المدرسة الأمينية الواقعة غربي باب شرف الأنبياء، والمدرسة الملكية أو مدرسة الجواكندار، وهي المدرسة الواقعة بين المدرسة الفارسية من جهة الشرق والمدرسة الأسعردية من جهة الغرب، ورمم السور القبلي وقناة السبيل والقلعة، وأنشأ جامعًا بداخلها، وأعاد تذهيب قبتي الأقصى والصخرة. وعلى الرغم من قدسية (القدس) عنده، فإنها كانت منفى لمن حل عليه غضبه.
بعد وفاته، اعتلى العرش ثمانية من أبنائه بالمدة من 1341 م - 1361 م، وتعاقب بعدهم على الحكم ثلاثة أمراء بالمدة من 1361 م - 1381 م.
وبتلك المدة نشأت كثير من المدارس كالمدرسة الفارسية الواقعة بالقرب من المدرسة الملكية من جهة الغرب، والمدرسة الخاتونية بباب الحديد، ومدرسة الأمير منكلي أو المدرسة البلدية الواقعة شمالي باب السكينة، والمدرسة الأسعردية الواقعة بالقرب من المدرسة الجاولية من جهة الشمال، وقد تحولت تلك المدرسة بأوائل القرن العشرين لدارٍ للكتب تابعة للمسجد الأقصى.
وأنشأ الأمير (تشتمر السيفي) المدرسة التشتمرية بعام 759 ه - 1357 م، وأنشأ الأمير (طشتمر العلائي) المدرسة الطشتمرية بعام 784 ه - 1382 م وأنشأ الأمير (سيف الدين منجك) المدرسة المنجكية شمالي باب الناظر بعام 762 ه - 1360 م وقد اتخذها المجلس الإسلامي مقرًا له بالربع الأول من القرن العشرين.
ودار القرآن السلامية تجاه دار الحديث على طريق باب السلسلة، وأنشأوا بالقرب من المدرسة الوجيهية المدرسة المحدثية، وقد أُلحق جزء منها بكلية روضة المعارف الوطنية.
إضافة إلى المدرسة الحسنية عند باب الأسباط، والمدرسة الطازية بطريق باب السلسلة، والمدرسة البارودية الواقعة بالقرب من المدرسة التشتمرية، والمدرسة الحنبلية بباب الحديد، والمدرسة اللؤلوية بجوار حمام علاء الدين الأباصيري.
ولا ننسى المدرسة الأرغونية عند باب الحديد التي شرع بإنشائها الأمير (أرغون الكاملي) بعام 758 ه - 1357 م، وأتم بناءها الأمير (ركن الدين بيبرس) بالعام التالي، وقد وارى بها الثرى جثمان مُفجِّر الثورة العربية الكبرى.
بعام 1382 م، أسس الملك الظاهر (برقوق) دولة المماليك الثانية، وأنشأ بعدها المدرسة الجهاركسية بجوار الزاوية اليونسية، والمدرسة الطولونية غربي باب الأسباط، وخان السلطان، إضافة لدار الست التي أطلق عليها المقدسيون «تربة خاصكي سلطان».
تعاقب كثير من الملوك على الحكم بعد وفاة الملك الظاهر (برقوق)، وقد شُيدت بتلك الفترة المدرسة النصيبية الواقعة غربي المدرسة الأسعردية، والمدرسة الفنرية الواقعة أمام المدرسة الطولونية من جهة الشرق، والمدرسة الكاملية الواقعة بالقرب من جهة الشمال.
في المدة التي تولى بها الملك الأشرف (برسباي) الحكم، أي بالفترة من 1422 م: 1437 م، نشأت كثير من المدارس كالمدرسة الباسطية الواقعة بالقرب من باب العتم، والمدرسة الحسنية الواقعة غربي الحرم، والمدرسة العثمانية عند باب المتوضأ، والمدرسة القادرية، وجُدد سبيل شعلان، وأُنشئ سبيل علاء الدين البصري.
وبعهد الملك العزيز (يوسف بن برسباي) بُنيت المدرسة الجوهرية الواقعة عند باب الحديد.
بعام 1453 م. وتولى الحكم الملك الأشرف (إينال)، وقد قام بتعمير المسجد الأقصى بعام 1460 م، وأنشئ سبيل قايتباي الواقع بين المطهرة وقبة الصخرة.
بعهد الملك الظاهر (خشقدم) بُنيت المدرسة الأشرفية الواقعة بجوار باب السلسلة، وفي عهد الملك الأشرف (قايتباي) بُنيت كثير من المدارس، كالمدرسة المزهرية الواقعة بباب الحديد وناحية المدرسة الجوهرية، والمدرسة الزمينية الواقعة غربي الحرم، والمدرسة الأشرفية الواقعة بالقرب من باب السلسلة، وتلك المدرسة بُنيت بعهد الملك الظاهر (خشقدم)، لكنها نُسِبت بعد ذلك للملك الظاهر (قايتباي)، وقد قام بهدمها وبنائها من جديد، فأصبحت أجمل مدرسة بُنيت بهذا العهد.
بعد وفاة الملك الأشرف (قايتباي) أخذت دولة المماليك بالانحدار إلى أن أفلت شمسها بعد انتصار العثمانيين عليهم بموقعة (مرج دابق)، إحدى معارك الحرب التي قُتِلَ بها الملك الأشرف (قنصوة الغوري)، فبايع المماليك حينها الأمير (طومان باي)، لكنه لقي مصرعه على يد السلطان العثماني (سليم الأول)، وذهبت بذلك دولة المماليك أدراج الرياح.
تنويه: إن ما قرأتموه يعرض فقط بعض ملامح الكتاب، ولا يغني إطلاقًا عن قراءة الكتاب.
إذا حاز ما كتبناه على إعجابكم فلا تنسوا الاشتراك حتى يتسنى لكم قراءة كل جديد.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.