لقد تجرَّدتُ من المشاعر، أشعرُ بأني جسم بلا نبض، أتخبط هنا وهناك، لا أشعر بالاتزان، وكأنني راقص على مسرح الجريمة امتلأت يداه بالدماء وانصاع للأوامر رغمًا عنه، لقد كنتُ جميل القلب، طهور اللسان، أذلني الفقر وكسرني بكاء أطفالي الذين إذا نظرتَ إليهم ترى عظامًا يكسوها اللحم حفاة عُراة..
سؤالٌ يراود فكري أما آن الأوان لتغير الحال إلى الأفضل؟
أنت تعيش بفقر ولا تجد قوت يومك، وغيرك يستحم بالحليب ويفترش المال تحت قدميه. أما آن الأوان؟ كيف أفعل؟ وماذا أفعل؟
هنا وعندما طرحت هذه الأسئلة، بدأ الشيطان بالدخول ليُزيِّن الإجابات لي. الشيطان قال "لن تفعل شيئًا سوى الذهاب إلى المنزل المجاور وسرقته لأنه مملوء بالمجوهرات، لا تفكر بنفسك بل فكر بأطفالك الذين يموتون أمامك وأنت مكتوف اليدين".
أطفالي صغاري تنهار عيناي بالبكاء ولا أتمالك نفسي، وأطاوع الشيطان وأذهب لسرقة المنزل وأدخل ليلًا... وأتسلل إلى المنزل بهدوء وبأناملي أفتح قفل الباب. وفي كل خطوة أخطوها أرى أطفالي أمامي وأتصورهم وهم يموتون.
في أثناء محاولاتي لفتح الأبواب، وجدتُ بابًا محكم الإغلاق، شعرتُ بأنه يوجد شيء خلفه، واستمررت بمحاولة فتحه، وعندما نجحت بفتحه أسرني المنظر، وبدأت عيناي باللمعان، وإذا بالموجود كان خزينة جواهر.
انطلقتُ مسرعًا لكي تلامس يداي هذا المال، ومن شدة فرحتي أصبحت كمن فقد عقله الباطن...
في أثناء فرحي غير المحدود، سمعت أصوات سيارات الشرطة تقترب وصوت أقدام باتجاهي، وقفتُ متجمدًا بمكاني والمجوهرات بيديَّ لا مكان للهرب..
دخلت الشرطة وألقت القبض عليَّ، وجدوني متلبسًا في مكان الجريمة والدليل في كلتا يدي.
حينها وفي تلك اللحظة فقدتُ المشاعر، لم يعُد طيف أطفالي يراودني. علمتُ في ذلك اليوم بأن الفقر قتل أطفالي.
حُكِم عليَّ بالسجن المؤبد لكي يتعظ غيري، ونُفِّذ الحكم.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.