قصة "عشقت وغداً".. قصص قصيرة

"سقطت في حبائل عشقه دون شعور، بمعسول كلامه الذي يذيب الحديد، حتى صار قلبي طوع أمره، وعقلي تجرد من لبه. من فرط ذكاءه ومفعول حديثه الغرامي الجارف، اسلست له القياد، فاستسلمت له جوارحي، وملك مشاعري، إلى أن بت أشكو الصبابة من الهيام به، أسعى بلهفة للقائه، ويشرد بي التفكير في غيابه، أفكر فيه ليل نهار.. مما جعلني أبذل جهودًا مضنية لإقناع أمي به. وبعد بضعة شهور من زواجنا انكشف القناع عن وجهه، فبدا على حقيقته: "إنه مجرد وغد كذاب، تمسكن حتى تمكن" تقول حياة".

حياة، إنها الفتاة الوديعة التي لم تكمل عقدها الثالث، مات أبوها في حادثة سير مفاجئة، فتحملت مسؤولية أسرتها، وهي شابة غضة طرية، لم يتبقَ لها من الحياة إلا أمها المسكينة "كنزة"، وأخوها الأصغر "سفيان" البالغ من العمر ست سنوات، قسى عليها الزمان، حين لم تكمل دراستها في السلك الثانوي، رغم أنها كانت شاطرة، واتجهت للبحث عن عمل في سن مبكرة بمعمل للنسيج، فتعرَّضت للتحرش المتكرر من مدير الشركة، الذي صدته أكثر من مرة، ضاقت درعًا بتصرفاته، فغادرت العمل مضطرة لتنجو بجلدها.

وفي رحلة البحث عن عمل جديد، التقت ب "بوعزة" رجل في الأربعينيَّات من عمره، يشتغل "سمسارا" أي وسيطًا يدَّعي امتلاكه وكالة عقارية، ومشاريع فلاحية، فصيح اللسان، ماهر البيان، منمق للكلام، عرض عليها المساعدة.

وبالفعل أوفى بوعده، فتوسط لها كي تعمل منظفة بالمستشفى المحلي، شكرته على صنيعه، وسرعان ما راح يسأل عنها، ويتقصى أخبارها، ويحوم حولها، إلى أن أفصح لها عن إعجابه بها، ونيته الزواج منها، ارتاحت له، امنت جانبه، تذكرت شهامة موقفه معها في عز أزمتها..

توجت علاقتهما بالزواج، الذي كشف المستور، فإذا به شخص اتكالي مغرور، كذاب أشر، مطلق ذو سوابق عدلية لا تسر، حرفته النصب على النساء الحرائر، استغلالهن، والاستيلاء على أموالهن.

استذر عطف "حياة" واستمال أمها، فاسكنتهما معها.. بات يسهر خارجًا، ويصبح نائمًا إلى منتصف النهار، تبخرت وكالته، وطار زبائنه، وغدت مشاريعه أضغاث أحلام...

تقول حياة - بصوت ينزف ألما - " أخيرًا استفقت على كابوس، لقد عشقت وغدًا، حول حياتي إلى كذبة كبيرة، ندبت حظي يوم التقيت به، لن أسامحه أبدًا ما حييت..."

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة