قصة "عاثر الحظ".. قصص قصيرة

كنت دائمًا ما أتساءل هل أتيت إلى هذا العالم مع كل النحس الذي فيه، هل اجتمع كل هذا النحس بشخص واحد ألا وهو "أنا"؟

أغلب الظروف التي تعرَّضتُ لها تُوحي بذلك، وما عدتُ أجدُ خلاصًا لهذا السيئ والأسوأ الذي يرافقني أينما حللت.

في سن العاشرة أخبرني والدي للمرة الأولى ما أخفاه عني لسنوات، وها هو يعترف بذلك فقط؛ لأنه أحسَّ بأنه على حافة أيامه الأخيرة والخبر هذا أوجعني بشدة، فوالدتي لاقت حتفها بعد ولادتي بساعة واحدة لكثرة ما تعذبت بي أثناء الطلق، فمزقتُ رحمها، ومحاولة الأطباء بإيقاف النزيف حينها كانت جمعيها فاشلة..

وأيضًا قد أُجري لي عملية جراحية لالتحام الثقب الذي كان في قلبي، الآن علمت لم كل هذا الشعور بالنحس فقلبي مذ ولادتي لم يكن بخير، وتزوج أبي بعدها بامرأة لم أصفها يومًا إلا بعبارة واحدة إنها "الأفعى السامة على شكل بشر"، ثم توفي والدي، فترعرعت تحت رحمة تلك السامة اللادغة

حاولت كثيرًا أن أنجح في الصف الواحد من السنة الأولى لكن لكثرة غبائي وحظي العاثر لم أعبر ذاك الصف إلى بعد ثلاثة سنوات لكل صف، كنتُ أستحي من التلامذة في صفي لأنني أكبرهم بسنوات في العمر والشكل والجسد، ثم تخليت عن دراستي بعد أن حصلت على شهادة واحدة.

إنهم رفاقي الآن من أثنوا عليَّ وألحوا بشدة أن ألتحق بمعهد لتعليم الفنون والمسرح، ظننًا منهم بأنه مناسب لي وسأفلح بذاك المجال، خضعت لآرائهم وقبلت هذه المهمة التي سأفشل بها بكل تأكيد لأن "المنحوس منحوس حتى لو خرج من فانوس"، إنها عبارة زوجة أبي (رحمه الله) المتمردة الحاكمة، اللادغة مرة أخرى، فتليق بها تلك الأفعى السوداء

ها هي سنة كاملة مرت على خير ودون النحس الذي اعتدت عليه، فقد نجحت في "مهمتي الفاشلة" التي لطالما أسميتها كذلك، وتوالت أربع سنوات على هذا النحو من النجاح، وتخرجت من ذاك المعهد بشهادة عالية تخولني العمل بأي مسرح أريد، حتى في تمثيل الأفلام والمسلسلات، فأقام لي أصدقائي حفلاً كبيرًا لتخرُّجي من شدة بهجتهم لي..

ولكن تلك المرأة الفظّة، ذات العباءة السوداء، كان لا بد من تواجدها مع أنني أكره هذا، وها هي تتقدم نحوي لتتمنى لي الأفضل في أيامي القادمة، لم أفكر وقتها إلا بشيء واحد أن لطافتها المُفاجئة هذه، كانت فقط لكيلا أمثل عن شخصيتها في أعمالي الجديدة، ثم تبسمت “ابتسامة مصطنعة" احترامًا لها أمام الناس.

بدأت أعمالي المسرحية تُلاقي إعجاب الجميع، وشهرتي تزداد يومًا عن يوم، وتفكيري بأنني الشخص ذو الحظ العاثر بدأ يتضاءل وأصبحت أكثر تفاؤلاً من قبل، ولم يبقَ لي إلا فتاة كالقمر تُثير جنوني وأعشقها من النظرة الأولى وأتزوج بها ونُنجب أطفالنا ونعيش بكثير من الحب والسلام، دون عثرة حظ.

كاتبة مقالات وقصص متعددة الأنواع، بأسلوب سلس وجذاب، لبنانية الجنسية، من مواليد ١٩٩٦، مشرفة لمدونة "أنامل عربية" واكتب في مدونة" رواد المتوسط " في قسم "الأدب ".

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

مايو 3, 2023, 3:02 م

لن يقلق بعد الآن، فالحظ العاثر ذهب من دون رجعة.👍🏻

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مايو 3, 2023, 4:29 م

أتمنى ذلك للجميع... ❤️

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مايو 3, 2023, 3:46 م

فإن مع العسر يسرا
طفولة مؤلمة ولكن العوض يأتي في الوقت المناسب.
احسنت

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مايو 3, 2023, 4:31 م

نعم كذلك... وليت هذا العوض يكون من نصيبنا جميعاً.. ولو تأخر.. شكراً لتعليقك ومرورك العذب... ❤️

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مايو 3, 2023, 4:50 م

👍🏻👍🏻👍🏻

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مايو 3, 2023, 4:59 م

🌹🌹

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مايو 3, 2023, 5:11 م

هذه العثرة دائماً ما تصيبنا والله المستعان وما بعد الصبر الا الفرج

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مايو 3, 2023, 5:45 م

♥️

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مايو 3, 2023, 5:45 م

❤️

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مايو 3, 2023, 5:20 م

اغلبنا ذو حظ عاثر والى الله المشتكي ابدعتي اختي

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مايو 3, 2023, 5:43 م

الله لا يترك أحد... لنلتزم الصبر بقدر المستطاع

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مايو 3, 2023, 6:56 م

كلها مكاتيب يجب على كل فرد أن يؤمن و يتقبل و يصبر والله لا يترك أحدا فكلها اختبارات🌹موفقة أختي💓

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مايو 3, 2023, 7:21 م

أحسنتِ القول... واتمنى لكِ التوفيق أيضاً وانا بانتظار كتاباتك دائماً... لكِ كل الحب والتقدير ♥️

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مايو 4, 2023, 8:44 ص

نحن قصتنا و نحن حظنا.. علينا فقط أن نصدق ذلك و نؤمن بأنفسنا كما آمن الله بها.. إنها قصة خروج النور من رحم الظلام.. جميلة جداّ

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مايو 4, 2023, 9:20 ص

أحسنتِ القول... عيناكِ الجميلتان... شكراً لمرورك العذب ♥️

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مايو 7, 2023, 9:11 ص

القصة جميلة جدا لانها من وحي واقعنا وليست خياليه،اتمنى لك الاستمرار والابداع في هذا المجال

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مايو 7, 2023, 9:34 ص

شكرا عزيزتي ❤️

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

هل تحب القراءة؟ كن على اطلاع دائم بآخر الأخبار من خلال الانضمام مجاناً إلى نشرة جوَّك الإلكترونية

مقالات ذات صلة
سبتمبر 24, 2023, 6:14 ص - سومر محمد زرقا
سبتمبر 23, 2023, 2:32 م - بومالة مليسا
سبتمبر 23, 2023, 2:19 م - بومالة مليسا
سبتمبر 23, 2023, 11:08 ص - مدبولي ماهر مدبولي
سبتمبر 23, 2023, 10:50 ص - مدبولي ماهر مدبولي
سبتمبر 23, 2023, 9:11 ص - سهيلة يحيى زكريا
سبتمبر 23, 2023, 6:46 ص - خوله كامل عبدالله الكردي
سبتمبر 21, 2023, 5:25 م - ليلى امير
سبتمبر 21, 2023, 1:47 م - أنس بنشواف
سبتمبر 21, 2023, 12:47 م - إياس فرحان الخطيب
سبتمبر 21, 2023, 12:26 م - آسيا نذير القصير
سبتمبر 21, 2023, 11:21 ص - زينب علي محمد
سبتمبر 21, 2023, 8:50 ص - وليد فتح الله صادق احمد
سبتمبر 21, 2023, 8:11 ص - أمل محمود قشوع
سبتمبر 21, 2023, 7:44 ص - سحر حسين احمد
سبتمبر 21, 2023, 7:37 ص - خلود محمد معتوق محمد
سبتمبر 20, 2023, 8:18 ص - سومر محمد زرقا
سبتمبر 20, 2023, 6:20 ص - زينب هلال
سبتمبر 18, 2023, 4:01 م - رايا بهاء الدين البيك
سبتمبر 18, 2023, 2:57 م - بوعمرة نوال
سبتمبر 18, 2023, 8:23 ص - زينب هلال
سبتمبر 18, 2023, 7:21 ص - سومر محمد زرقا
سبتمبر 18, 2023, 6:20 ص - زينب هلال
سبتمبر 17, 2023, 4:00 م - عبدالرحمن أحمد عبدربه الصغير
سبتمبر 17, 2023, 9:58 ص - وصال وداعه علي
سبتمبر 17, 2023, 6:26 ص - مني حسن عبد الرسول
سبتمبر 16, 2023, 1:31 م - ميساء محمد ديب وهبة
سبتمبر 15, 2023, 12:45 م - سهيلة يحيى زكريا
سبتمبر 14, 2023, 9:01 ص - صفاء السماء
سبتمبر 14, 2023, 8:40 ص - شروق محمود محمد علي
سبتمبر 14, 2023, 7:03 ص - رايا بهاء الدين البيك
سبتمبر 14, 2023, 6:14 ص - بومالة مليسا
سبتمبر 13, 2023, 6:44 م - صفاء السماء
سبتمبر 13, 2023, 5:36 م - صفاء السماء
سبتمبر 13, 2023, 9:27 ص - بومالة مليسا
سبتمبر 13, 2023, 7:25 ص - مني حسن عبد الرسول
سبتمبر 13, 2023, 6:19 ص - حسام عبدالله الساحلي
سبتمبر 12, 2023, 5:52 م - صفاء السماء
سبتمبر 12, 2023, 5:13 م - صفاء السماء
سبتمبر 12, 2023, 2:19 م - حنين عبد السلام حجازي
سبتمبر 12, 2023, 8:05 ص - ميساء محمد ديب وهبة
سبتمبر 12, 2023, 6:47 ص - رايا بهاء الدين البيك
سبتمبر 11, 2023, 7:36 م - صفاء السماء
سبتمبر 11, 2023, 2:57 م - مبدوع جمال هند
سبتمبر 11, 2023, 10:04 ص - محمود سلامه الهايشه
سبتمبر 11, 2023, 8:51 ص - صفاء السماء
سبتمبر 11, 2023, 7:07 ص - مصطفى جاد ابو العز
سبتمبر 11, 2023, 6:24 ص - سهيلة يحيى زكريا
سبتمبر 11, 2023, 5:09 ص - أنس بنشواف
سبتمبر 10, 2023, 10:54 ص - التجاني حمد
سبتمبر 10, 2023, 9:44 ص - أسماء خشبة
سبتمبر 10, 2023, 9:19 ص - شادى محمد نجيب
سبتمبر 9, 2023, 8:54 م - محمود سلامه الهايشه
سبتمبر 9, 2023, 1:14 م - هشام بوطيب
سبتمبر 9, 2023, 11:14 ص - صفاء السماء
سبتمبر 9, 2023, 11:10 ص - بومالة مليسا
سبتمبر 9, 2023, 9:51 ص - وصال وداعه علي
سبتمبر 9, 2023, 8:12 ص - بومالة مليسا
سبتمبر 9, 2023, 8:12 ص - مدبولي ماهر مدبولي
سبتمبر 7, 2023, 6:48 م - بومالة مليسا
سبتمبر 7, 2023, 1:07 م - بومالة مليسا
سبتمبر 7, 2023, 12:59 م - بومالة مليسا
سبتمبر 7, 2023, 12:33 م - مدبولي ماهر مدبولي
سبتمبر 7, 2023, 11:54 ص - بومالة مليسا
سبتمبر 6, 2023, 7:07 م - مجانة يمينة
سبتمبر 6, 2023, 6:39 م - مدبولي ماهر مدبولي
سبتمبر 6, 2023, 7:16 ص - زينب علي محمد
سبتمبر 6, 2023, 5:59 ص - عزام جمعة سعيد
سبتمبر 5, 2023, 10:31 ص - بومالة مليسا
سبتمبر 5, 2023, 9:44 ص - بومالة مليسا
سبتمبر 5, 2023, 8:47 ص - لؤي نور الدين الرباط
سبتمبر 4, 2023, 6:31 م - محمود سلامه الهايشه
سبتمبر 4, 2023, 5:19 م - صفاء السماء
سبتمبر 4, 2023, 6:12 ص - صفاء السماء
نبذة عن الكاتب

كاتبة مقالات وقصص متعددة الأنواع، بأسلوب سلس وجذاب، لبنانية الجنسية، من مواليد ١٩٩٦، مشرفة لمدونة "أنامل عربية" واكتب في مدونة" رواد المتوسط " في قسم "الأدب ".