من أنيسة إلى ريم:
لماذا توقفتِ عن الكتابة؟ هل تريدين إيقاف صوتك من الوصول إلى العالم؟ أفتقد كلماتك، أخبارك، وأجنُّ من القلق عليكِ.
الكتابة تعني أنكِ ما زلتِ حية، وانقطاع الكلمات يعني انقطاع الأمل...
***
من ريم إلى أنيسة:
تعلمين جيدًا أن من أحب الأشياء إليَّ هي الكتابة، وأشعر فعلًا بواسطتها أنني حية...
ولكن لم يعد الأمر يهم؛ لأننا فعلًا نشعر بأننا في عداد الموتى. مسألة قصفنا مسألة وقت، لقد دُمِّر كل شيء حولنا، والشيء الوحيد الذي لم يتدمر هو صمت الجيران.
عائلة واحدة فقط هي من انضمت لنا، أما الباقون فينتظرون أدوارهم باستسلام كاستسلام الخراف، حتى خراف مزارعنا تأبى هذا التسليم... كل شيء في مزارع الياسين يقاوم، لأكثر من عام وهو يقاوم...
تخيلي، عزيزتي، عام كامل!!!
فماذا تمثل كلمة "عام كامل" عند البعض؟
- ختام فصل دراسي يتوج بشهادة دراسية تمكنه من العيش.
- إحدى الدبلومات العلمية التي ترفع من مستواه العلمي والمهني.
- كتابة كتاب كامل ينشر فيه فكره ويجني به بعض الأرباح.
- نمو بعض المحاصيل لأكثر من مرة.
- تكوين جنين في بطن أمه وتجهيزه للحياة.
- البعض يراه مدة لادخار مبلغ ما من المال لتحقيق بعض الأهداف الخاصة.
وآخرون لم يُضِفْ لهم شيئًا حسب ظنهم فيشعرون بالنقمة...
ولكن، ألا يدركون أن جل أمانينا ألا تضيف السنة لنا شيئًا؟
365 يومًا لم أضف إلى نفسي فيها أمنية غير أن يتوقف هذا العدوان.
توقفت عن الحلم وعن التخطيط للحياة.
في البداية كنت أكتب لنفسي، ثم لكِ، ثم أقول: لعل العالم يتحرك...
كنت أقول: لعلهم يمدوننا بالمؤن، لم نطلب منهم الانضمام إلى أبي وأخي للدفاع عن أرضنا.
قوة أبي تكفيهم بل وتفيض، قوتهم هي الواهية؛ فيحتاجون إلى دعم عصابات أخرى (لم تقصر العصابات الأخرى في إمدادهم كما تمد الشياطين بعضهم بعضًا).
وليظهروا أي قوة ويشفوا صدورهم المريضة وعقولهم المختلة، يزيدون عدوانهم علينا نحن، أنا وأمي وأختي الجريحة حنين...
لا أعلم هل يجب أن أعاود الكتابة؟ لمن؟ هل تستطيع كلماتي التي تنقل المأساة اختراق جدار الصمت هذا كما يخترق عدوان النجار أمان ليلنا ونهارنا؟
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.