نمر في حياتنا اليومية بالعديد من المشاكل، والله يختبر عبده في مواقف عديدة، فهذه الدنيا سفر ولكل فرد أجله واختبارات كثيرة، لكن في بعض الأوقات يمر المرء بفترات عصيبة فيقرر الاستسلام، فأردت أن أسرد لكم هذه القصة لعلها تغير من قراركم وتجعلوها ربما قدوة في حياتكم
في حي بسيط لا بأس به وسط حقل واسع، حيث تبعد العمارة عن أختها بمسافة عشرة أمتار تقريبًا، تعيش فتاة اسمها ديزل بعمر ثماني سنوات، كانت فتاة فائقة الجمال، شعرها أشقر، عيناها زرقاوان، كانت تذهب كل يوم إلى المدرسة الابتدائية القريبة من بيتها.
كان لها إخوان توأمين بعمر أربع سنوات، وأختين عمر الصغيرة سنة واحدة، أما الثانية فكان لها خمس سنوات، لم يكن لديها أب، فقد مات بسبب اصطدام سياراته بشاحنة كبيرة، وذلك بعد ولادة أختها الصغيرة بأسبوعين تقريبًا.
كانت أمهم تعمل ليلاً ونهارًا لكي تحصل على المال لتغذي أولادها وتدفع فواتير الماء والغاز والكهرباء، عملها لم يكن مستقرًا؛ ففي بعض الأحيان تطبخ الخبز وتبيعه، وفي الحين الآخر تجدها غارقة في أعمال الخياطة التي سبق وكانت هواية تحب ممارستها في أوقات الفراغ؛ لأن الأم كانت تعمل في شركة بعد سنوات طويلة من الدراسة، ولكنها طردت منها بسبب مشكلة صغيرة.
كانت "ديزل" فتاة تحب مدرستها وزملاءها حتى أساتذتها خاصة أستاذ الرياضيات لأنه كان يعوض أباها الذي مات، كانت تتحصل على أعلى المعدلات وتصنف ضمن أولى المراتب.
في أحد أيام الشتاء الباردة مرضت الأم بمرض خطير، كانت "ديزل" مجبرة على ترك المدرسة لإعانة أمها وإخوتها.. مرت الأيام بسرعة البرق والأم لم تستطع النهوض على رجليها، فقد تدهورت صحتها حتى إنها لم تستطع تأمين غذاء أولادها، إضافة إلى ذلك أنها لم تدفع الفواتير، وبعد حين وصل تحذير مكتوب عليه إن لم يتم تسديده فواتير اللواء في خمسة أيام قادمة فسيضطرون إلى ترك البيت والرحيل، ولسوء الظن هذا الذي حدث، كانت الأم تحاول لكن بلا جدوى، فقد كانت تحتاج إلى علاج من طرف الأطباء المختصين، لكن لم يكن لديها النقود لتهتم بصحتها، كانت تعاني لكن لم تكن تظهر معاناتها لأبنائها، فقد كانت تحافظ على البسمة العريضة في وجهها الجميل بعد خمسة أيام طردوا من المأوى الوحيد الذي بقوا متشبثين فيه إلى آخر لحظة.
في منتصف الشتاء أمضوا الليلة الأولى في الشارع، في البداية لم يتمكنوا من النوم؛ بسبب البرد القارس لكن بعد بكاء طويل مع طلوع الفجر استسلموا للنوم..
في الصباح أيقظتهم أصوات الناس في الشارع، كان الوضع سيئاً جدا، فإذا بالطفلة الصغيرة تصيب بنزلة برد، في اليوم التالي قررت الأم الذهاب والبحث عن مكان أفضل لأولادها، رافقها أبناؤها الخمسة مشيًا على الأقدام في الشارع يأملون أن يجدوا قلوبًا تشفق عليهم وتهتم لشأنهم..
عند غروب الشمس جلسوا قرب بيت كان يبدو مهجورًا بدأت الأمطار بالتهاطل، كان الأطفال جائعين وعطشانين، لكن لم يكن لهم الخيار سوى النوم في البرد.
تلك الأم التي لم تذق الطعام منذ يومين، لأول مرة تنهار مستسلمة اعتقادًا أنها لم تمنح العناية الكافية لأولادها، فجأة فإذا بعجوز تفتح باب البيت وتستقبلهم في بيتها دون تردد أخذت الأم تشكر العجوز وتحمد الله على كل شيء، وأخيرًا سينامون في سرير دافئ..
في اليوم التالي رافقت العجوز الأم وأبنائها إلى الطبيب ليستعيدوا صحتهم، وبعد تحسن وضعهم خافت الأم أن يكونوا عبئًا ثقيلاً على العجوز، فقررت الذهاب لتبحث عن عمل لتعيد خير العجوز .
عملت الأم بجد بعد أن فقدت الأمل تمامًا وبفضل شهادتها التي احتفظت بها الصعاب كلها، تحصلت على منصب عالٍ في شركة أعمال كبيرة، وبعد شهرين من العمل الجاد استطاعت الأم شراء بيت جديد أفضل من القديم أرادت أن تذهب إليه لتسكن فيه هي وأولادها، إلا أن وقت الفراق كان أمرًا صعبًا، فقد تعود الأطفال على العجوز وكانت بمثابة جدة لهم، فلم تتردد الأم بدعوتها إلى السكن معهم..
مع مرور الوقت استقروا في البيت الجديد وبحثت الأم عن مدرسة جديدة لابنتها ديزل وإخوتها، فلم تكن بالبعيدة عن بيتهم، تأقلمت ديزل مع المدرسة الجديدة وكونت صداقات عديدة، بعد أن كبرت درست في جامعات مشهورة وحققت حلمها الذي لا طالما أرادت تحقيقه هو أن تصبح مضيفة طيران.
لكل بداية نهاية ولهذه القصة نهاية سعيدة "لا تستسلم"
في المدرسة يعلموننا دروسًا جديدة ثم يختبروننا لكن الحياة تمتحننا لتعلمنا دروسًا وعبرًا كثيرة.
سبتمبر 9, 2023, 10:04 ص
تعليقاتكم 🤍..😔
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.