طلعت مصطفى مصطفى العواد مارس 23, 2023, 1:34 م

قصة "عاوزين الزرع يطلع".. قصص قصيرة

في مدرسة عملت بها طلب مدير المدرسة من العامل أن يزرع له أشجارًا لتجميل المدرسة، وكي يحفزه وعده أن يعطيه عشرة جنيهات عن كل شجرة يفتح لها الأرض ويزرعها، هز العامل رأسه وداعبها بإصبعه ثم أطلق من فمه كلمة لا نزال نذكرها حتى اليوم:

- عاوز الزرع يطلع أم لا؟

أردف المدير قائلًا:

- بالطبع، نريد للأشجار أن تنمو وتزدهر وتجمل المدرسة وتحمي الأطفال من الحر

هنا انشرح صدر العامل؛ لأنه سيحصل على ما يبغي، وبطريقة ماكرة قال العامل للمدير:

- إن كنت تريد للزرع ألا ينمو ويموت ادفع عشرة جنيهات لكل شجرة، أما إن كنت تريد أن ينمو الزرع ويورق عليك بعشرين جنيهًا عن كل شجرة...

فضحك المدير وقال له:

- كيف ذلك؟

- قال: أبو عشرة له طريقة وأبو عشرين له طريقة أخرى مثل تعميق الحفر ووضع رمل أسفل الشجرة وغير ذلك...

حينها أجبر المدير على دفع ضعف الأجرة، وهذا ما نراه يتكرر كثيرًا في كل عمل، كل منا ينظر إلى نفسه ومصلحته الخاصة، ولا يهمه الضرر والإتلاف المادي والزمني لخامات ووقت عمله.

وهذا ليس بمواطن يحب بلده ويتقي الله فيها وفي أهله، نحن بحاجة إلى تربية جيل مؤمن بالعمل، مُدرَّب على إتقان العمل وجودته، نحن بحاجة لوضع خطة في كل عمل ومصنع لإنتاج عمل جيد، ونشر ثقافة العمل الجيد، لقد انتشرت في هذه الآونة كلمات رنانة، ومكاتب وإدارات للجودة، والملاحظ أنها أوراق بالألوف تكبت وتقارير يعلم الله مدى صدقها، وفي الحقيقة كل مصلحة تعمل من أجل الحصول على شهادة الجودة.

والكل يجتهد ويعمل ويجمل ملبسه وتقاريره، وبعد انتهاء لجنة الاعتماد والجودة من زيارتها للهيئة أو المصلحة، ينفرط عقد العمل ونعود إلى ما كنا عليه، دون مراجعة مستمرة وتقييم وتقويم مستمر وتنفيذ للخطط الموضوعة بإتقان وإخلاص، وليس هذا هو سلوك المواطن الحق والعامل الحق، إنما المواطن الحق ينبغي أن يعمل بضمير وإخلاص، نريد أن نعمل من أجل أن نحصد وننتج، لا نريد أن نقضي وقتًا ونستهلك جهدًا وفي النهاية سيكون المحصول صفرًا، فنزرع ولا نحصد، ونبني ونعمر لا أن نهدم وندمر من أجل الأنانية والمصلحة الخاصة فقط، نريد عاملًا وموظفًا صانعًا يتقن العمل من أجل نفسه والمجتمع، ومن أجل أن يحبه الله ويبارك كسبه، ولرفعة وتقدم وطنه.

بقلم طلعت مصطفى مصطفى العواد

كاتب قصة قصيرة وزحل ومقالات من مواليد مدينة السرو دمياط نشر له فى كثير من الصحف

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة