قصة "يوم في منزلي".. قصص قصيرة

في صغري لم أجد من ألعب معه في حين كان جميع من في سني لديهم أصدقاء ويلعبون ويتهامسون حولي ويتنمرون عليَّ، لذا كنتُ أحب اللعب وحدب مع صديقتي التي اختلقتها في عقلي في ذلك الوقت.

نعم كنتُ في سن الحادية عشرة، وبسبب وزني الزائد لم يكن لدي أصدقاء، ولكن لم أكن أعرف أن ما اختلقته سوف يعود عليَّ بالشر وعلى من حولي!

نعم بالشر، فليس ما اختلقته كان مزيفًا بل كان حقيقيًّا، لا تستغربوا من ذلك فستعرفون هذا قريبًا جدًا..

في يومٍ من الأيام دخلتْ أمي إلى غرفتي، حيث وجدتني ألعب بألعاب المطبخ مع "أميرة"، نعم أسميتها "أميرة"؛ فهي أميرتي. ولكن أمي لا تعرفها؛ لأنها لم ترها، فقط أنا من يراها حتى الآن.

كنتُ سعيدة للغاية باللعب معها يوميًّا، حتى في وقت اختباراتي الدراسية كانت معي تهمس في أذني بالإجابات، وتُطيب خاطري حين تكون الاختبارات صعبة، فهي تجعلها في عينيّ سهلة ممتنعة.

كَبُرنا معًا وصارت ترافقني أينما ذهبت، حتى حين أحببتُ شخصًا كانت تهمس لي إن كان جيدًا لنا أم لا، وإن رأت في عينيه الخيانة كانت تقول لي ابتعدي، حتى إنني لم أكن أصدقها وتماشيتُ مع قلبي وعقلي في حب شخصٍ ما، ورجعتُ بخيبة أمل حين عدتُ إليها منكسرة من كلامه ووعوده التي كانت وهمية حتى وصل إلى غرضه مني..

وهكذا عدتُ إلى عقلي وأكملت تعليمي وانتهيت حمدًا لله، ولم أعد أرى أميرة.

في ذلك الوقت أدركتُ أنها كانت مجرد لعبة في خيالي وانتهت، واستمرَّت حياتي العملية بعدها في نجاح باهر. أصبحتُ رشيقة جدًا، فقد نظمتُ لنفسي نظامًا غذائيًّا يتماشى مع حياتي وقدرتي المادية، وأصبحتُ جميلة شكلًا وكلامًا.

حينها أتتني إعارة إلى إحدى الدول الأوروبية، وانتقلتُ إلى هناك.. أردتُ أن أكون الأولى في عملي وكنتُ أجتهدُ جدًا في ذلك، حتى إنني صرتُ أصغر مدير عام للعلاقات العامة في الشركة وأصبح لي شأن كبير خلال مدة قصيرة .

في يومٍ ما تعرَّضتُ لحادثٍ في أحد الأسواق، ودهست  إحدى العربيات رجلي. حينها تطلب الأمر أن أجلس في المنزل أسبوعين حتى أستطيع فقط أن أمشي، فكان يومي يقتصر على سريري والكتب وهاتفي ومرآتي.

نعم فأنا أعشق المرآة، وأتحدثُ معها يوميًّا، وذلك منذ وفاة أمي (نعم نسيت أن أخبركم بأنها توفيت قبل سفري إلى الإعارة وهي كل ما لدي، فليس لدي إخوة، ووالدي انفصل عنها منذ ولادتي حين عرف أنني فتاة، ولكن سيكون له دور في نهاية مشواري).

كان عليَّ أن أتحدث إلى مرآتي بما حدث لي، وأخبرها أن العربة التي دهست رجلي يملكها شخص وسيم وجذاب للغاية.

وحين نزل من العربة بعينيه الزرقاوين دخل إلى قلبي كالسهم، قد أسرني منذ تلك اللحظة، وآهٍ حين أمسكني ورفعني ناحيته ليسندني حتى أقوم، وأنا أسرح بخيالي معه في عالم آخر!

تمنيتُ أن أعيش معه. كان يصرخ في وجهي قائلًا: - "أأنتِ بخير؟ أتريدين الذهاب إلى المستشفى للاطمئنان؟" وأنا كنتُ أنظر إليه دون التحدث بكلمة، فقد فقدتُ النطق حينها ولم أشعر بنفسي إلا وأنا في المستشفى والطبيب يقول له إنها تحتاج إلى الراحة مدة أسبوعين.

ها أنا ذي على سريري مع مرآتي أكلمها، هل سأراه مرة أخرى؟ وإن رأيته كيف أتحدث معه؟ وماذا سأقول له حينها؟

يا مرآتي هناك صوت في المطبخ، هل هذه وقعت الأطباق على الأرض أم أن صنبور المياه يُنزل بعض القطرات؟

سوف أنهض وأنظر، ولكن ابقي أنتِ هنا لتفكري به حتى أعود ونكمل حديثنا..

ياه! ما هذا اليوم الغريب حقًا! حتى النور يا ربي ينقطع عني.. سأحضر هاتفي من الغرفة هناك، فهي ليست بعيدة إنها في آخر الطريق وأشغل الكشاف حتى أرى، فهذه المرة الأولى التي ينقطع فيها النور في مثل هذا الوقت أم أنه ينقطع حين أذهب لعملي!

من الواضح أنني سأعيش أيامًا جميلة في هذا البيت وهذه الإجازة.. ها هو الهاتف (صوت فرقعة) قلبي يدق للغاية، الرعب يُسيطر على أعصابي!

اهدئي سيكون ماذا! فقط مجرد عطل في أسلاك الكهرباء. نعم هو كذلك (رن الهاتف فجأة) أوه يا ربي ما هذا الرعب! ولكن من من من؟!

إنه صاحب العينين الزرقاوين! اندمجتُ في الحديث معه، لقد سألني عن حالي وعن إصابتي، وهل أستطيع الخروج معه في موعد.. أنا لا أصدق هذا!

أيطلب مني الخروج في موعد؟ قلبي يرجف من الفرحة وأيضًا من الأصوات الغريبة التي أسمعها الآن (هناك شيء ما يقترب ناحيتها ويريد ملامسة كتفيها).

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة