في صمت الليل، حين يغفو الضجيج
تتوسَّد الأرواح نبضَ السكون
تمضي الرياح كعابرةِ سبيل
تحمل أسرار الشجر..
وأحلام الراحلين.
تتحدث النجوم، بلا صوتٍ
ترسم على قماش السماء..
خطوطًا مبعثرة
كأنها رسالةٌ من عابرٍ مجهول
أو حلمٌ فقد طريقه في عتمة العمر.
تحت شجرةٍ عتيقة
تحكي جذورها حكايات السنين
حيث كان العاشقون يتهامسون
والأطفال يركضون بين ظلالها
واليوم، يراقبها الصمت.
من نافذةٍ صغيرةٍ على الزمان
يطلُّ وجهٌ غريب
يعبره ألف سؤالٍ بلا جواب
عن الغد الذي يختبئ خلف الجبال
وعن الأمس الذي عبر كريحٍ باردة.
المطر يسقط برفقٍ
كأنه يواسي الأرض
يمسح عن وجهها غبار السنين
ويعيد للأغصان ربيعها
لعلَّها تبتسم ولو للحظة.
ألا تسمعون حكايات الطرقات؟
كل خطوةٍ عليها حكاية
كل حجرٍ يحمل ذكريات
ضحكاتٌ، وبكاء..
وآمالٌ تلاشت في الأفق البعيد.
في الزوايا المنسية من المدن
تسكن الأحلام المهجورة
ترتجف تحت برد الزمن
تنتظر لمسة دفءٍ
أو صوتًا يعيد الحياة لنبضها.
لكن، هل للحياة أن تُعيد ما سُلب؟
هل تعتذر الأيام عن قسوتها؟
أم أن الزمن يمضي كغريب
لا ينظر للخلف
ولا يترك أثرًا إلا الحنين؟
يا أيها العابرون في دهاليز العمر
احملوا قلوبكم بخفة
ولا تخشوا الرحيل
فالحياة نهرٌ لا يلتفت
ولكنه يحملنا نحو الأفق المجهول.
في الريح، صوتٌ يشبه النحيب
يتردد عبر الجبال والوديان
يحمل في طياته أسرارًا منسية
وآمالًا عاشت ثم ماتت بصمت.
عند كل منعطفٍ في الطريق
هناك ظلٌ يشير إلى الماضي
يعود بنا إلى لحظاتٍ كنا فيها
نضحك بلا خوفٍ، بلا قيود.
على أطراف المدينة القديمة
تتراكم الحجارة فوق الحجارة
تنسج جدرانها حكايات الرحيل
وتطوي في قلبها وجوهًا وأسماء.
السحب تركض بلا هدف
كأنها تبحث عن شيءٍ مفقود
تتغير ألوانها بين الغضب والحزن
ثم تختفي في حضن الأفق.
هل تُدرك الأشجار معنى الثبات؟
هي تقف صامدة رغم الرياح
لكنها تحمل في حلقاتها ذكرياتٍ
عن شتاءٍ قاسٍ، وصيفٍ حارق.
وعلى وجه الماء، تتكسر الصور
تنعكس وجوهنا لكنها مشوهة
كما لو أن الزمن مرَّ عليها
وسرق منها نقاء اللحظة الأولى.
على شواطئ الحلم البعيد
ترسو قوارب الانتظار
محملة بأمتعةٍ من الأمل
لكنها بلا مجدافٍ
تتركها الأمواج لمصيرٍ مجهول.
عند الفجر، عندما ينهض الضوء
تُدفن أسرار الليل في الظل
ويبقى النهار شاهدًا صامتًا
على ما خبأته السماء بين النجوم.
لكن، هل يغفر لنا النهار؟
وهل تعود لنا الليالي التي أضعناها؟
أم أن العمر يسير بخطى ثابتة
لا تعود، ولا تنتظر أحدًا؟
يا أيها المسافرون في قطار الزمن
لا تخشوا المحطات التي تأخرتم عنها
فكل محطة تحمل معنى جديدًا
وكل نهاية تُخبئ بدايةً خفية.
روعة ... دمتي مبدعة ومتألقة اسماء
كم هى جميلة ورائعة كلماتك
حقا إحساس صادق مرهف
تحياتى لك
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.