قصة عن الحيلة والذكاء.. قصص قصيرة

إذا كنت من الأشخاص الذين يحبون قراءة القصص القصيرة، ويستمتعون بالأحداث والحبكة والمغامرات، فهذا المقال يناسبك تمامًا، سنقدم لك قصة قصيرة وممتعة عن استخدام الحيلة والذكاء في التعامل مع المواقف الحياتية واليومية، والخروج بمكاسب كبيرة.

اقرأ أيضاً 3 قصص للأطفال قبل النوم.. تعرف عليهم الآن

قصة قصيرة عن الحيلة والذكاء

الفصل الأول

  في إحدى مدن بلاد الشام قديمًا كان شاب يافع يدعى حسن، يعمل بجهد كبير من أجل كسب لقمة العيش، وينفق على أمه وإخوته الصغار، لكن هذا الجهد الكبير لم يكن كافيًا للحصول على المال الذي يكفي لمعيشة طيبة وكريمة، فكانت توجد أزمات ومشكلات بسبب نقص المال، ما يشعر الشاب بالحزن والألم.

لم يكن حسن يتوانى عن القيام بالأعمال منذ الصباح الباكر حتى غياب الشمس، فلم يكن كسولًا أبدًا، بل كان نشيطًا وذكيًا، ويتمتع بالأمانة التي جعلته محبوبًا بين الناس، ومع ذلك لم يعد عليه الأمر بالمال الوفير لتلبية الحاجات من الطعام والشراب والملبس والعلاج، فكان دائمًا يشتكي لأمه التي كانت تواسيه وتشجعه، وتخبره دائمًا أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملًا.

 وفي أحد الأيام، وحين كان حسن يحمل الحقائب والأغراض لأحد التجار الذي كان يغادر البلاد على متن سفينة تجارية، وبعد أن رفع حسن الحقائب كلها إلى السفينة ابتسم له التاجر الغريب، وقال: هل ترغب في أن أعطيك أجرك مالًا، أم أعطيك نصائح أغلى من المال؟

اندهش حسن من كلام هذا التاجر، ورد عليه بسرعة: وهل توجد نصيحة أغلى من المال؟

رد التاجر بثقة شديدة، قائلًا: نعم أيها الفتى، فالمال ليس أكثر قيمة من العلم والنصائح والمعرفة والذكاء والمهارات، وليس أغلى من الحب والأمان والصداقة والأخلاق، وإنما يأتي المال في آخر الصف، فإذا كنت تعمل من أجل المال أعطيتك المال، أما إذا كان لديك الشغف والطموح لأعطيك نصائح تستطيع بها كسب كثير من المال، فسيكون هذا هو أجرك على حمل الحقائب.

وحينها بدأ حسن في التفكير قائلًا لنفسه: أنا أحتاج إلى المال، ورغم ذلك فهذا المال لا يكفي لأي شيء، فهل يمكن أن يكون كلام هذا الرجل صحيحًا؟ وتكون النصائح أهم من المال، إذن سأوافق على هذا العرض، لعل الأمر يستحق أن أضحي بأجر ساعة من العمل، فوافق حسن على الحصول على نصائح من الرجل بدلًا من المال.

 ابتسم التاجر قائلًا: نصيحتي الأولى هي: "اعمل بذكاء، وليس بقوة"، ونصيحتي الثانية هي: "اجتهد في البحث عن الفكرة، ثم بِعها"، والنصيحة الأخيرة هي: "لا تبحث عن النجاح في تقليد الآخرين، لكن كن مبدعًا في عملك، فيسعى الآخرون إلى تقليدك.

ومع أن هذه الكلمات كانت بسيطة، فإن حسن ظل يفكر بها طوال اليوم، ولم ينم في هذه الليلة كما تعود بعد العشاء، وإنما ظل يفكر في كيفية الاستفادة من هذه النصائح التي قدمها له التاجر الغريب، وفي الصباح كان حسن قد فقد رغبته في العمل المجهد، وحمل الحقائب والعمل في صناعة الأخشاب، وبيع الأثواب في الأسواق، وكل هذه الأعمال التي تطلب مجهودًا كبيرًا، ولا تعود بالمقابل المناسب.

الفصل الثاني

 بدأ حسن في البحث عن وسيلة للاستفادة من هذه النصائح، وهو ما وصل إليه عندما جاءته فكرة رائعة يستطيع بها تطبيق النصيحة الأولى، فجمع مجموعة من الشباب الذين يحملون الحقائب في الميناء، واتفق معهم على أن يعملوا عنده مقابل الحصول على أجر يومي ثابت، سواء كان العمل والبضائع متوفرة أم لا.

 ومع أن هذه الفكرة كانت غريبة بالنسبة للشباب الذين اندهشوا من هذا العرض، فيكون العمل قليلًا أحيانًا، نتيجة قلة السفن والمسافرين والبضائع، فإنهم وافقوا في النهاية على عرض حسن، ووضع لافتة على رصيف الميناء، وكتب عليها حسن لحمل الحقائب والبضائع والأغراض، حتى يتفق الزبائن معه على حمل الحقائب، في حين يكلف هو أحد الشباب بحملها ويتقاضى المال، ثم يحاسب الشباب في نهاية اليوم.

فكرة بسيطة استطاع بها حسن أن يسيطر على مهنة حمل الحقائب والبضائع في الميناء في أيام، وبدأ يوظف مزيدًا من الشباب، ويجني كثيرًا من المال في مدة قصيرة، حين كان يجلس على كرسيه يتلقى المال ويدير الأعمال، ويتذكر التاجر الغريب الذي أهداه هذه النصيحة الذهبية نصيحة اعمل بذكاء وليس بقوة.

وبينما كان حسن يمارس أعماله بسعادة كبيرة ونجاح كبير حدثت أمامه أزمة بين أحد تجار الأخشاب وصناع المراكب، تعود هذا التاجر على استيراد كميات كبيرة من الأخشاب وبيعها لصناع المراكب كل عام لصناعة المراكب الجديدة، وترميم وتصليح المراكب القديمة، فإن تاجرًا آخر سبقه في هذا العام، واستورد شحنة كبيرة من الأخشاب، وباعها للتجار بأسعار منافسة جدًّا، ما جعل التاجر في ورطة كبيرة، فماذا سيفعل بهذه الكمية الكبيرة من الأخشاب؟

 تذكر حسن النصيحة الثانية، وهي اجتهد في البحث عن فكرة، وبعها للناس، وأخذ يفكر طوال اليوم في فكرة لبيع الأخشاب أو الاستفادة منها، وتفادي الخسارة حتى يبيع هذه الفكرة إلى التاجر، وفي اليوم الثاني كانت الفكرة حاضرة في رأس الشاب الذكي صاحب الحيلة الواسعة.

 تقدم حسن إلى التاجر الحزين صاحب المشكلة الكبيرة، وقال له: أيها التاجر، عندي لك فكرة تستطيع بها تحقيق المكاسب الكبيرة من هذه الأخشاب بدلًا من الخسارة الناجمة عن تخزين الأخشاب أو بيعها بأسعار زهيدة، لكننا يجب أن نتفق أولًا على ثمن الفكرة، إذا أعجبتك ونفذتها.

اندهش التاجر من كلام حسن، ورد عليه قائلًا: لا أفهم ما تقول، هل تريد أن تبيعني فكرة؟ هذا أمر غريب لم أره من قبل، فنحن لا نبيع ولا نشتري الأفكار، فإذا كانت لديك فكرة جيدة أعطني إياها. 

 ابتسم حسن قائلًا: أنا أعرف أن الناس لم تتعود على فكرة بيع وشراء الأفكار، لكنك تاجر وتفهم قيمة الفكرة، وتدرك أن الوقت من ذهب؛ لذا يمكنك شراء الفكرة وشراء الوقت، والخروج بمكاسب عدة، وإذا لم تكن تنوي شراء فكرتي بالثمن المناسب، فأنا أسحب عرضي، وعليك بحل هذه المشكلة بنفسك.

أخذ التاجر يفكر في كلام حسن، ثم أومأ برأسه موافقًا، وقال: نعم أيها الفتى، عندك كل الحق؛ لذا فإنني سأشتري فكرتك، وسأدفع لك المقابل الذي تريد إذا كانت الفكرة جيدة وصالحة للتنفيذ، وربما أضاعف لك الجزاء إذا عادت علي هذه الفكرة بمكاسب كبيرة.

أعلن حسن عن فكرته للتاجر، التي تعتمد على نقل الأخشاب على العربات إلى المدن الداخلية التي لا تطل على البحر، ولا تصل إليها السفن والبضائع، فيحتاج الناس إلى شراء المواد المختلفة، لكنهم يجدون صعوبة كبيرة في الحصول عليها؛ لذا يمكن نقل هذه الأخشاب وبيعها بأسعار مربحة تغطي ثمن النقل، وتضمن المكسب وعدم الخسارة.

 مع رغم أن الفكرة كانت بسيطة، فإن التاجر أعجب بها كثيرًا، وبدأ في تنفيذها بعدما أعطى حسن ما اتفقا عليه ثمنًا للفكرة، ما أسعد حسن كثيرًا، ولم يتوقف الأمر عند ذلك، فذاع صيت الفتى الأمين بأنه يبيع الأفكار الجيدة، فبدأ الناس يقبلون عليه لشراء الأفكار في مجالات عدة.

 الفصل الثالث

مرت الأيام وبدأ حسن يصبح شخصًا ثريًّا نتيجة اجتهاده وذكائه وحيلته الواسعة، فبنى بيتًا كبيرًا لأمه وإخوته، ووفّر كل وسائل العيش الكريم، وأنفق كثيرًا من المال على مساعدة الفقراء وإعطاء المحتاجين كما كانت تنصحه أمه.

 حينما قرر حسن أن يضع أمواله في مشروع كبير تذكر النصيحة الثالثة التي أعطاه إياها التاجر الغريب، وهي أن يكون مبدعًا، ولا يقلد الآخرين، وبدأ يفكر في المشروع الذي لا يوجد مثيل له في البلاد، حتى توصل إلى فكرة مشروع جديد، وهو أن ينشئ فندقًا كبيرًا بالقرب من الميناء، حتى يستوعب البحارة والمسافرين الذين لا يجدون استراحة أو مكانًا للنوم، وتناول الطعام والشراب سواء للقادمين أم المسافرين أم حتى الذين يؤدون أعمال التجارة والبيع والشراء في منطقة الميناء.

وفعلًا اشترى حسن الأرض وبنى فندقًا، بدا كصرح كبير، يعمل به العشرات من الموظفين والعمال، ويأتي إليه كثير من الزبائن والنزلاء كل يوم، وفي أشهر عدة كان فندق حسن قد حصل على شهرة كبيرة في البلاد، ما دفعه إلى إنشاء فرع آخر في مدينة ساحلية مجاورة، وتبعه فرع جديد، حتى أصبح لحسن سلسلة كبيرة من الفروع التي تغطي المدن الساحلية كافة في البلاد، ما كان يفوق تصورات وأحلام الفتى الصغير صاحب الأمانة والذكاء والحيلة الواسعة.

الأمر الجميل أن حسن كان كلما ازداد ثراء ازداد تواضعًا ولطفًا وبساطة، وازداد عطاء للناس من حوله، فكان يفعل كثيرًا من أعمال الخير، ويمنح الفقراء والمحتاجين، وكان دائمًا ما يتذكر كلمات التاجر الغريب الذي أعطاه نصائح أغلى من المال؛ لذا فقد كان حسن دائمًا يعد المال وسيلة للحياة، وليس أغلى ما في الحياة.

 وفي أحد الأيام وحين كان حسن يمشي في شوارع المدينة قابله فتى صغير، يبيع الفاكهة في الطريق، فاشترى حسن تفاحة واحدة، ثم ابتسم للفتى الصغير، وقال له: هل تريد مني أن أعطيك أجر التفاحة أم أعطيك نصائح أغلى من المال؟ اندهش الفتى الصغير قائلًا: وهل توجد نصائح أغلى من المال؟ فرد عليه حسن مبتسمًا: نعم، فإذا أردت أعطيتك إياها، ولأن الفتى الصغير كان ذكيًّا، فقد وافق على أن يتعلم النصائح بدلًا من المال.

 وفي نهاية قصتنا عن الفتى حسن صاحب الذكاء والحيلة الواسعة، نرجو أن تكون قد استمتعت بهذه القصة وأحداثها السريعة.

 ويسعدنا أن تشاركنا رأيك في التعليقات، وأن تشارك المقال عبر مواقع التواصل؛ لتعم الفائدة على الجميع.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة