أحمد رجل في منتصف الأربعينيَّات، كان يعيش حياة هادئة ومستقرة مع زوجته ليلى وابنتهما الصغيرة نورا. كان أحمد محبوبًا ومتفائلًا، وكان يحب قضاء وقته مع عائلته.
كان ككل أب في هذه الحياة، يعشق طفلته وعائلته، يلاعبها ويتمتَّع بصوت ضحكتها، يتمنى ألا تكبر كي تبقى لعبته الصغيرة، التي عوضته عن كل حب ينقصه في هذه الحياة، حب لم يحصل عليه من أب أو أم أو أخت أو حتى زوجة.
أحمد كان وحيدًا جدًا قبل ارتباطه بزوجته، إلا أن ارتباطه كان مجرد تكملة حياة اجتماعية نتيجة ضغوطات لا أكثر، ولم يستطع هو وزوجته إنجاب طفلة بالشكل الطبيعي بل اضطر إلى اللجوء إلى طفل الأنبوب حتى رزقه الله بهذه الطفلة الجميلة، التي بعثت النور إلى قلبه لذلك أسماها نورا.
كانت نورا أيضًا متعلقة بأبيها، تكتب دائمًا رسائل لا تريها لأحد، وأخذت وعد من والدها ألا يقوم أحد بفتح الرسائل، ووسط ضحك والديها وافقت على ذلك والدتها أيضًا "وأخذت وعدًا" منهما على ذلك.
لقد كانت نورا تحب الحياة، تضحك وتلعب وصوت ضحكاتها يضاهي صوت الملائكة.
ولكن، في يوم من الأيام، تعرضت نورا لمرض خطير ومفاجئ.. حاول أحمد وليلى قدر الإمكان علاجها وتقديم الرعاية اللازمة، لكن للأسف، تدهورت حالتها وتوفيت في النهاية. تعرَّض أحمد لصدمة كبيرة وفقد الأمل في الحياة.
بدأ أحمد يعيش في حالة من الحزن والانكسار. لم يعد يرى معنى للحياة، وانغمس في الألم العميق. تراجعت علاقته بليلى، وبدأ يتجنب التواصل مع الأصدقاء والعائلة. كانت الحزن يلتف حوله كالظلام.
وفي أحد الأيام، وجد أحمد رسالة مكتوبة بخط يده على طاولته. كانت الرسالة من نورا، ابنته الراحلة. في الرسالة، ذكرت نورا كم هي فخورة بأبيها وكم تحبه. قالت إنها ترغب في أن يستمر أحمد في العيش وأن يكون سعيدًا، لأنها ستكون دائمًا في قلبه.
لقد كانت هذه الرسالة صدمة كبيرة لأحمد.. بدأ يتذكر جميع اللحظات الجميلة والضحكات والابتسامات التي قضاها مع نورا، وكيف كانت تجلب السعادة لحياته.. أدرك أنه لا يمكن أن يدع الحزن يسيطر عليه على نحو دائم، لأنه لن يكون على قدر محبته ورعايته لنورا.
بدأ أحمد يستعيد تدريجيًا حيويته وشغفه بالحياة. قرر أن يبدأ في مساعدة الآخرين ومشاركة الحب والرحمة التي كان يشعر بها تجاه نورا. انضم إلى مجموعة دعم للآباء الذين فقدوا أطفالهم وبدأ يقدم لهم الدعم العاطفي والمشورة.
مع مرور الوقت، بدأ أحمد يعيش حياة مليئة بالمعاناة والفرح في آنٍ واحد. حياة استطاع تحويل ألمه إلى قوة لمساعدة الآخرين وتغيير حياتهم. أصبح لديه هدف جديد في الحياة، وهو مساعدة الأشخاص فاقدي الأمل من موت أعزائهم في الحياة.
سبتمبر 22, 2023, 1:25 م
nice one
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.