قال من شدة الفرح: إذن لا بد وأن نتزوج حالًا..
كانت أجمل لحظات العمر، فلم أستطع النوم إلّا في مطلع الفجر
هل هذا لأنني أصبحتُ أبًا؟
هذا الشعور الغريب الشعور المزدوج بالسعادة والمسؤولية والتفكير في المستقبل المجهول.
في اليوم التالي جاءت سابينا وكانت في حالة حزن عميق والدموع في عينيها.
سألتها: إيه الحكاية يا سابينا؟
قالت: والدي لم يوافق على زواجنا.
كانت صدمة لي.. لماذا يرفض زواجنا؟
-وهل أخبرتِه بأنكِ حامل؟
قالت: نعم، أخبرته ورغم ذلك فهو مصر على الرفض، والدي يا رجب عنصري، وكان من رجال الحزب النازي.
اقرأ أيضًا قصة كفاح نمر مصري في أوروبا (3)
لم أفهم ما قالته لي ولم أفهم معنى العنصري.
ولم أفهم معنى الحزب النازي هذا (وشرحت سابينا لرجب ما لم يفهمه وهو أن هتلر له كتاب اسمه كفاحي حيث كان يروج عن نظريته التي ادَّعى فيها بأن للإنسان حق مقدس واحد وهو السهر على بقاء دمه نقيًا طاهرًا ليتمكن من صون الحضارة).
وقد اعتبر بأن امتزاج الدم الألماني (الآري) بدم شعوب وضيعة قد أدى إلى خراب الشعب ذي الرسالة المتمدينة أي -الاختلاط بين الأجناس- يؤدي إلى تدني مستوى الجنس المتفوق الذي يؤدي في النهاية إلى التفكك والانحلال.
قال رجب: لقد كنتُ أحد المعجبين بهتلر هذا الذي كان يحارب أعداءنا الإنجليز..
ولكن بعد ذلك حاولت سابينا بشتى الطرق وكافة الأساليب والحجج والبراهين إقناع والدها ولكنه أبى ورفض وأمر أن أجهض ما في بطني ولجأتْ إلى رجب لأن تقول له الحل الوحيد..
وهو أن نسافر سويًا إلى مدينة أخرى ونتزوج هناك ونضع والدي أمام الأمر الواقع.
فكر رجب وأصبح في حيرة من أمره، وجد نفسه في صراعات عنيفة بين رغباته وميوله، وبين عقله ووجدانه.
وجدتُ نفسي أمام موقف صعب، ولكن كان عليّ اتخاذ القرار الحاسم مهما كانت نتائجه
اقرأ أيضًا قصة كفاح مصري في أوروبا (4 )
فقلتُ لها: الزواج يا سابينا ليس شيئًا يخجل منه الإنسان، وعليه فلا بد من الإعلان عنه أمام الله وأمام الناس وأمام المجتمع، وعليه فلا بد من موافقة والديكِ على هذا الزواج.
فأنا مثلًا لا أرضى لأختي أن تتزوج ممن تحب دون موافقة والدي على هذا الزواج (هذه هي معتقداتي).
ولهذا فلا يمكنني تشجيعكِ على هذه الأفكار الصبيانية التي لا تتسم بالمسؤولية.
قالت سابينا: هل معنى هذا أنك تتخلى عني يا رجب؟
انفجرت سابينا باكية وجرت من أمامي، ناديتُ عليها، ورجوتها وحاولتُ اللحاق بها ولكنها ذهبت ولست أدري..
هل ستعود؟
ولم أنم ليلتي هذه وتزاحمت في نفسي بعض الخواطر.
وأخذتُ أتساءل..
هل ضاعت سابينا وهل فقدتها إلى الأبد؟
وهل اتخذتُ القرار السليم؟
وهل كنتُ فعلًا لا أريد ترك السيد شنايدر لِما قدمه لي من خدمات؟
أم أنني نظرتُ إلى الموضوع نظرة مادية بحتة وذهبتُ في اليوم التالي إلى المخبز؟
سنعود إلى تكملة قصة رجب إن شاء الله في الجزء السابع...
اقرأ أيضًا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.