تروي لي السيدة الثرية قصَّتها بحزن، وتجلس أمام مكتبي وتخبرني أن ولدها الذي يبلغ من العمر 20 عامًا يريد الزواج من خادمة المنزل التي تكبره بعشرة أعوام!
تقول السيدة أنها دخلت فجأة إلى إحدى الغرف في منزلها لترى ابنها يمسك بيد الخادمة ويخبرها بأنها ألطف فتاة قابلها، وأنه لا يستطيع العيش دونها..
صُدِمت السيدة لدى سماعها هذا الكلام، وقرَّرت التدخُّل لإنهاء هذا الحديث، وتوجَّهت إلى الخادمة وأبعدتها عن ولدها، وأخبرتها أن ما يحصل غير لائق، وأنها لم تعُد بحاجة إلى خدماتها، وأن تبحث عن مكان آخر تعمل فيه... فجأة وقف الابن الشاب أمامها وأخبرها بأنه يحب الخادمة، وأنه سيترك المنزل أيضًا في حال رحيلها..
فكَّرت السيدة الثرية بدهاء وبسرعة، وقرَّرت أن تقلب الموقف لصالحها وأن تتصرَّف سريعًا حتى لا تخسر ولدها نهائيًّا، وأنه لا يمكن إنقاذ الموقف سوى بخطة ذكية من قبلها، وأعلنت أنها لا تمانع هذا الارتباط ولن تقف في وجه سعادة ولدها..
في اليوم التالي، أعدَّت السيدة حفلة مميَّزة في منزلها، ودعت إليه صديقاتها وبناتهن وصديقاتهن عسى أن ينتبه لهن ولدها، وأن يصرف النظر عن الخادمة بمجرد رؤية تلك الفتيات الجميلات..
أحسَّت الخادمة بالحزن وظهر عليها ملامح التعب وهي تقوم على خدمة الجميع في الحفلة ولا سيما عندما بدأ الابن الشاب بالتجول بين الفتيات والتقاط الصور معهن...
غمرت السيدة الثرية سعادة عارمة، وشعرت أن خطتها نجحت، لولا أن ولدها وبشكل مفاجئ تقدَّم من الخادمة وطلب يدها للزواج أمام الجميع!
بكت السيدة الثرية كثيرًا، وصعدت إلى غرفتها تتحدث إلى نفسها وإلى صورة زوجها المتوفَّى، وكلها ثقة بأنها فقدت ولدها..
بعد عدة أيام استيقظت السيدة كعادتها وتناولت فطورها، وبدأت بتصفح الرسائل والفواتير التي أحضرها ساعي البريد صباحًا، وأثار استغرابها رسالة مرسلة إلى الخادمة من أحد المستشفيات الخاصة التي تختص بأمراض الأورام، وقد فهمت من الرسالة أن الخادمة مريضة بورم خبيث، وأن عليها إجراء عمل جراحي مستعجل، ودفع مبلغ مالي لقاء العملية..
هنا صعقت السيدة الثرية، واتضحت الصورة أمامها، وعرفت أن الخادمة تستغل ولدها لأجل القيام بتلك العملية..
سارعت السيدة تخبر ولدها بالقصة كي لا يقع ضحية احتيال الخادمة إلا أن الابن الشاب ابتسم ابتسامة خفيفة، وأخبر والدته أنه يعلم بمرض الخادمة منذ شهور عديدة، وأنها لا تستطيع تحمُّل ثمن العلاج بمفردها، وأنه قرَّر مساعدتها ووضع والدته أمام مسرحية كي يجبرها على دفع الثمن بعد زواجه من الخادمة..
حينها شعرت السيدة بالاستياء، وأخبرت ولدها بأنها لو علمت بالموضوع منذ البداية، لكانت قدَّمت المساعدة اللازمة، وأنه لا حاجة لهذه المسرحية بينه وبين الخادمة، وبالفعل فتحت حقيبتها، وأخرجت دفتر شيكات خاص بها، وسألت ولدها عن المبلغ المطلوب وكتبته دون تردد، وأعطته ليدفع فاتورة العملية..
غمرت الابن الشاب فرحة عارمة، واحتضن والدته باكيًا، ووعدها بأنه سوف يحسن التصرُّف دائمًا، وألا يخفي عليها أي شيء بعد ذلك...
بعد مدة جاءت السيدة لزيارتي وأخبرتني أن العملية نجحت، وأن الخادمة بصحة جيدة وأن ولدها يتابع دراسته في الجامعة، وأن الجميع أصبحوا سعداء في النهاية...
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.