قصيدة «ما الهدى إن ساح الذنب؟».. شعر فصحى

بتُّ أنا مجنونًا حين استحضرت عقلي
فما كان بي مسٌّ ولا قهرت نفسي
لولا سر المجهول ما استمرت ذاتي
وكيف يجرؤ الشر أن ينفذ إلى روحي؟
فأنا مؤمن بما قسمه الله لي كقدري
ولست كافرًا بما أرشدني إليه حسبي
قد وليت أدباري حين ساقني حتفي
ألم يكن ماضي حارسي فوكلته أمري؟
كل البينات شاءت وقضت أن تلف بحظي
فما لي إلا ما أدركت من قوت يومي
وما يهديني إلا ما جاءني به فكري
ألم يأتني نبأ حريتي بعدما استرجعت حقي؟
وما زلت منتظرًا شفاعة من محراب قبلتي
ما شاء تعالى كان وما لامست شفائي
فطوبى لمن تشبث حتى اهتدى كما ظني
أفلا ينتحب التائب عن زلته كما فعل فؤادي؟
فيا ليتني تمسكت بحبي لما غاب عني
قد استبيح جرحي إن كنت ظالما لغيري
وإني لست أبالي إن طعنت في ظهري
آه منك يا زمان... أتبتسم لي أم تشفق لحالي؟
فما أضحيت أكترث لسخط أحد أيامي
والعمر أصله أجزاء من فترات زمني
ولكن أمسى أملي ثابتًا على خطى أسلافي
فهل يستوي من أقسم بالحق ومزهق سري؟
ولست مهتابًا من شيء أكثر من جهالتي
ويلي إن سقطت في جحافل سوء تقديري
فما أنا بقائل ما ليس يهتف به ضميري
وكيف أتوب ولست إلا ما قدمته لي أحلامي؟
بها بدا الفؤاد يطرب لشذى ألحان نبراتي
ومنها شاع نور الصدق على مجرى لساني
فيها كنت الأسعد ومنها أتلذذ بطعم حياتي
وما سبيل الهدى إن شاخ ذنب كذنبي؟
فتناسيت ما تبقى لي منه من أجلي
ما أنا الملام إن أضعت صبابة عمري
ولا أنا قانت على فعل رجز كما شيطاني
فمتى سأعوذ بالله منه ليتبين صوابي؟
إذ ما عدت أتمسك بشيء يوجع صدري
ولم أهب يومًا كل ما قد يصد آمالي
فللعلم شعاعه وللجهل ظلال كما شكي
أين أنت يا زمان... فأنا هنا إن كنت لي؟
يا ما أناي صاحت في وجهك: يا ظالمي...
وأنت لا تصغي لغريق أو لمحب مثلي
فتكفيك قسوتك علي ويكفيني صبري