مازحت امرأة زوجها مزاحاً دنيئاً أوقع عليها حرجًا، ظنته ليس شيئاً، فطلَّقها الزوج طلاقاً بائناً غير رجعيّ، فلما صارت بلا زوج ندمت ندماً غير طبيعي، فآلتْ إلى إمساك المزاح، فانطلقت بعد السراح.
رقة النساء تظهر في كل أمر، وقسوة الرجل لا تخفى في كل بر وبحر، ولكن الرجل لا يرحّب بما يهدم أسرتها أو بما يؤذي ضرَّتها، فلو مازح الرجل بزواج الضَرَّة، فإنها لا تستريح حسب الفطرة.
إما تهلع أو تجزع، وإما تنخلع وتشتم الميت والحي، وتؤذي المحوَ وتتبع الغيّ، وتفسد من أجل ذلك السعي، وتطلق على كل شيء لسانها، ولا تحدد فيما ستقول بيانها، وتؤذي كيانها، ولا تبالي بالعواقب، وتتبع نصائح الصواحب.
المزاح المقبول من أمثالها ألا تقلب مستقبل أجيالها، فإن فعلت عاد المزاح إزاحة، وعاد القول الصغير كبيراً إلى عيالها، وكم قول قالته ظنته مزاحاً، ولكنه عاد جُناحاً.
يا أديب الزمان، ما حدود مزاح النساء الذي يقبله مزاج كل النجباء؟
ألا تُسنِد أبناءَها إلى مجهول، وإن فعلت ذلك وقعت في أمر مَهُول في حال الرضا والغضب، وإلا أجّجت حممَ اللهب.
وقد تفتح باب المزاح مع الرجُل، فيكون مِصراعاه مُشرّعَين على الوجل؛ حيث يفهم الرجل عكس المراد، فيكون عليها الويل على الانفراد، وقد تقول المرأة: إن زوجها كاره المزاح، ومُحب للجِد، ويكون عن الهزل في انزياح.
وإذا كان الرجل كثير المزاح، فقد تشتكيه المرأة فلا تحبه، فيكون بذلك غير مراح، وإذا كان الرجل عابساً؛ فإن المرأة قد تكون به عانساً، والمزاج إذا كان عكِرًا، فلا بد أن تراعي المرأة، وإلا تسمع من الرجل ضجَرًا، ويلحق بها المزاح ضرراً.
قال أديب الزمان: أيَّما امرأة تريد في بيت زوجها البقاء؛ فعليها اجتناب المزاح كيلا تذوق البلاء، ولا تحسو الشقاء.
قال أديب الزمان: أيَّما رجلٍ يريد السعادة فعليه ألا يفهم مزاح امرأته عادة، وألا يرسل مزاجه إليها رسولاً، وألا يعتقد مزاحها فضولاً.
قال أديب الزمان: المزاح المقبول هو الذي يختلط به المزاح المحلول، والفهم المدلول، فإذا خرج عن حده، صار فهمه إلى ضده، والمزاح المعتاد لا يصطحبه التعايُش المرتاد.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.