ولكن لكلٍ غرضه! شهرُ المنافسة والعالم مشغول بالبطولة 24 ساعة، وكل جمهور دولة مشاركة يعرض فنونه المختلفة في ساحات المشجعين، ومن المثير للدهشة أن تكاليف البطولة تقدَّر بالتريليونات، وأنتم ماذا برأيكم هل يجب على الاتحاد الدولي تحقيق نسبة من العوائد لفقراء العالم الثالث؟
اقرأ أيضاً ملخص وأهداف مباراة البرتغال والأوروغواي
كرة القدم رياضة مسلية ومتعة ما بعدها متعة
العالم يموج بمخاطر وصراعات عديدة، وسفك دماء عن حق، وأغلبها عن باطل، وتحزبات وتحالفات ظاهرها الحق وباطنها العذاب، ولكن عندما يأتي مجال الحديث عن الرياضة وخاصَّة كرة القدم ينتقل الحديث إليها، وبعيداً عن التعصب المقيت فهي رياضة مسلية لمن مارسها ولمن لم يمارسها ويتذوقها.
وكلاعب سابق في الستينيَّات والسبعينيَّات ومقيد بالاتحاد المصري لكرة القدم في الأعوام 1974/1977 في نادي أهلي فارسكور القسم الثاني (ممتاز ب)... وبمركز شباب مدينة السرو من قبل، أجدُ في ممارسة كرة القدم متعة ما بعدها متعة؛ فهي تقوم بعملية غسيل طبيعي للمخ وللبدن عموماً وبدون أدوية، وعندما تكون حزيناً تضيع الحزن، وعندما تكون مهموماً تزيل الهموم، كل هذا بدون أدوية كيمائية أو حتى طبيعية، ولهذا ما أزال أمارسها حتى الآن رغم السن، ومن ثم فهي تحافظ على الصحة العامة للإنسان، وتحسِّن وظائفه الفسيولوجية، وحتى المتذوق لها ولا يمارسها تفعل معه الشيء نفسه.
اقرأ أيضاً ملخص وأهداف مباراة البرازيل وسويسرا بكأس العالم
تاريخ كأس العالم
ولكل هذا أقيمت المسابقات على المستوى المحلي، والقاري، والعالمي، ويجرى التنافس في كل مستوى، وبنفس الحماس، وبنفس الاهتمام على المستويات الثلاث بخلاف المنافسات الودية في المناسبات المختلفة، وخارج نطاق المسابقات الرسمية، وعلى مستوى البلدان والقرى والعزب والكفور.
وتسعى كل دولة للنجاح في التصفيات المؤهلة لكأس العالم وهو درة التاج التي يسعى إليها الجميع، وتجيش الجيوش الرياضية لتحقيق ذلك التي بدأت لأجله.
نهضت الفكرة مرَّة أخرى عام 1921 على يد المحامي الفرنسي جول ريميه، والذي أصبح لاحقاً رئيساً للاتحاد الدولي لكرة القدم، والذي عمل جاهداً لإطلاق أول بطولة عالمية لكرة القدم، وبعد مرور سبعة أعوام على تعيينه في منصب الرئاسة، وافق للاتحاد الدولي لكرة القدم في اجتماع تاريخي عقد في 25 مايو 1928 على إقرار بطولة كأس العالم، وتسميتها ببطولة كأس النصر.
المرحلة الأولى يصعد 16 فريقاً، وفي المرحلة الثنية يصعد ثماني فرق لدور الثمانية، ثم يصعد 4 فرق للدور قبل النهائي، ثم يصعد فريقين للدور النهائي، ويتنافس الفريقان اللذان لم يوفقا في بلوغ النهائي على المركز الثالث، والمركز الرابع كأس العالم لكرة القدم، مقسمين على ثماني مجموعات، يتنافسون للظفر بلقب البطولة لشهر كامل على ملاعب البلد المستضيف، وتتأهل هذه المنتخبات إلى البطولة عن طريق نظام للتصفيات يقام على مدى ثلاث سنوات.
شهدت النسخ العشرين عدداً من تابع المباراة النهائية ب 715 مليون شخص، حامل اللقب الحالي هو منتخب فرنسا، والذي فاز بالنسخة الأخيرة في 2018، والتي أقيمت في روسيا، ولأول مرة أدخلت خاصية الفار (استخدام الحواسب في تصحيح قرارات الحكم)، وتقام البطولة الحالية الجارية الآن في قطر)).
مراحل تصفيات كأس العالم
وفي هذا الخضم الذي يبدأ بالتصفيات المؤهلة لكأس العالم، يتسابق المتنافسون، ومنهم من ينجح ويفتخر بالوصول إلى كأس العالم، ومنهم من يفشل ويحاول البحث عن أسباب الفشل، وقد تطيح باتحادات الكرة، إضافة إلى نقد الجمهور العنيف للفاشلين.
وعندما يحين ميعاد إقامة كأس العالم ترى الجميع يتحرَّك من جماهير ومن فرق ومن إعلام رياضي فهو المولِّد الكبير الذي يدور فيه كل البشر حكومات وجماهير وفرق ونقاد.
ولأن بداية الكأس أوروبية فالذين أنشأوا الاتحاد الدولي أعطوا حصة كبيرة للمشاركة للدول الأوروبية على حساب باقي الدول الأخرى، وهذا ظلم كبير أو يمكن أن نقول عنها تلك قسمة ظالمة وإن كان هناك إعطاء حصص أكبر لدول العالم خارج النطاق الأوروبي إلا أنها لا تعبِّر عن التمثيل الحقيقي لهذه الدول، إضافة إلى ظلم آخر أنها لا تسند لدول من العالم الثالث إلا قليلاً وعلى استحياء.
اقرأ أيضاً عائلة مالكولم غليزر قد تبيع نادي مانشستر يونايتد بعد سنوات من غضب المشجعين
كأس العالم ليست مجرد مسابقة!
ومسابقة كأس العالم لم تعُد مجرد لقاءات رياضية، بل صناعة كاملة فالدولة التي يسند إليها إقامة كأس العالم مطالبة بتجهيزات معدة سلفاً قبل ميعاد البطولة من مبانٍ وفنادق ومواصلات وقدرة على استقبال آلاف الجماهير، وقدرة على توفير وسائل المعيشة لجش جرار، وعلى سبيل المثال فدولة قطر- وهي الدولة التي حظيت بتنظيمها وتجرى البطولة بها الآن منذ 20 نوفمبر وحتى 18 ديسمبر القادم- تكلفت تجهيزات تعادل أو تقرب من 300 مليار دولار..
وهو رقم فلكي يستطيع أن يحل مشاكل الفقراء، ولكنها الكرة المجنونة التي يلهث وراءها الجميع سواء المواطنين أو المسؤولين، فالجماهير تريد أن تنسى معاناتها وتفرغ مكنون همومها بالفرجة والتذوق، والمسؤولون يؤيدون للجماهير أن تنسى مطالبها وتتفرغ للكرة، فهي إذن مسابقة مفيدة للجميع!
وليس فقط تجهيزات البطولة، بل تكاليف الفرق ولو جمعت تكاليف الفرق المشاركة فهي تتعدى التريليونات من الدولارات سواء تكاليف اللاعبين أو الأجهزة الفنية، والإدارية أو تكاليف التدريب والمعيشة، وتطورت صناعة ملابس اللاعبين، وصناعة كرة القدم وصناعة الملاعب الرياضية من نجيل صناعي، وغيره، ودخلت أجهزة حديثة في مجال الطب الرياضي.
اقرأ أيضاً شاهد أهداف مباراة كرواتيا وكندا بكأس العالم.. مباراة نارية
الإعلام الرياضي وتغطيات كأس العالم
وفي مجال الإعلام من إعلام ورقي، إلى إعلام مسموع، إلى إعلام مرئي، إلى وسائل النقل الإعلامي الحديثة، إضافة إلى الأجهزة المستخدمة في البث الإذاعي بكافة أنواعه.
ويلعب الإعلام دوراً كبيراً في تغطية أنشطة المهرجان الكبير ونقل المباريات، أيضاً به ظلم فهي مشفرة وتنقل بالثمن، وهذا لا يلائم الدول الفقيرة في التمتُّع بهذا الحدث.
وفي كأس العالم تظهر كفاءات من اللاعبين ومن المدربين، وتشتهر على الساحة العالمية الرياضية، وتستمر في العطاء، وتطور من أدائها نتيجة الثقة التي اكتسبتها، كما تقيم الدولة المضيفة بما حققته من تنظيم للبطولة من كافة النواحي.
وتظهر بدع الجماهير في التعبير عن تأييدها لفرق بلادها من حيث الملبس، والمظهر، والأغاني، والأهازيج، والموسيقى المصاحبة، فهو عرس كروى شامل.
وبالطَّبع ينظم البطولة الاتحاد الدولي لكرة القدم المسمى اختصاراً (الفيفا)، وقد استقر الأمر على تسميته عرفياً دولة الفيفا، وأضيف لها العظمى!
وينصب السيرك لمدة شهر تقريباً ينسى فيه العالم صراعاته وحروبه، وتنسى فيها الشعوب همومهم وآلامهم ومعاناتهم، وينسى فيه المسؤولون غضب الجماهير المشغولة بكأس العالم، ويتمنون أن يستمر لسنوات.
ولا تقتصر الحكاية على هذا الحد، بل يظل لها وجه آخر خاصَّة لمن يصل إلى المباراة النهائية، وخاصَّة الخاصة من يفوز بالبطولة تظل الأفراح والليالي الملاح بعد فوزه وبعد عودته إلى موطنه، حيث الاحتفالات المستمرة لمدة شهر أو أكثر يتحدث بها الركبان في كل مكان..
وتسقط أجهزة فنية ومسؤولون عن الاتحادات المحلية، والتي فشلت في الصعود للنهائيات أو خرجت من البطولة مبكراً بعد صعودها!
ويعود العالم بعد البطولة إلى اهتمامات أخرى، ويدورون في ساقية الحياة، وتبرز عناوين أخرى من الهموم ومن الآلام ومن صعوبة تكاليف المعيشة، ويتمنَّى المسؤولون في كل بلدان العالم أن تقام مسابقة كأس العالم كل شهر!
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.