حسن رجل كبير السّنّ وهرم، وقد كان يعمل بشركة متخصّصة في مشروعات البناء، وكان هو المسؤول عن تقديم العطاءات والعروض لكلّ المشاريع الكبيرة الّتي تدخلها الشّركة، وقد كانت ثقة رؤسائه فيه كبيرة جدًّا جدًّا بسبب التزامه بمواعيده ودقّته في عمله وحرصه على إتمامه على أكمل وجه ممكن.واحترامه لجميع من يعمل معه بداية من رئيس مجلس الإدارة مرورًا برؤسائه وزملائه في المكتب وصولًا للسّعاة البسطاء.
وقد كان سعيدًا بحياته البسيطة في مجال عمله، وأيضًا في وسط أسرته الصّغيرة المكوّنة من زوجته وابن و ابنة بمراحل الدّراسة الإعداديّة، وأيضًا والدته الّتي تعيش معه منذ وفاة والده الحاج محمد -رحمة الله عليه-، وكانت وتيرة الحياة تسير بطبيعتها بيسر ومحبّة بين كلّ أفراد العائلة، وقد كانت زوجته تقوم بواجباتها تجاهه.
وتجاه أولادهم ووالدة زوجها بكلّ حبّ ورحابة وسعة صدر، ولم يكن هناك ما يعكّر صفو هذه الحياة حتّى سكنت الشّقّة المجاورة لهم سيّدة لعوب وحقودة ولا تحبّ الخير لأحد، وللأسف فقد تقرّبت من زوجة العمّ حسن، وتودّدت لها، وصادقتها برغم عدم راحة العمّ حسن لوجود هذه الجارة، ولدخولها حياتهم وتقاربها مع زوجته، ولكنّه لم يكن يريد أن يغضب زوجته، أو يفرض عليها قطع علاقتها بهذه الجارة..
حتّى بدأت تتغلغل داخل حياتهم، وتوسوس لزوجته وتوقع بينها وبين والدته، ولاحظ أنّ زوجته أصبحت كثيرة الشّكوى من والدته السّيّدة المسنّة الطّيّبة، والّتي لا تهشّ ولا تنشّ ولكن للأسف كانت جارتهم مثل الشّيطان الّذي ينفخ في النّار.
فجعلت الزّوجة غير راضية عن حياتها من جميع الوجوه، وحاوطت زوجها العمّ حسن بالمشاكل والاحتجاجات والطّلبات، وآخرها طلب الطّلاق بعد عشرة السّنين ممّا زاد عليه الضّغوط من عمل ومصاريف وزوجة غير راضية ومتقلّبة المزاج، وفجأه وأثناء عمله في الشّركة وقع من طوله بسبب ضغط في عضلة القلب.
واتّصل زملاؤه بالإسعاف وهو بين الموت والحياة، وجاءت سيّارة الإسعاف، وحمله زملاؤه في العمل فوق النّقالة، وركب معه رئيسه في المكتب والممرّض، وسار السّائق إلى المستشفى سريعًا لمحاولة إنعاشه وإفاقته، ولحظّهم العثر اصطدمت سيّارة الإسعاف بسيّارة نقل ظهرت أمامهم فجأة.
وكانت النّتيجة الغريبة جدًّا والّتي سطّرها القدر أن مات السّائق والممرّض ورئيس مكتبه، في حين أنّ العمّ حسن عادت عضلته لوضعها الطّبيعيّ، وفاق من الغيبوبة بسبب الصّدام، وعاش العمّ حسن، وعاد لمنزله لكي يحاول إصلاح اعوجاج زوجته، وإبعادها عن جارتها السّيئة، وعاد الثّلاثة الأصحّاء الّذين كانوا معه بسيارة الإسعاف في توابيت لدفنهم..
وسبحان الله، ولكلّ أجل معلوم ...
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.