نبدأ من حيث انتهينا في الجزء السابق...
...........
في صباح اليوم التالي كان ربيع في موعد مع مفاجأة جديدة... لقد زاره الكروان ليلًا بصوته المتميز ولكن في تلك المرة لم يأتِ له كطائر عادي يطير في السماء ولكن جاء إلى غرفته عند نافذته قائلًا له: «السلام عليكم يا ربيع...»
ربيع: «هل تعرف اسمي أيها الكروان؟»
الكروان: «نعم .... أنت ربيع الجميل المحب للطبيعة والحيوانات والطيور...»
ربيع: «أنا جميل ... الكروان الجميل ذو الصوت البديع يقول لي إنني جميل... ياه... أنت أجمل يا كروان، إن صوتك هو أجمل صوت في العالم... أما أنا فصوتي قبيح بالنسبة لك...»
الكروان: «هذا ليس مهمًا يا ربيع... ما يهمنا في مملكة الطيور هو القلب... أنت قلبك نقي وطيب... فدائمًا ما نسمعك تحدثنا وتحدث الشجر والورود...»
«ودائمًا تضع لنا حبوب القمح لتطعمنا وتسقي الزهور بالماء وتنسقها في الحديقة... وأنا أريد أن أساعدك لتحقق حلمك في الطيران لتصل إلى السحاب وتحقق ما تريد...»
ربيع: «حقًا... هل يمكنك مساعدتي أيها الكروان... هل تساعدني حتى أطير إلى أعلى نقطة لأصل للسحاب وألمسه بيدي...»
الكروان: «نعم يا ربيع، أنا سأفعل كل شيء لمساعدتك وسآتي لك كل يوم الساعة الثالثة قبيل الفجر حتى أسقيك من هذا الشراب حتى تستطيع أن تطير مثلنا.. ثم يأتي لك صديقي صبر من اليمام ليطعمك النبات السحري...»
ربيع: «صبر... هل اليمام لهم أسماء مثلنا نحن البشر؟»
الكروان: «نعم يا ربيع... كل الكائنات في الكون لها أسماء مثلكم.»
ربيع: «ما اسمك إذن أيها الكروان؟»
الكروان: «أنا اسمي سهل...»
ربيع: «الله... اسمك سهل...»
الكروان: «نعم...»
ربيع: «اسمك جميل...»
الكروان: «شكرًا لك... أتركك الآن يا ربيع... لا تنسَ صديقي صبر سيأتي لك صباحًا...»
ربيع: «هل سيأتي قبل الفجر أيضًا...»
الكروان: «لا يا ربيع... اليمام يستيقظ مبكرًا لصلاة الفجر... ثم يطير لإحضار الطعام... سيأتي لك في التاسعة صباحًا...»
ربيع: «ياه... أنتم تنظمون كل شيء... وتعرفون الساعة مثلنا... وكل شيء عندكم له ميعاد...»
الكروان: «طبعًا يا ربيع... كل الكائنات في الكون بِرُمَّته يعرفون الساعة وكل شيء عندهم بميعاد... لأن الله وحده هو الذي علمنا كيف نشعر بالليل والنهار... إن الله هو الذي أبصرنا بالنور والظلام... الحمد لله الواحد القهارز..»
ربيع: «أيها الكروان الجميل... أنت تحمد الله وتعرف نعمه... أنا لم أرَ مثلك قبل ذلك...»
الكروان: «يا ربيع... كل هذه الكائنات حولك تسبح الله وتحمده وتسجد له...»
ربيع: «سبحان الله... سبحان الله...»
الكروان: «سأتركك الآن يا ربيع... ولنعاود حديثنا غدًا... ولا تنسَ صديقي صبر...»
ربيع: «مع السلامة يا سهل... سأنتظرك غدًا... ولن أنسى أبدًا الميعاد...»
فرح ربيع فرحًا كبيرًا ورفع يده للسماء يشكر الله على نعمته...
ذهب ربيع لتناول طعام الإفطار وشرب كوبًا من اللبن... وقد كان المنزل خاليًا تمامًا... تذكَّر ربيع أن والده ووالدته ذهبا إلى العمل... وشقيقه كريم ذهب للنادي... وهكذا كان الحال في فصل الصيف... فقد كان ربيع يعاني الوحدة اليومية خاصة في الصباح... ولكنه الآن لن يعاني مرة أخرى لأن الطيور ستأخذه ليطير معها في السماء ليلمس السحاب كما كان يحلم دائمًا... لا يكاد ربيع يصدق نفسه من الفرحة الغامرة التي تتملكه... فلقد أصبح الكروان صديقًا له... واليمامة ستزوره بعد ساعة واحدة...
بعد أن أنهى ربيع من تناول الإفطار نزل مسرعًا إلى الحديقة لينتظر اليمامة صبر...
أخذ ربيع ينظر إلى الأشجار ويتنسم عبير الأزهار... ثم أخذ يدندن بأغنية العصفور...
مرت لحظات عابرة ووصل اليمام صبر على الشجرة...
صبر: «صباح الخير يا ربيع... أنا اليمامة صبر...»
ربيع: «هل تعرف اسمي أنت أيضًا أيها اليمامة...؟»
صبر: «طبعًا يا ربيع أنا أعرفك مثل أصحابي الطيور... نحن نعرف من يحبنا ويحب الطبيعة التي خلقها الله لننعم بها ونحمده على الرزق والخير...»
ربيع: «يا صبر أنا أريد أن أسألك سؤالًا؟»
صبر: «اسأل يا ربيع... نحن صديقان...»
ربيع: «أنا أريد أن أسألك عن اسمك واسم سهل... هل أنتم مثلنا يختار لكم والديكم الأسماء مثلما اختار لي أبي وأمي اسم ربيع...»
صبر: «لا يا ربيع... نحن مختلفون تمامًا عن البشر... فنحن نُطلق الأسماء بأفعال صاحبها... ولهذا فقد أطلق علي أصدقائي الطيور اسم صبر بعد أن لمسوا في صفاتي أنني أصبر على غالب الأحوال وأستطيع التعايش معها... فأنا أرضى بكل الأحوال، في الفرح أحمد الله، وفي الشدائد أحمد الله، ولا أتأفف من الابتلاءات... وأستمع إلى كل الطيور دون ملل أو كلل... أحاول أن أدعمهم في الأحزان والمسرات... ولهذا هم يعرفون أنني صبر، لأني أصبر على حالي وأحوالهم... ودائمًا أقول الحمد لله...»
ربيع: «الله... حياتكم جميلة وأفكاركم جميلة... إن العدل يسود مملكتكم... أما نحن، فإن الظلم هو السائد ... فيمكنك أن تجد إنسانًا اسمه محمد، وهو يكذب ويسرق ولا يتبع سيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم، الصادق الأمين... كان يجب على البشر أن يختاروا الاسم من الفعل، وليس مجرد اسم يختاره الآباء والأمهات بمجرد الولادة... كان يجب أن ننتظر ليعبّر كل إنسان عن اسمه الذي يمكن أن يحمله من صفاته...»
صبر: «اللهم صلِّ على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم... أنا معك يا ربيع... والطيور تبكي عندما ترى إنسانًا يحمل اسم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ويسرق... لو كان بيدنا نحن الطيور، لوضعنا قانونًا يشترط التقوى والإيمان والصدق فيمن يحمل اسم سيد الخلق أجمعين... لا تحزن يا ربيع، واحمد الله على نعمته، وربما يحدث ذلك من قبيل الأخطاء التي يقع بها الإنسان... قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «رُفع عن أمتي الخطأ والنسيان»... الله يغفر لكم...»
ربيع: «عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.»
صبر: «الآن يا ربيع، أنا سأعطيك نباتًا سحريًا... عليك أن تأكل منه مرتين في اليوم مدة سبعة أيام متتالية... تفضل يا ربيع... هذا هو... إنه ورق أخضر، وحوله إطار أصفر بارز، به نقط ذهبية... ستأكل منه أيامًا سبعة متتالية... بعد مرور الأيام السبع، تستطيع إن شاء الله أن تطير بإذن الله... ولا تنسَ أن تشرب من المشروب السحري الذي أعدّه لك سهل...»
ربيع: «ياه... أخيرًا سوف أطير وأصل إلى السماء... لا أعرف كيف أشكرك يا صبر... لا أعرف كيف أشكرك وأشكر سهل... أنتم نعم الأصدقاء...»
صبر: «أنت تستحق دعمنا يا ربيع، لأنك صديق طيب تحبنا وتطعمنا... الكريم لا يُضام يا ربيع... توجه بالشكر والحمد لله رب العالمين، الميسر لكل أمر عسير...»
ربيع: «الحمد والشكر لله... ربنا لك الحمد والشكر... ياه يا صبر... أنت طائر جميل وعظيم...»
صبر: «العظمة لله يا ربيع... شكرًا لك على كلماتك الرقيقة... أتركك الآن، لأني سأسافر إلى الصين لأُحضر إليك بعض أوراق النبات السحري...»
ربيع: «تسافر إلى الصين، آخر البلاد، من أجلي؟»
صبر: «الصين ليست آخر البلاد لنا يا ربيع، لأننا نطير ونصل إلى الأماكن البعيدة بسرعة مذهلة... نحن أسرع من الطائرة التي يفتخر بها البشر... لا تقلق عليَّ... أنا أسافر في أربع ساعات وأعود في أربع ساعات... سأكون هنا غدًا في نفس الميعاد... إلى اللقاء يا ربيع...»
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.