أسند رأسه إلى كرسي كحلي من كراسي الصالون واضعًا يده اليسرى فوق مسند الكرسي واليد الأخرى على فمه متألمًا، فقد أصابه الضر وأصيب بمرض عضال «سرطان المعدة»، منتظرًا الموت ومتألمًا على وضع ابنتيه (فاطمة وسمر) بعد وفاته ومشاركة شقيقه عمر أملاكه.
جلس ينظر إلى كريستال النجفة وانكسار الضوء وهو حزين، وردد كلامًا غير واضح ينم عن قلق وتوتر شديدين، ثم قرر أن يذهب في اليوم التالي إلى الشهر العقاري ليسجل أملاكه باسمَي فاطمة وسمر، لتكون أملاكه خالصة لهما.
جهز عليٌّ أوراقه ومستنداته لتنفيذ ما نوى، ثم صفع جبهته متذكرًا أن غدًا الجمعة، قائلًا في نفسه «عندما تقرر تجد أن غدًا الجمعة! خير، حتى تفكر جيدًا» وجلس يتسامر مع نفسه ثم أخلد إلى النوم، مانعًا نفسه اللوامة من مراجعة أفكاره.
فربنا -سبحانه- عندما أنزل المواريث في قرآنه ورَّث الأخ فيها إذا لم يكن الميت قد أنجب ولدًا، لحكمة وعلم يعلمهما -سبحانه-، ومنه أن البنات يحتجن إلى سند من دمهن فيكون العم بديلًا للأب بعد وفاته، ولمَ لا والخالق العالم بكل شيء أنزل هذا.
ذهب إلى الشهر العقاري وتم له ما نوى وحفظ مستنداته في درج مكتبه المغلق في ظرف أزرق أسفل مصحفه، مباركًا خطوته ومرتاح البال وليس الضمير.
لم تعلم زوجته بذلك ولم يعلم شقيقه شيئًا ولا حتى ابنتيه فاطمة وسمر علمتا، تاركًا خلفه الحقيقة لتتكشف عند وفاته، التي حدثت بعد شهر من الواقعة.
جلس عمر شقيق عليٍّ حزينًا مع أسرة عليٍّ، ووقف يتلقى العزاء مساندًا ابنتَي شقيقه. ثم جلس مع أسرة عليٍّ وتحدث في كل شيء مع ابنتَي أخيه، عارضًا بكل كرم أنه لن يشارك البنتين أملاك والدهما وطلب أن يتنازل بالشهر العقاري عن حصته من التركة.
وبعد أخذ وجذب انتهى إلى تنفيذ ذلك الإجراء في اليوم التالي، وطلب فتح مكتب شقيقه للاطلاع على الأوراق والمستندات، لتنكشف الحقيقة! فغضب عمر على الرغم من تنازله، وبكت الزوجة ثم أغمي عليها.
فاستُدعي الطبيب، وطلب إجراء بعض التحاليل والحضور إلى العيادة. ثم ذهبوا إلى العيادة وأتم الطبيب الكشف، فأطلق مفاجأة أن الزوجة حامل في الشهر الثاني.
وعلى الرغم من المفاجأة، فرح عمر وفرحت فاطمة وسمر وخرجوا جميعًا مدهوشين تغمرهم الفرحة.
وبعد خمسة أشهر، عرفوا من الطبيب أن الجنين ذكر، عندها عم الحزن، فقد رفضت فاطمة وسمر الذهاب إلى الشهر العقاري لتغيير ما سجله أبوهما من أملاك لهما، متجاوزتين حق أخيهما في نصف التركة وحق أمهما.
غضب عمهما عمر لأن هذا خطأ ارتكبه شقيقه علي -رحمة الله تعالى عليه-، وأنه ينبغي لهم أن يُصلحوا ما أفسده حتى ترتاح روحه وتُرَد الحقوق، فهذا حق وإن ما حدث سيكون عظة وعبرة لكل إنسان حتى لا يتدخل في شرع الله ولا يخالف تعاليم الله.
ولا يزال عناد فاطمة وسمر، آملين أن يهديهما الله لرد الحقوق.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.