هبطت قمر عند العشاء، وجلست بجوار أمها، نظرت لأخيها، وتنهدت: نوار، أنا موافقة على تلقي العلاج، وسأتوقف عن الغناء تمامًا كما طلبتَ مني، لكن لديَّ شروطي.
أشرق وجه نوار: رائع، أنا سعيد جدًّا، وكل شروطكِ مجابة وسأنفذها بحذافيرها، ما هي يا حبيبتي؟
نظرت قمر له بلطف: عِدني ألا تعتزل الغناء من أجل أيٍّ كان؟ إن بقيتَ تغني سيبقى صدى صوتي يتردد في الحياة، أرجوكَ لا تعتزل.
ابتسم نوار: حسنًا كما تشائين، أعدكِ يا حبيبتي، سأغني من أجلكِ، كل أغنية ستكون لكِ، سأتصل بصديقي ليبدأ بإجراءات العلاج من أجلكِ، إنه طبيب ماهر فلا تخافي، ستكونين على ما يرام وتتغلبين على هذا المرض، وكلنا سنكون موجودين لندعمكِ.
تنهدت قمر: لكن يوجد شرط آخر وهو مهم للغاية بالنسبة لي، أريد الاجتماع بصديقاتي، تيا وليا ولورا للمرة الأخيرة.
نظر نوار بشك: هل تخططين لأن تغني معهن؟
هزَّت قمر رأسها نافية: لا، أعدكَ ألا أغني. فقط أراهن وأكلمهن للمرة الأخيرة؛ فقد أفقد صوتي. صمتت لحظات ونبست بحزن: وقد أفقد حياتي.
صاح نوار: لا لن تفقديها، إن عولجتِ جيدًا ستعيشين، لا تقولي كلامًا سخيفًا كهذا الكلام، ولا تتشاءمي؛ فوضعكِ ليس بهذه الخطورة.
أومأت قمر برأسها موافقة. ابتسم لها نوار وقال: موافق على لقاء صديقاتك، لكن ألم تسافر لورا منذ زمن؟ فكل ما أعرفه أنها سافرت لندن وباتت من أفضل عازفات الكمان وانضمت لأشهر فرقة موسيقية، وهي في مدريد الآن وتعود لباريس غدًا ثم ستذهب للندن مدة شهرين.
سألت قمر باستغراب: منذ متى تتابع أخبارها هكذا؟
رد نوار: لا، أنا لا أتابع أخبارها، فقط أتابع أخبار الفن والفنانين والفرق العالمية الشهيرة.
ضيَّقت قمر عينيها، وهزَّت رأسها كأنها لا تصدقه، فهي كانت تعرف أن شقيقها كان يميل للورا ويحب عزفها على الكمان، وعرض عليها مرارًا ترك فرقتها والانضمام له لكنها كانت ترفض ترك صديقاتها، تنهدت قمر: على أية حال، أرغب في أن أراها قبل أن أفقد صوتي.
أسند نوار رأسه وقال: لكن يبدو أنها تجوب العالم، والتأخير ليس جيدًا لكِ، لمَ لا تبدئين علاجكِ وتنهيه، وأُنهي أنا أعمالـي ونذهب لنراها؟
قمر: لن أبدأ أي علاج قبل أن أرى صديقاتي وأكلمهن للمرة الأخيرة على الأقل.
تنهد نوار: حسنًا يمكنكِ الذهاب لمدة أسبوعين لا أكثر وسترافقكِ أمكِ، وخلالهما أُنهي بعض الأعمال ثم آتي مع جدتي لاصطحابك.
ضحكت قمر: اصطحابي أم رؤية شخص ما؟
ضرب نوار رأس أخته بخفة ممازحًا: قمر لا تشاغبي، ثم نهض قائلًا: سأحجز لكما كي تسافرا.
قمر: سترسل لورا الدعوات غدًا.
ابتسم نوار بلطف: جيد، لكن كما اتفقنا لا غناء.
ردت قمر بابتسامة جميلة: لا غناء.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.