أعتقدُ أن هذا الرجل العجوز كان شقيًّا بعض الشيء في صغره؛ لأنه نظر إليَّ نظرة غريبة ومختلفة، وبصوت هادئ قال: "يا طفلتي المسكينة". سوف تفهمين ما هو الجمال، هل أنت كبيرة بما يكفي لإدراك ما يحدث؟ على أية حال... ما اسمك؟
فقلت: طائر النمنمة.
قال: ما نوع هذا الاسم؟
فقلت: عذرًا، هذا هو الاسم الذي يطلقونه عليَّ في المدرسة... اسمي الحقيقي فريدة.
اسمي مثلي تمامًا مستدير بلا رشاقة.
-آنسة فريدة... اسمك جميل وأنت جميلة مثله تأكدي... أتمنى لو وجدت فتاة مثلك لابني.
لا أعرف لماذا، أحببت الحديث مع هذا الرجل اللطيف بصوته العذب.
وكان سيذهب:
فقلت: هل هذا يعني أنني أستطيع رمي الكرز عليهم أيضًا؟
فقال: طبعًا... طبعًا... لا شك في ذلك...
فقلت له: ولكن انتظر قليلاً دعني أعطيك القليل من الكرز.
على أن تسامحني، ويجب أن تأخذه كدليل... انتظرني دقيقتين...
بدأت أتسلق الأغصان بخفة السنجاب، غطى الجار العجوز وجهه بيديه، وبدأ يصرخ قائلاً: أوه، الأغصان تتشقق... سوف تسقطين، سيدة فريدة،
لم أهتم بهذا القلق وقلت:
-لا تقلق... أنا معتادة على السقوط... مثلاً لو كنت قريبة منك الآن سوف ترى الندبة في جسدي ذلك الأثر؛ يكمل كل الجمال الآخر..
صرخ: يا فتاة...سوف تقعين...
قلت: انتهيت يا سيدي، انتهيت... ولكن كيف سأعطيهم لك؟
فأضفت : ووجدت حلاً لذلك أيضاً..
أخرجت منديلي من جيب مئزرتي، وحشيت فيه الكرز وربطته كوعاء.
وقلت: لا تقلق بشأن المناديل... فأنا لم أنظف أنفي بعد... إنه نظيف...
والآن أطلب منك أن تمسكه قبل أن يسقط على الأرض... واحد... اثنان... ثلاثة...
أمسك الجار العجوز بمنديل الكرز بخفة غير متوقعة.
وقال "شكرًا جزيلاً لكِ يا ابنتي". الآن فقط أتساءل كيف أعيد منديلك؟
قلت: لا يهم... خذه مني هدية لك!
قال: كيف يمكن؟
قلت: ولمَ لا؟ يوجد شيء آخر... سأعود بعد أيام قليلة إلى النزل، ولا يزال يوجد عادة في مدرستنا... حيث تذهب الفتيات في أيام العطل إلى مدارس الشباب ويتواصلون بينهم بهذه المناديل، وعندما تفتح المدرسة يكونون قد استبدلوا مناديلهم ببعضهم البعض.
يقولون بأنني لم أغير منديلي، ولهذا أنا لم أفلح بعد في عمل هذا، لكنهم لا يجرؤون على قول أي شيء في وجهي، إنهم بالتأكيد يستمتعون بغبائي..
هذه المرة خطَّطتُ شيئًا ما، عندما يحين وقت الذهاب للمدرسة سأُمثل كأني أخفي سرًّا مهمًّا، سأحني رأسي وأفكر، وسوف أبتسم بحزن، سيقولون وقتها: يا طائر النمنمة هل لديك شيء أنت أيضًا؟
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.