قمرا مصطفى قادر يوليو 22, 2023, 6:18 م

قصة "طلب وجواب".. قصص قصيرة

كانت صغيرة طلبوا منها أهلها أن تتزوج تخيَّل معي يا عزيزي القارئ...

كانت صغيرة وطلبوا منها أن تتزوج فقط لكي يخف مصروف لقمتها ويخف قليلاً ما تهدره من ماء لكي تشرب وتروي ثغرها البريء، الذي لا يجيد بعد إلا الابتسامة العفوية الصادقة بوجه كل من تقابله من الناس.

هل تدرك معي كم البشر أسوأ من الوحوش التي تسكن الغابات، فهناك بعض الوحوش لا يفرطون بصغارهم حتى ولو اضطروا إلى أن يقدموا جثمانهم طعاماً لهم أو يقدموه فداءً لهم إلى وحش آخر أقوى وكاد أن يفترسهم.

ولكن عائلة وجدان قررت التخلي عنها وهي في بداية ريعان الطفولة، نعم كانت أكبر من عمرها بالعقل والفكر والذكاء والبديهة.. لكن هذا لا يعني أنها لم تكن طفلة صغيرة لم تعش طفولتها، وأقنعوها أهلها بأنها ستعيش طفولتها عند زوجها فإنه يدللها ويحافظ عليها ويطعمها على حسابه.

اعتقدوا أنهم لن يخضعوا إلى حساب الآلهة لتضحياتهم بوجدان.. اقتنعت وجدان أن هذا الرجل الغريب سيصبح عائلتها الجديدة، فعائلتها القديمة لم تعُد قادرة على تولي مسؤوليتها.

ما رأيك يا عزيزي القارئ أن وجدان لم تذرف دمعة واحدة حتى، لقد حدَّثت نفسها وقالت ما داموا فرحين بالتخلي عني، سأحاول أن أفرحهم أكثر وهذا سيكون بصمتي على كل شيء، وبقولي نعم لكل شيء، بكتمان أي غصة وأي شعور، أنا من الغد لستُ وجدان، أنا خذلان لا يستطيع النسيان.

وتم كل شيء بسرعة كبيرة لمح البصر، كانت وجدان زوجة رجل معتوه، بخيل، ثري، شكاك، مريض نفسي، لديه تهيئات أن جميع من حوله لا يحبه، وأن الجميع يريد خداعه، وأناني لا يهمه إلا متعته الجسدية والنفسية، وكانت وجدان الأداة التي يرفه بها عن نفسه. برائتها لعبته، ضحكتها يستغلها، صدقها يقابله بذلها، وكان ساديًا، لن أخبركم كم تفنن بتعذيبها وهي صامتة لا تخبر أحداً، وكم شعرتُ بالجوع معه وكم نامت خائفة، وكم وكم إلى أن قررت الموت وكتبت إليه وإلى أهلها رسالة..

محتواها: أنا وجدان التي قررتم جميعاً أن يصبح اسمها خذلان. كنتُ عبارة عن كيان مليء بالأغاني والفرح والأمل والأحلام التي كلها لمعان، وأصبحت خذلان بنت خاذل بنت خاذلة، زوجة الخذول، وبدأت أوراق ورودي الذبول إلى أن جفى عودي، وأوراقي أصبحت بارودي، وبدأت تخرج وإلى روحي تعود وانكسر عودي..

أنا راحلة إلى غير أرض وربما رب السماء يزرعني في أرض يوجد فيها من يسقيني ويداريني كي يزهر عودي من جديد.

بقلم قمرا مصطفى قادر

أسمي قمرا مصطفى قادر أقيم في دمشق كاتبة روائية اعمل على روايتي الأولى واعمل على نفسي قمت إجراء دراسات حول علم النفس وعلم الروح. و دراسات حول معالم أخرى مهتمة بعالم الحيوانات البرية و الأليفة و المفترسة أسكن في حي شعبي فقير. يتيمة الأب والأم. عمري 28

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة