قال أحمد: ذهبتُ مع قريب لي لزيارة عمي الشقيق لأبي في مكان عمله فقد كان يشغل مديرًا للبنك الزراعي.. كان قريبي هذا يزور عمي كثيرًا وقد تردد إليه مرات عدة من أجل قروض زراعية له ولأصحابه.
أما أنا فعمي الشقيق لأبي لم أره منذ زمن بعيد ربما يتجاوز العشر سنوات.
حين كنتُ طفلاً كان يتردَّد إلينا ولما انتقلنا إلى بلد آخر أصبحت زياراته لنا متباعدة.
واليوم وأنا في العشرينيَّات من العمر أزوره في مقر عمله.
طلبنا لقاءه فأذن لنا موظف الاستعلامات بالدخول دخل قريبي ذاك أولاً فرحَّب به عمي أشد الترحيب وصافحه قائلاً: أهلاً عبود كيف والدك وكيف صحته وما هي أخباركم وأخبار البلد.
أجاب عبود بالحمد والشكر لله على كل حال قائلاً: نحن كلنا بخير، ثم أخذ بيدي عمي وصافحني مرحبًا أيضًا لكن لم تكن تحيته بمثل تحية عبود وليس كحميمية سلامه مع عبود.
استغربتُ بعض الشيء وربما حدثت نفسي أن عمي لا يحب أبي أو ربما كانت بينهم خلافات لا أعرفها وأنا كنتُ صبيًّا صغيرًا حين كان يزورنا ولا أعلم عن علاقتهم شيئًا.
وربما انقطاعه عن زيارتنا كان بسبب هذا ورحت أحدث نفسي بأفكار شتى لماذا لم يهتم بي كثيرًا كما أهتم بعبود، ولماذا لم يسألني عن أبي وإخوتي.
المهم أننا جلسنا إليه وراح يحدث عبود من جديد عن أخباره وأخبار أهله، ثم انبرى عبود يسأله عن سبب حضوره وأنه يريد قرضًا زراعيًّا لأحد أصدقائه ويسأل عن الأوراق المطلوبة من أجل ذلك، وبعد أن أجابه عمي.
التفت قائلاً لكن لم تعرفني يا عبود على هذا الشاب مشيرًا إلي.
قال عبود: وقد فاجأه السؤال وأنا كذلك، وكنتُ أظن أنه قد عرفني.
قال عبود: أولم تعرفه؟ قال عمي: لا من يكون؟
قال: هو ابن أخيك صالح.
نظر إليّ عمي باندهاش، وقام من خلف مكتبه، وأقبل لهفة المشتاق وعانقني وهو يقول: (ابن اخوي ولا أعرفه أيعقل هذا باطل... باطل)، وضمني إليه وهو يردد: ما شاء الله ما شاء الله أنت ما اسمك؟
قلت: أحمد. قال ها أنت الرابع من بين إخوانك أليس كذلك؟
قلت: أجل..
قال: كيف لم أعرفك؟
كنتم صغارًا حينما كنت أزوركم، لقد تغيرت ملامحك عليّ كثيرًا، كنت ضعيف البنية وأنت صغير.
قلت وأنا أبتسم: والله يا عماه استغربت أنك لم ترحب بي ترحيبك بعبود ورحت أحدث نفسي بأفكار يمنة ويسرة، تُرى ما سبب جفوة عمي لي! أهو خلاف مع أبي كان سابقًا أم أمر آخر أجهله.
قال عمي: لا عليك يا بني هي جفوة البعد التي تحدث لكل من غاب عن أحبابه فربما نسيهم أو نسوه.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.