قصة "عائلة محمود"ج3.. قصص قصيرة

كانت مقاطعة محمود لكلام الطبيب وسعاد غير مبررة، وكانت بكلام ليس له معنى أيضًا، وبدون سابق إنذار أو استئذان انصرف رغم لهفته للحضور وتعنيفه للسكرتيرة.

 اقترب الطبيب من حنان وقال: أي لعبة يا حنان وأنا أصلحها لكِ، هل هي العروسة أم السيارة؟

حنان: هي سيارتي، وماتت العروسة فيها.

الطبيب: سوف أصلحها بنفسي لكِ، والعروسة لم تمت بل هي نائمة. أتعلمين أن إيمان تحبك، وهي لا تقصد كسر سيارتك اللعبة؟ فهدأت حنان، وإذا برسالة في هاتفه، والهاتف كان بعيدًا عن المكتب؛ فمن عادة الطبيب أن يضع هاتفه على منضدة صغيرة حتى لا ينشغل بالهاتف أثناء الكشف، ولكنه لمح أن الرسالة من محمود. 

الطبيب: تُرى لماذا أرسل لي أستاذ محمود رسالة؟ يبدو أن الأمر مهم، خاصةً أن محمود تحدث منه مفارقات وغرائب في تصرفاته.

فتح الرسالة وكان نصها «رجاءً لا تخبر أبنائي بما أخبرتك به، وسوف أطلعك على السبب في وقت آخر». جلس الطبيب على المكتب مرة ثانية ونادى الممرضة لتعطي لحنان إبرة مهدئة لتنام بعد ساعة.

سعاد: أنا سوف أعطيها لها في البيت؛ لأن الطريق يستغرق أكثر من ساعة، وسوف تنام في السيارة وتحلم بإيمان. فضحك الطبيب.

سألت سعاد الطبيب: لماذا هدأت بسرعة بعدما كلمتها؟

ضحك الطبيب وقال: سر المهنة.

ابتسمت وقالت: سر المهنة عندي، إنني طبيبة المستقبل.

الطبيب: وفقك الله يا أستاذة سعاد. وفي أى تخصص؟

قالت سعاد في نفسها: هل هو تعارف أم كشف؟

شعر الطبيب بعدم رغبتها في الحوار فقال في نفسه: ماذا حدث لي؟ لقد نسيت أنني أعمل. يبدو أن سعاد قد أنستني نفسي؛ فهي طبيبة جميلة.

وأكمل كلامه قبل أن ترد وقال: حاولوا أن تُشعروها أن كلامها طبيعي، وتجنبوا نظرات الدهشة والتعجب؛ فهذا يثير غضبها ويزيد من حالتها، فذلك ما حدث تمامًا.

ولاحقته بسؤال: لمَ لا تخبرني لماذا تدهورت حالة أمي؟ لقد فهمت في أول كلام حضرتك منذ قليل أن حالتها لن تستقر بعد ذلك، وكنت أشعر أنك بعد الكلام والكشف على أمي سوف تُكمل وتخبرني بالأسباب.

فهل ما ظننته صحيح؟ وما الأسباب؟ لقد أوشكت أن أشك في عدة احتمالات وكلها مؤلمة لي لو كانت حقيقية.

فارتبك الطبيب؛ لأن محمود أرسل له رسالة بعدم البوح بشيء لأبنائه. وهنا حاول أن يرد بأي شيء حتى يخرج من الموقف، ولكنه لم يستطع أن يقنع سعاد، وظلت الحيرة تحيط بكل وجدانها. وأخذوا والدتهم وذهبوا إلى البيت.

 سعاد: بابا.. ليتك توصل عمي إلى المنزل ليستريح. أنا أعلم يا عمي أنك لن تستريح إلا في بيتك، وأمي سوف تكون بخير إن شاء الله.

العم: يا محمود.. هل تحتاج إليَّ؟ قل ولا تُحرج.

محمود: لا يا سعيد، حنان سوف تكون بخير، حتى أنا أحتاج للنوم لأني متعب جدًّا، سأوصلك وأرجع لأنام.

 سعاد: وأنتِ يا أمل اذهبي إلى زوجك وأولادك، أنا أعلم أنهم بالفعل أولادك؛ فهم لا يتحملون غيابك.

أمل: نعم يا سعاد إنهم أولادي وأكثر، ليتك تُطمئني قلبي على أمي.

سعاد: نعم يا أمل اطمئني، أنا ومنى سنتبادل السهر، وأبي سوف ينام؛ فاليوم كان شاقًّا عليه، وأعلم يا أبي غلاوة أمي عندك، أمي سوف تكون بخير، اطمئن إن شاء الله.

وما زالت الألغاز تداعب فكر سعاد.

وصلت سعاد إلى البيت بسيارة علي، أعطت سعاد الإبرة لوالدتها، والأب ما زال في الطريق يوصل أخاه وابنته، فكلاهما في اتجاه واحد، ثم اقتربت السيارة من منزل أمل ففتحت الباب.

أمل: إيهاب.. إيهاب.. فلم يسمعها. وسمعته يتحدث في الهاتف مع سيدة، وسمعت بعض كلمات لم تكن واضحة، ثم سمع زوجها صوت أقدامها فناداها.

أمل: من الذي كنت تكلمه الآن يا حبيبي في هذا الوقت المتأخر؟!

إيهاب: أتغارين عليَّ؟

أمل: إيهاب لا تلعب بأعصابي، قل لي.

إيهاب: كنت أطمئن عليكِ، وسعاد قالت إنكِ في سيارة والدك واقتربتِ من الوصول. كيف حال والدتك يا حبيبتي؟

أمل: بخير.. سوف أتصل بسعاد لأطمئنها.

وبارتباك شديد قال إيهاب: لا..لا.. سوف أتصل أنا وأطمئنها على وصولك.. أنا جوعان جدًّا.

أمل: والأولاد، هل أكلوا؟

إيهاب: نعم، سخنت لهم الحليب وأكلوا قطعتين من كيك وناموا.

أمل: ولمَ لم تأكل حتى الآن؟

إيهاب: أنتِ تعلمين أنني لا أستطيع أن آكل بدونك.

أمل: حبيبي لك مني قبلة لكن بعد تحضير العشاء.

إيهاب: حبيبتي.. أنا في انتظارك.

ذهبت أمل إلى المطبخ، ولكنها قالت في نفسها: لا بد أن أقبله قبل عمل العشاء؛ ألا يكفي أنه لم يستطع الأكل بدونى. تُرى مع من يتحدث إيهاب الآن بصوت منخفض؟. لا..لا.. إن الشيطان يوسوس لي.. هههههه.. ربما يتحدث مع أختي كي يطمئنها، فلن أسأله هذه المرة حتى لا أكون كثيرة التطفل، ورجعت لتقبله، فارتبك.

قالت أمل في نفسها: لماذا ارتبك وأغلق هاتفه عندما دخلتُ عليه الآن؟! لا.. لا. قلت لا يا أمل.. اعقلي.. اعقلى.. قلت لكِ هذا فعل الشيطان.. هو أغلق الهاتف لا مشكلة.

أمل: إيهاب حبيبي.. هذه قبلتي كما وعدتك.. دعني أكمل العشاء.

إيهاب: نعم تأكدت الآن أنني على حق أن أعشقك؛ فأنتِ لم تُخلفي وعدكِ. وضحك الاثنان.

ثم اتصلت سعاد بها وقالت: هل وصلتِ بالسلامة؟ فساورها الشك لكنها لم تُظهر قلقها لأختها؛ فالمفروض أن إيهاب اتصل بها.

وظلت تسأل نفسها: أتواجهه أم تراقبه أم تنتظر موقفًا آخر منه حتى تتأكد ولا يستطيع أن يكذب؟

 وإلى هنا تنتهي الحلقة.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

هل تحب القراءة؟ كن على اطلاع دائم بآخر الأخبار من خلال الانضمام مجاناً إلى نشرة جوَّك الإلكترونية

مقالات ذات صلة
سبتمبر 30, 2023, 7:48 ص - خوله كامل عبدالله الكردي
سبتمبر 30, 2023, 6:56 ص - وليد فتح الله صادق احمد
سبتمبر 30, 2023, 6:35 ص - خوله كامل عبدالله الكردي
سبتمبر 29, 2023, 12:10 م - عيسى رضوان حمود
سبتمبر 29, 2023, 8:09 ص - عبير احمد الرمحي
سبتمبر 28, 2023, 11:12 ص - جينا فاروق توما
سبتمبر 28, 2023, 9:26 ص - مني حسن عبد الرسول
سبتمبر 27, 2023, 7:17 م - محمد جاد المولى
سبتمبر 27, 2023, 2:43 م - صفاء السماء
سبتمبر 27, 2023, 2:30 م - أحمد سامى محمد الجمل
سبتمبر 27, 2023, 1:58 م - زينب هلال
سبتمبر 27, 2023, 1:17 م - نادية مصطفى حسن
سبتمبر 26, 2023, 9:05 ص - زينب هلال
سبتمبر 26, 2023, 6:35 ص - جلال ناجي حسن
سبتمبر 25, 2023, 2:52 م - جينا فاروق توما
سبتمبر 25, 2023, 8:55 ص - رايا بهاء الدين البيك
سبتمبر 25, 2023, 6:34 ص - ريم عبدالله
سبتمبر 24, 2023, 7:04 م - أسماء خشبة
سبتمبر 24, 2023, 11:40 ص - حسن محمد قايد
سبتمبر 24, 2023, 8:33 ص - سومر محمد زرقا
سبتمبر 24, 2023, 6:14 ص - سومر محمد زرقا
سبتمبر 23, 2023, 2:32 م - بومالة مليسا
سبتمبر 23, 2023, 2:19 م - بومالة مليسا
سبتمبر 23, 2023, 11:08 ص - مدبولي ماهر مدبولي
سبتمبر 23, 2023, 10:50 ص - مدبولي ماهر مدبولي
سبتمبر 23, 2023, 9:11 ص - سهيلة يحيى زكريا
سبتمبر 23, 2023, 6:46 ص - خوله كامل عبدالله الكردي
سبتمبر 21, 2023, 5:25 م - ليلى امير
سبتمبر 21, 2023, 1:47 م - أنس بنشواف
سبتمبر 21, 2023, 12:47 م - إياس فرحان الخطيب
سبتمبر 21, 2023, 12:26 م - آسيا نذير القصير
سبتمبر 21, 2023, 12:05 م - خوله كامل عبدالله الكردي
سبتمبر 21, 2023, 11:21 ص - زينب علي محمد
سبتمبر 21, 2023, 8:50 ص - وليد فتح الله صادق احمد
سبتمبر 21, 2023, 8:42 ص - تامر عز الدين سعيد
سبتمبر 21, 2023, 8:11 ص - أمل محمود قشوع
سبتمبر 21, 2023, 7:44 ص - سحر حسين احمد
سبتمبر 21, 2023, 7:37 ص - خلود محمد معتوق محمد
سبتمبر 20, 2023, 8:18 ص - سومر محمد زرقا
سبتمبر 20, 2023, 6:20 ص - زينب هلال
سبتمبر 19, 2023, 10:26 ص - خوله كامل عبدالله الكردي
سبتمبر 19, 2023, 7:53 ص - تامر عز الدين سعيد
سبتمبر 18, 2023, 4:01 م - رايا بهاء الدين البيك
سبتمبر 18, 2023, 2:57 م - بوعمرة نوال
سبتمبر 18, 2023, 8:23 ص - زينب هلال
سبتمبر 18, 2023, 7:21 ص - سومر محمد زرقا
سبتمبر 18, 2023, 6:20 ص - زينب هلال
سبتمبر 17, 2023, 4:00 م - عبدالرحمن أحمد عبدربه الصغير
سبتمبر 17, 2023, 9:58 ص - وصال وداعه علي
سبتمبر 17, 2023, 6:26 ص - مني حسن عبد الرسول
سبتمبر 16, 2023, 1:31 م - ميساء محمد ديب وهبة
سبتمبر 15, 2023, 12:45 م - سهيلة يحيى زكريا
سبتمبر 14, 2023, 10:15 ص - سادين عمار يوسف
سبتمبر 14, 2023, 9:01 ص - صفاء السماء
سبتمبر 14, 2023, 8:40 ص - شروق محمود محمد علي
سبتمبر 14, 2023, 8:05 ص - أسماء محمد حمودة
سبتمبر 14, 2023, 7:03 ص - رايا بهاء الدين البيك
سبتمبر 14, 2023, 6:14 ص - بومالة مليسا
سبتمبر 13, 2023, 6:44 م - صفاء السماء
سبتمبر 13, 2023, 5:36 م - صفاء السماء
سبتمبر 13, 2023, 9:27 ص - بومالة مليسا
سبتمبر 13, 2023, 7:25 ص - مني حسن عبد الرسول
سبتمبر 13, 2023, 6:19 ص - حسام عبدالله الساحلي
سبتمبر 12, 2023, 5:52 م - صفاء السماء
سبتمبر 12, 2023, 5:13 م - صفاء السماء
سبتمبر 12, 2023, 2:19 م - حنين عبد السلام حجازي
سبتمبر 12, 2023, 8:05 ص - ميساء محمد ديب وهبة
سبتمبر 12, 2023, 6:47 ص - رايا بهاء الدين البيك
سبتمبر 11, 2023, 7:36 م - صفاء السماء
سبتمبر 11, 2023, 2:57 م - مبدوع جمال هند
سبتمبر 11, 2023, 10:04 ص - محمود سلامه الهايشه
سبتمبر 11, 2023, 8:51 ص - صفاء السماء
سبتمبر 11, 2023, 7:07 ص - مصطفى جاد ابو العز
سبتمبر 11, 2023, 6:24 ص - سهيلة يحيى زكريا
سبتمبر 11, 2023, 5:09 ص - أنس بنشواف
سبتمبر 11, 2023, 5:08 ص - جلال ناجي حسن
سبتمبر 10, 2023, 10:54 ص - التجاني حمد
سبتمبر 10, 2023, 9:44 ص - أسماء خشبة
نبذة عن الكاتب