قصة"وهكذا سقط القناع".. قصة قصيرة

التقت عقارب ساعة الحائط "الشك بن" مع بعضها، تدق بصوت عالٍ معلنة عن يوم جديد، لكنه يوم مختلف يأتي في العام مرة واحدة فقط، إنه رأس السنة.

تحركْت بحماس شديد نحو حاسوبها المتنقل، لتفتح ذاك الحساب المزيف التي تعوَّدت على فتحه كل عام في نفس الميعاد لتضيف ضحية أخرى في مجلد الضحايا، وتزيد ذنوباً عظيمة في ميزانها عند اللَّه.

قطع تركيزها الشديد وتنقلها بين الصفحات للعثور على مبتغاها صوتُ رنين هاتفها الخلوي الذي جعلها تتأفف وتحاول التهرب، فعزمت على الرد ببرود، وإنهاء المكالمة بأسرع وقت للعودة إلى ما ينتشي به قلبها.

التقطت هاتفها وأجابت باقتضاب: نعم، أتاها صوت رفيقتها الهادئ وهي تقول: السلام عليكِ، كيف حالكِ يا هايدي؟

ردت هايدي بتململ شديد: وعليكِ السلام، الحمد لله ماذا عنكِ أنتِ يا فاطمة، كل عام وأنتِ بخير.

وأنتِ بخير هايدي، ماذا تفعلين الآن؟ شعرت بالملل بعض الشيء، فجال بخاطري أن أتحدث إليكِ لكي يمضي الوقت بنا، ولنتحدث ونُخرج ما يجول في صدورنا معاً.

تنهدت هايدي بضيق شديد حاولت إخفاءه، ولكن صوتها خدعها وتسربت تلك المشاعر السيئة إلى فاطمة التي تابعت قولها بكلمات تنبعث منها نسائم هادئة طيبة: أنا أعلم أنني ثقيلة على قلبك، وأنا على يقين تام أنكِ لا تحبّذي وجودي من الأساس، وتتمنين الآن أن تغلقي الخط معي، وتركضين إلى حاسوبك الشخصي لتفعلي ما تفعلينه كل عام.

ارتبكت هايدي وتملّك الغضب منها بقوة حتى إن صوتها كان يهدر بعنف وهي تجيبها: ماذا؟ ما هو الذي أفعله كل عام يا هذه؟ من أعطاكِ الحق أن تتحدثي إليّ بهذا الأسلوب، انتبهي لحديثك فاطمة.

ابتسمت فاطمة بهدوء وهي تقول بطيب خاطر: أنا آسفة، لا تحزني بسببي، ولا يحمل قلبكِ ثقلاً عليّ، أنا فقط أحبكِ في اللَّه، ويصعب على قلبي رؤيتكِ تغرقين وأترككِ يا هايدي، صدقيني لقد جننت عندما أخبرتني زينب، أريدك أن تسمعيني جيداً، ولا تقاطعي حديثي، لأنها قصّت عليّ كل شيء، لأنها تحبك ولولا فرط خوفها عليكِ لما تحدثت أبداً، صدقيني حبيبتي الغالية، ولكن في حقيقة الأمر أيضاً أنا من أقسمت عليها كثيراً لكي تخبرني سبب حزنها وتفكيرها الزائد، وأقسمت عليها أيضاً أن تتركني أتحدث إليكِ وأمنعكِ، علني أقدر على ذلك لكي..

قطع حديثها صوت صراخ هايدي وهي تقول بوقاحة متناهية: شقيقتك تلك أنا من سيعيد تربيتها من جديد، ومن تلك الليلة لا أريدها في حياتي، كما أنني أيضاً لا أريد معرفتك أنت الأخرى، وأنصحك بعدم تكرار تلك المكالمة مرة أخرى، لكيلا أقلل من احترامي معك، وتشاهدين وجهي الآخر، الذي لن يعجبك أبداً.

أنهت حديثها الخالي من الأدب ثم أغلقت الخط بوجهها، ولم تستجب لأي محاولات من فاطمة للحديث مرة أخرى، وما كان من الأخيرة سوي البكاء على حال صديقة شقيقتها التي تمسك بيدها مفاتيح جهنم ونارها الموقدة في طريقها المظلم ذاك.

دوت صرخة عالية في أذن هايدي بعد تلك المكالمة، إنّها تتذكر تلك الصرخة جيداً، صرخة تسببت بكل شيء سيئ يحمله قلبها، حتى الآن تلك الصرخة ما كانت إلا صرخة والدتها عندما كان يضربها والد هايدي حتى قتلها يوماً من كثرة العنف الجسدي، ودخل على إثرها السجن لسنوات طويلة حتى مات وتعفن داخله، لكن الثروة الضخمة التي تركها لابنته الوحيدة، جعلت الخاوية بطونهم، والمتعطشة قلوبهم لحب المال يشتتون أمرها بينهم من منزل إلى منزل بين أفراد العائلة حتى قررت أن تعيش بمفردها وصممت على ذلك.

منذ ذلك اليوم وهي تكره أن ترى أي زوجين سعداء موفقين في حياتهم، تكره أن ترى بيوتاً هادئةً ساكنة، تلتحفها الغيرة الشديدة المدمرة كلما رأت رجلاً يقدس حياته الزوجية، ويعطي الحب والحنان لبيته فقط، فعزمت أمرها على شيء واحد فقط وهو الانتقام، وتدمير أي منزل مستقر هادئ في كل عام، تحديداً ليلة رأس السنة، الليلة التي سقطت فيها والدتها جثة هامدة، تنتقم لموتها بطريقتها الخاصة، وتحرق الأخضر واليابس لأناس لا تعرف عنهم أي شيء، ولكن هكذا صوَّر لها عقلها الانتقام غير عابئة أنها بتلك الأفعال ستكون جنداً للشيطان، فليس هنالك من عمل محبب إلى إبليس وقبيلته أكثر من التفريق بين المرء وزوجه، ولا يوجد أي مبرر عند رب العالمين يواري تلك المعاصي.

فتحت ذاك الحساب المزيف وظلت تتنقل بين صفحات بعض المستخدمين باحثة عن ضالتها حتى وجدت في إحدى المجموعات النسائية منشوراً تسأل صاحبته عن تجربة الأخريات في حياتها مع زوجها، تجاهلت تماماً كل التعليقات السلبية التي تُظهر معاناتهنّ مع شركاء حياتهنّ، ركزت كل اهتمامها على اللواتي يمدحن كثيراً في بعولتهنّ وحياتهنّ اللطيفة بصحبتهم، حتى وجدت أخيراً ما تبحث عنه، سيدة تتغزل في صفات زوجها وصورة ملفها الشخصي تعبر عن سعادتهما وحبهما، شعرت بالحقد والغضب والغيرة، فقررت أن تكون تسليتها هذه الليلة ولمدة أسبوع كامل بتلك الأسرة السعيدة، بعد أن تجولت بصفحتها وصفحته أيضاً، وشاهدت الحب والمزاح بينهما في التعليقات والمنشورات حتى كونت فكرة عن شخصيتيهما، شئنا أم أبينا للأسف ما يسمى الفيس بوك جعل حياتنا مفضوحة للمحب والمُبغض لنا.

أرسلت هايدي رسالة إلى تلك السيدة المدعوة جيهان كامل - كما تحمل صفحتها من تعريف للاسم - عبر تطبيق الماسنجر، وكان فحواها ينشر رائحة الكره والغل وسواد القلب، حيث كتبت: زوجكِ متزوج عليكِ، ويتمنى من صميم قلبه أن يطلقكِ ويلقي بكِ في أقرب صندوق قمامة، ولكي أكون منصفة هو يتمنى لكِ أكثر من ذلك يتمنى لكِ الموت، فخلّي ببعض الدماء بعروقك، واتركينا نعيش فرحين، فهو يقص عليّ كل ليلة أنه يكرهكِ ويبغضكِ كثيراً، ويحبني بل يعشقني أنا، لو عندك القليل من الكرامة ارحلي عنا، هو لا يحبكِ كما أخبرتك، ويتجمل معكِ بالحب شفقةً عليكِ لا أكثر، وشفقة على حال أولاده، يخاف أن تهربي بهم وتحرميه من رؤيتهم، لكنني لن أتنازل عنه أبداً، ولن أصمت مرة أخرى، أراه يتعذب وأظل صامتة، سأخلصه منكِ، لأنه مضطر للعيش معكِ، والتمثيل عليكِ كل دقيقة، ها أنا أخبركِ أنه لا مقارنة بيننا بعد اليوم، إما وجودك بجواره أو وجودي، وبالطبع سيكون وجودي.  

ببرودة أعصاب تامة انتهت من كتابة تلك الحروف المؤذية البشعة ثم أغلقت حاسوبها غير مكترثة بأي عواقب أو أي ظروف ستعيشها تلك الأسرة بسببها، وضعت رأسها على وسادتها، تملأ السعادة والشماتة قلبها حتى ذهبت في نوم عميق.

مرت بعض الأيام القليلة حتى جاء مساء يوم ما كانت هايدي تشاهد في نومها والدتها تصرخ وتستغيث، ووالدها يركض خلفها، تعرّق جسدها، وتأوّهت برعب من ذاك الكابوس الذي لازمها طوال تلك السنوات الماضية، فتحت عينيها بخوف شديد إثر دقات عالية متتالية على باب شقتها، وصوت جهوري ذكوري يحثها بلهجة آمرة أن تفتح الباب وتمتثل لأوامره، تعالى صدرها وهبط بعنف ورعب، وقلبها يكاد أن يتوقف من شدة دقاته وسرعته، لكنها توجهت إلى الباب وبصوت منخفض قالت: من بالباب، من أنتم، وماذا تريدون مني؟

أتاها صوت رجل جاد مخيف حيث قال بثقة وثبات: نحن الشرطة، عليكِ الآن فتح الباب وإلا اضطررنا لاستخدام القوة يا هذه.

يا إلهي، ماذا تفعلون أمام بيتي؟ إنكم بالتأكيد مخطئون في عنوان البيت، أنا لست مشاغبة ولا مجرمة.

أجابها الضابط بلهجة قوية آمرة: سوف أعدُّ للعشرة، إن لم تمتثلي لأمري وتفتحين الباب، أرسلت إليكِ قبضة حديدية تأخذ قلبك من مكانه.

ارتعدت أوصالها من طريقته في الحديث معها، ففتحت الباب بسرعة وهي ترتعش من الخوف والبرد أيضاً، وبمجرد أن رأت الضابط ومعه بعض العسكر أمامها بهيئتهم المهيبة تلك وقعت مغشياً عليها.

 فاقت هايدي من غفوتها غير المقصودة لتشاهد أمامها ضابطاً يجلس منكباً على أوراق أمامه، ويبدو أنها الآن في غرفة التحقيق، فابتلعت ريقها قائلة بعزيمة قليلة مزيفة:

هل من الممكن أن تخبرني ما الذي جعلكم تأتون بي إلى هنا؟ وأنا البريئة التي لم ترتكب أي حماقة أو شغباً يضطرني للجلوس أمام حضرتك الآن، هل هناك خطأ ما؟ نظر إليها الضابط شزراً ثم قال بحزم: تقدمي إليّ من فضلك، واجلسي أمامي لكي نبدأ التحقيق معكِ على وجه السرعة.

نهضت بأقدام مهزوزة، وتقدمت إليه لتقول بصوت خائف:

التحقيق معي أنا، هل سيادتك متأكد من أنك تتحدث إلى الشخصية الصحيحة؟

نظر إليها نظرة قوية ثاقبة قبل أن يتفوه بعصبية:

اجلسي أمامي الآن، وسنرى إذا كنتُ متأكداً أم أنني أهوى اللعب والتسلية يا هذه.

ابتلعت ريقها بصعوبة شديدة، ولم تستطع الرد؛ لأن الخوف ألجم لسانها، فجلست أمامه وهي منكسة الرأس، ضعيفة الجسد والروح، فتابع قائلاً بتساؤل جديد:

 ما اسمك، وسنك، وعنوانك الكامل؟

قالت باستخفاف: يبدو أنك تمزح سيدي، هل من المنطقي أن تسألني عن تلك الأشياء وأنت من جلبني إلى هنا، بالتأكيد تعلم الإجابة أليس كذلك؟

صرخ بها الضابط بصوت هادر بعث الفزع والاضطراب بداخلها:

هل تسخرين مني، ولك القدرة أن تتفوهين بالمزاح أيضاً؟ سأريكِ ما الذي سأفعله بكِ إن لم تنضبطي وتجيبي على كل حرف أسأله بمنتهى الاحترام والطاعة، أنتِ هنا في مكان لابد أن تكوني فيه مثل الحذاء الذي ترتدينه بقدمك، وتجيبي مثل الهرة على أسئلتي فقط.

أجابته بنبرة مهزوزة تماماً: اسمي هايدي عبد السلام محمود، أقطن في..، وعمري أربع وعشرون عاماً.

ما هو قولك في المنسوب إليكِ في مقتل السيدة جيهان كامل مرتضى حيث وجدنا رسائل على هاتفها المحمول من حساب مجهول على الفيس بوك يقوم بتهديدها؟ وتتبعنا الحساب ووجدنا أنه يعود إلى حاسوبك الشخصي، فتحركنا على إثر ذلك، وقمنا بإحضارك للتحقيق معك.

لم تعِ هايدي ما يتحدث عنه الضابط، هزت رأسها بعدم استيعاب يقرب إلى السذاجة ثم غمغمت بصوت باكٍ:

مقتل؟ حضرتك تقول مقتل؟ هل ما التقطته أذني صحيحاً؟ ما الذي تقوله سيادتك؟ مقتل مَن؟ وما علاقتي أنا به؟

السؤال هنا يكون ما علاقتك بالسيدة جيهان وزوجها، وهل يوجد بينك وبين الأخير علاقة غرامية دفعتك لتهديد القتيلة للتخلص منها إما بالطلاق أو بالموت كما ذكرتِ برسالتك لها؟

أي رسالة تلك؟ اقتضبت حديثها، وتذكرت ما فعلته برأس السنة، ورسالتها بالفعل للسيدة جيهان لتفرق بينها وبين زوجها كالمعتاد، لكنها لم تفهم عن أي مقتل يتحدث الضابط.

حثها الضابط على مواصلة حديثها قائلاً بصوت عالٍ:

تحدثي بسرعة، أنتِ تضيعين الوقت، وتجعلين صبري ينفد، وأنصحك بألا تحاولي أن تجربي نفاد صبري، لن يعجبك إطلاقا.

وضعت كفيها على وجهها تبكي بانهيار متوسلة بضعف شديد: أرجوك يا سيادة الضابط أن تشرح لي قليلاً ما تتحدث عنه، إنني حقاً لا أفهم، أقسم لك أني لا أستوعب ما تقول، أي مقتل هذا؟ وما علاقتي بتلك السيدة من الأساس، ما الذي حدث؟

أجابها الضابط موضحاً بتحفظ: تم قتل السيدة جيهان، وزوجها متغيب عن عين العدالة، لم يثمر البحث عن مكانه حتى الآن، ولكننا وجدنا رسالة مضمونها تهديد صريح لشخص القتيلة من حاسوبك الشخصي، وأنت الآن مطالبة بإيضاح الأمر أمام القانون.

أشار إلى الكاتب بجواره أن يكمل ما يسجل من حديث يدور أمام ناظريه ومسمعه ثم تابع قائلاً بتساؤل جديّ: أين هو زوج القتيلة، وما هي علاقتك به؟

بكت وانتحبت وهي تخبره بحقيقة الأمر، وما تفعله كل عام بخجل مغلف برعب بالغ، لكنها رأت أن حقيقة ما تفعله أهون بكثير من القتل وتحمُّل عواقبه وهي بريئة، فقالت وهي تشيح بيديها في الهواء بهيستريا خائفة:

لا لا، أنا لم أقتل أحداً، أو حتى أساهم بقتلها أنا فقط كنت أتلاعب بها لكي تفترق عن زوجها، أنا أفعل ذلك كل عام منذ وفاة والدتي أو بالأحرى منذ أن قتلها أبي، أنا لم أقتل أحداً، أقسم على ذلك، فليصدقني أحد ما، أنا بريئة، لم أقتل أحداً.

أمر الضابط بأخذها على مكان حجز المجرمين والمجرمات لحين عرضهم على النيابة للبتّ في أمرهم، وترحيلهم إلى المحكمة لتلقي الحكم المناسب لجرائمهم.

بعد مرور أيام مضت عليها كأنها أعوام لا تعرف ليلها من نهارها تم القبض على زوج القتيلة واعترف بكل شيء حيث قال: الشيطان، إنه الشيطان اللعين، أنا لا أعرف كيف فعلت ذلك؟ سوف أصاب بالجنون! أنا لم أكن أحب في حياتي كلها مثل زوجتي جيهان، عقب رأس السنة ببضعة أيام اختلفنا وتشاجرنا، لأنني كنت كثير الغيرة عليها، وكنت أريدها أن تترك العمل، كنا دوماً نتشاجر بسبب ذلك الموضوع؛ لأنها كانت دائماً تقابله بالرفض التام، لكنني في تلك الليلة قد جَنَّ جنوني بسبب طلبها للطلاق ومقدرتها على الابتعاد عني، ارتفعت أصواتنا وبالأخص صوتها هي، جذبتُ سترتي لكي أذهب لوالدتي كيلا يكون نتاج ذلك الشجار قراراً سريعاً نندم عليه كلانا، جذبتني جيهان إليها بقوة وهي تقول بصراخ: تعال إلى هنا، إلى أين تذهب؟ قف هنا، وتحدث إليّ، ولا تترك الموضوع القائم بيننا يعوم في المياه كالأسماك، فأجبتها بلا مبالاة مصطنعة لكي أضايقها: إنني لا يهمني أمرها مطلقاً، وإنني سوف أقوم بطلاقها كما طلبت مني، جَن جنونها وأصبحت مثل الثور الهائج، وشدّت قبضتها عليّ وهي تصرخ بعنف أنها هي التي لا تريدني بقربها، وأنها تتمنى الخلاص مني بأسرع وقت وبأبسط الطرق، تملصتُ من قبضتها بقوة من شدة غيظي ولم أدرك أنها ستقع على رأسها، وتأخذ ضربة قوية تؤدي إلى موتها، لم تصرخ، لم تستغثْ بأي أحد، لم أسمعها، ولم أسمع صوت الضربة.

عند وصوله لتلك النقطة انهار باكياً بصدق ثم تابع بعد أن تمكن من الهدوء قليلا: عندما تلقيت الخبر شعرت بخوف شديد، ولم أقدر على التفكير بشكل صحيح، أقسم بروحها أنني لم أقصد أبدا قتلها، أنا بدونها مثل الجثة المتحركة، أتمنى أن أراها، وأشم رائحتها، وأعتذر كثيراً لها.

عند سؤاله عن هايدي بدا على وجهه التعجب، ونفى تماماً أنه يعرف عنها أي شيء، وبعد البحث والتدقيق على حاسوبها تأكدوا من صحة أقوالها أنها ليست المرة الأولى التي ترسل تلك الرسالة، فأمروا بالإفراج عنها بعد أن توقع تعهداً بعدم تكرار مثل تلك الأفعال.

بعد أن خرجت بملابس رثة، ووجه شاحب، وقلب عليل تائب توبة نصوحة جاءت بعد درس قاسٍ استحقته، لم يذكر عقلها سوى زينب وفاطمة، فاتجهت نحو بيتهما تقدم ساقاً وتؤخر الأخرى، وقفت أمام المنزل مترددة هل تدق الجرس أم تذهب من حيث جاءت؟  شاهدتها فاطمة من النافذة ففتحت لها الباب بسرعة وأخذتها بين أحضانها، فبكت هايدي وأخذت تذرف من الدموع حرها.

قدمت لها الطعام وحثتها على الاستحمام حتى تحضر لها ثياباً نظيفة، خجلت هايدي من نفسها كثيراً عندما تذكرت كيف عاملتها هي وشقيقتها، والآن لم يمدَّ أحد يديه إليها سواهما.

جلست معهما بعد أن استراحت قليلاً، فوجهت الحديث إلى فاطمة حيث قالت بتوتر: هل تظنين أن اللَّه سيغفر لي يا فاطمة، هل سيتجاوز عن سيئاتي وذنوبي التي لا تغفر أبداً؟

أجابت الأخيرة بحبّ: إن اللَّه غفور رحيم يا حبيبتي، نعم ذنبك عظيم وكبير، لكن اللَّه أكبر وأعظم، اطلبي منه السماح والمغفرة، وتقرّبي إليه بأحبّ الأشياء إليه بالصدقات والصوم والصلاة، واخشعي في صلاتك، وتحدثي إليه بتلاوة القرآن الكريم، واستغفريه كثيراً ليلاً ونهاراً.

تبدّل حال هايدي كثيراً بعد تلك الحادثة، فأصبحت تتعلم الدين والقرآن، وتقضي فراغها في كل طاعة وعبادة يحبها اللَّه تعالى، وصارت مثالاً حياً للالتزام والاحترام.

كاتبة روائية مصرية صدر لي العديد من الاعمال الالكترونية واول اعمال الورقية في معرض الكتاب 2022 ان شاء الله ابلغ من العمر 27 سنة شغوفة بالكتابة والابداع

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

نوفمبر 30, 2021, 10:30 ص

مقال جميل

ارجو ان تقرا مقالاتى و تعطينى رايك

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

هل تحب القراءة؟ كن على اطلاع دائم بآخر الأخبار من خلال الانضمام مجاناً إلى نشرة جوَّك الإلكترونية

مقالات ذات صلة
نوفمبر 28, 2023, 7:07 ص - ظافر أحمد أحمد
نوفمبر 28, 2023, 6:48 ص - ظافر أحمد أحمد
نوفمبر 28, 2023, 5:34 ص - محمد سمير سيد علي
نوفمبر 27, 2023, 10:49 ص - أسماء خشبة
نوفمبر 27, 2023, 9:50 ص - محمد عربي ابوشوشة
نوفمبر 26, 2023, 9:14 ص - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 26, 2023, 8:54 ص - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 24, 2023, 9:55 ص - زبيدة محمد علي شعب
نوفمبر 24, 2023, 9:03 ص - سفيان صابر الشاوش
نوفمبر 23, 2023, 5:14 م - عبدالخالق كلاليب
نوفمبر 23, 2023, 3:18 م - مصطفى محفوظ محمد رشوان
نوفمبر 23, 2023, 11:13 ص - سفيان صابر الشاوش
نوفمبر 23, 2023, 10:15 ص - سومر محمد زرقا
نوفمبر 23, 2023, 9:11 ص - حسن المكاوي
نوفمبر 22, 2023, 1:01 م - محمد محمد صالح عجيلي
نوفمبر 22, 2023, 9:13 ص - حسن المكاوي
نوفمبر 21, 2023, 5:02 م - أحمد عبد المعبود البوهي
نوفمبر 21, 2023, 6:16 ص - هبه عبد الرحمن سعيد
نوفمبر 20, 2023, 7:07 ص - غزلان نعناع
نوفمبر 19, 2023, 12:12 م - التجاني حمد احمد محمد
نوفمبر 18, 2023, 11:20 ص - مصطفى محفوظ محمد رشوان
نوفمبر 18, 2023, 10:59 ص - جوَّك آداب
نوفمبر 16, 2023, 2:07 م - بوعمرة نوال
نوفمبر 16, 2023, 9:00 ص - زبيدة محمد علي شعب
نوفمبر 15, 2023, 8:43 ص - جوَّك آداب
نوفمبر 14, 2023, 4:49 م - هيثم عبدالكريم عبدالغني هيكل
نوفمبر 14, 2023, 2:00 م - سالمة يوسفي
نوفمبر 14, 2023, 7:57 ص - سيرين غازي بدير
نوفمبر 14, 2023, 6:19 ص - غزلان نعناع
نوفمبر 13, 2023, 7:38 ص - غزلان نعناع
نوفمبر 13, 2023, 6:59 ص - رايا بهاء الدين البيك
نوفمبر 12, 2023, 8:39 ص - محمد محمد صالح عجيلي
نوفمبر 11, 2023, 2:17 م - منال خليل
نوفمبر 11, 2023, 7:49 ص - رايا بهاء الدين البيك
نوفمبر 10, 2023, 12:05 م - خوله كامل عبدالله الكردي
نوفمبر 10, 2023, 9:02 ص - هيثم عبدالكريم عبدالغني هيكل
نوفمبر 9, 2023, 9:49 ص - جوَّك آداب
نوفمبر 8, 2023, 12:36 م - جوَّك آداب
نوفمبر 8, 2023, 9:53 ص - جوَّك آداب
نوفمبر 7, 2023, 9:46 ص - هاجر فايز سعيد
نوفمبر 7, 2023, 9:35 ص - غزلان نعناع
نوفمبر 7, 2023, 9:19 ص - حنين عبد السلام حجازي
نوفمبر 7, 2023, 5:10 ص - محمد محمد صالح عجيلي
نوفمبر 6, 2023, 11:03 ص - بدر سالم
نوفمبر 5, 2023, 10:20 ص - خوله كامل عبدالله الكردي
نوفمبر 4, 2023, 8:32 م - حنين عبد السلام حجازي
نوفمبر 4, 2023, 3:28 م - ناصر مصطفى جميل
نوفمبر 4, 2023, 2:19 م - بدر سالم
نوفمبر 4, 2023, 10:57 ص - هاجر فايز سعيد
نوفمبر 3, 2023, 7:42 ص - رايا بهاء الدين البيك
نوفمبر 3, 2023, 5:45 ص - ياسر الجزائري
نوفمبر 2, 2023, 9:19 ص - احمد صالح احمد مقبل الصيادي
نوفمبر 2, 2023, 9:14 ص - إياد عبدالله علي احمد
نوفمبر 2, 2023, 8:35 ص - سمير الطيب عبد الله
نوفمبر 1, 2023, 3:12 م - احمد صالح احمد مقبل الصيادي
نوفمبر 1, 2023, 12:52 م - ماجد محمد رضوان
نوفمبر 1, 2023, 11:39 ص - احمد صالح احمد مقبل الصيادي
نوفمبر 1, 2023, 8:10 ص - رايا بهاء الدين البيك
نوفمبر 1, 2023, 6:21 ص - نجوى علي هني
أكتوبر 31, 2023, 7:34 م - فرح راجي
أكتوبر 31, 2023, 7:16 م - فرح راجي
أكتوبر 31, 2023, 7:06 م - احمد صالح احمد مقبل الصيادي
أكتوبر 31, 2023, 6:50 م - فرح راجي
أكتوبر 31, 2023, 6:42 م - فرح راجي
أكتوبر 31, 2023, 1:59 م - أسماء خشبة
أكتوبر 31, 2023, 1:37 م - احمد صالح احمد مقبل الصيادي
أكتوبر 31, 2023, 9:17 ص - احمد صالح احمد مقبل الصيادي
أكتوبر 31, 2023, 5:50 ص - احمد صالح احمد مقبل الصيادي
أكتوبر 30, 2023, 4:27 م - نجوى علي هني
أكتوبر 30, 2023, 10:35 ص - أسامة جاد الرب محمود
أكتوبر 30, 2023, 9:30 ص - احمد صالح احمد مقبل الصيادي
أكتوبر 30, 2023, 9:07 ص - احمد صالح احمد مقبل الصيادي
أكتوبر 30, 2023, 5:55 ص - غزلان نعناع
أكتوبر 29, 2023, 8:29 م - احمد صالح احمد مقبل الصيادي
أكتوبر 29, 2023, 3:40 م - عذراء الليل
أكتوبر 29, 2023, 10:48 ص - جوَّك آداب
أكتوبر 29, 2023, 10:29 ص - احمد صالح احمد مقبل الصيادي
أكتوبر 29, 2023, 9:50 ص - منى محمد على
أكتوبر 29, 2023, 5:38 ص - نجوى علي هني
أكتوبر 29, 2023, 5:10 ص - إياد عبدالله علي احمد
نبذة عن الكاتب

كاتبة روائية مصرية صدر لي العديد من الاعمال الالكترونية واول اعمال الورقية في معرض الكتاب 2022 ان شاء الله ابلغ من العمر 27 سنة شغوفة بالكتابة والابداع