ندى علي خلف يونيو 20, 2023, 4:56 م

قصة "كانت من نوعها جرثومة روتا".. قصص قصيرة

لقد مرَّ على تلك الذكرى المؤلمة سنة كاملة، لكنني لم أستطع نسيانها بتاتًا، وكيف أفعل وكان من أشد ما مررت به، عندما مرضت ابنتي الصغيرة التي لم تتجاوز من عمرها سنة ونصفًا.

في البداية كانت العوارض جدًا طبيعية، كنزلات البرد، تقيؤ وإسهال وحرارة بسيطة، فأكثرت اهتمامي بها وأتيت بكل الأدوية المناسبة بالطبع تحت إشراف الطبيب، ثم لم يكتفِ هذا الأخير بذلك، بل زاد من العلاج بوضع "مصل" لها ينقل الأدوية عبر الدم..

وبدأت بفضل الله تتحسن، ولكن المفاجأة كانت عندما عادت العوارض نفسها مع حرارة شديدة الارتفاع لم تسقط أو تتراجع عبر الأدوية، مما اضطررنا إلى نقلها سريعًا إلى أقرب مشفى في المنطقة، ومن عادات الطوارئ أخذ عينة من الدم لفحصها ومعرفة" نسبة النشفان" عند الطفل، فما هي إلا ١٠ دقائق حتى أتت الممرضة لتُخبرني بأننا سندخلها بأسرع وقت لتتلقى العلاج المناسب سريعًا بعد أن اتصلوا بالطبيب المختص لديهم لهذه الحالة..

مرَّ كل شيء بسرعة كأنه ثوانٍ، ونظر إليّ ذاك الطبيب نظرة عجيبة غريبة لم أفهمها، فقط كنت أفهم أنه يخفي شيئًا عني، وأخذ يطمئنني أن كل شيء سيكون على ما يرام.

مرَّت الليلة الأولى ومن أسوأ الليالي التي قد تمرُّ، فالطفلة الصغيرة وبجسدها الضعيف الهزيل غير قادرة على الحركة، كأنها نائمة كالملاك وهي تئنُّ من ألمها ولم تتوقف أي من تلك العوارض أو تتراجع، وما إن أطل الصبح حتى أتى الطبيب وبرفقته بعض الممرضات وأخذ يطمئن عن حالتها..

وعندها أخبرني ما لم أودُّ سماعه وما أرهقني وأتعبني، فقال لي بأن معدل النشفان لديها كان ٩ وهذا منخفض للغاية، فلو أنه وصل لحد ٧ لكانت فارقت الحياة لا سمح الله، فهي تحمل جرثومة "الروتا" تُنتقل عبر الهواء بين الأطفال ولكنها سامة جدًا للأطفال دون الـ٣ سنوات، لكنه عاد في حديثه وطمأنني أنها تخطَّت مرحلة الخطر، وألا أقلق فهي تتلقى الأدوية المناسبة لهذه الحالة، وستكون بأفضل حال بعد عدة أيام.

وقد عُزلنا عن قسم الأطفال عزلًا كاملًا وتامًا، بقينا وقتها لأسبوع كامل في المشفى، حتى ارتفع مستوى النشفان لديها إلى ١٧ فغادرنا المشفى، وحتى هذه العوارض بقيت حتى ١٥ يومًا، بنسبة أقل عن سابقها.

ومذ ذاك الحين وأنا أقلق عليها كثيرًا وأهتمُ بأدقِّ تفاصيل مرضها كيلا تُعاد تلك القصة وبالله الأمل وهو الشافي..

بقلم ندى علي خلف

كاتبة مقالات وقصص متعددة الأنواع، بأسلوب سلس وجذاب، لبنانية الجنسية، من مواليد ١٩٩٦، مشرفة لمدونة "أنامل عربية" واكتب في مدونة" رواد المتوسط " في قسم "الأدب ".

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

تعليقات

عايدة عمار فرحات

يونيو 20, 2023, 6:19 م

هذه التجربة من أشد التجارب ألما وخوفا ،فالمرض مع نسبة خطورة ولو ضئيلة قاتل صامت للأم والطفل معا .
لا أذاق الله أما مثل هذا الألم .🤲🏻
تحياتي ❤️❤️
اللهم سلِّم أولادنا من كل شر يارب🤲🏻

أضف ردا