طوَى الإفطارُ من وجه النهار
عُبوسًا عالقًا بين الحِصارِ
عُبُوسًا راسمًا ما ليس بِشْرًا
عبُوسًا صار يغشى في الجِهار
عبوسًا عانَق القسَماتِ جهلا
عبُوسًا من جمالِ الرسمِ عارِ
عبوسًا رافقَ القيظَ المسجَّى
عبوسًا طافَ يومًا باستتار
ووجه الصائم الملقي ضياءً
غشاه والعبوسُ به يجاري
فلم تطُل الليالي في صيام
فإن نهارَه طولٌ يواري
فلم يكنِ النهارُ بذاك موجًا
ولكن وهو بحرٌ لانتظارِ
ولم يُرْخِ النهارُ به سدولا
ولكنْ وهو طيَّاتُ اقتدارِ
فمن صام النهارَ يراه بحرًا
فليس يُطيقُ أعماقَ اختبارِ
ولكنْ مَنْ يغصْ للصومِ بحرًا
عليه بأن يكون على الجِوارِ
فمن ظنَّ الصيامَ خفيفَ صبرٍ
عليه بأن يُزوَّدَ باصطبارِ
كأن الصوم كان رفيقَ شمسٍ
بكانو إذ حرارتُها كنارِ
وحين يصومُ فيها أهل تقوى
فإن صيامَهم مثل الضواري
كأن الشمسَ تحبس رَوحَ نفسٍ
وتُطلِقُ حرّها بين الصحاري
كأن حرارة الشمس استقلّتْ
بكانو حين تسكن في الديار
وتتركُ همَّ مَنْ صامَ انقيادًا
بِعُقرِ الدار في ضعفِ المدار
ومنْ قاسى حرارة أرضِ كانو
كمن جَمْرًا يلاعبُ في النهارِ
وليس نهارُهم بنهارِ يأسٍ
ولكن وهو بالطاعات جارِ
هنا اصطحبوا ضياءَ الشمس غُنْمًا
وكل الهمِّ للطاعات دارِ
إذا لم يستطع غرباءُ صومًا
فلا صومًا تمنّى غير جارِ
وليس الصوم في صحراء كانو
لدى مَنْ صام دوما بالبوارِ
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.