مرض أسد واستلقى في إحدى المغارات، فقال لرفيقه الثعلب إذا أردتني ألا أموت من المرض والجوع استعمل كلامك المغري ومكرك لإغراء الغزال الكبير الذي في الغابة؛ ليقترب من مخالبي فأنا جائع لأحشائه وقلبه.
فذهب الثعلب ووجد الغزال يقفز في الغابة، انضم إليه الثعلب في لهوه وحيَّاه بهذه الكلمات: جئتُ أبلغك أخبارًا جيدة، أنت تعلم أن ملكنا الأسد جاري هو مريض على فراش الموت، ويفكر الآن في الحيوان الذي سيحكم هذه الغابة بعده من الحيوانات.
وقال له أيضًا: إن الخنزير حيوان بليد وكسلان ودون عاطفة، والدب كسلان، والفهد سيئ الطباع، والنمر متبجح، أما الغزال فهو الأوفر حظاً ليصبح ملكًا على هذه الغابة؛ لأن طوله بارز وعمره طويل وقرنيه تخيفان الأفاعي، ولذلك عيَّنك الأسد ملكًا على هذه الغابة.. فماذا ستعطيني لأني أول من نقل إليك هذا النبأ؟ أخبرني حالاً وبسرعة إنني في عجلة من أمري، والأسد يعتمد على استشارتي في كل ما يفعله، وقد يكون الآن بحاجة اليّ..
آه لو تسمع من ثعلب عجوز مثلي نصيحة العمر، أعتقد أنه من الجيد أن تذهب معي إليه، وتبقى معه حتى نساعده في ساعته الأخيرة..
وبهذه العبارات خدع الثعلب الغزال، فذهب مع الثعلب إلى عرين الأسد دون أن يفكر فيما سيحدث له.
هجم الأسد على الغزال في شوق زائد، ولكنه لم ينجح إلا في تمزيق بعض من أذن الغزال بمخالبه، ففرَّ هاربًا بعيدًا في الغابة.
ضرب الثعلب مخلبًا بمخلب نادمًا على كل ما تبدد من عذاب وارتفع أنين الأسد عاليًا من الجوع والتعب والعار، ثم طلب من الثعلب أن يقوم بمحاولة ثانية مع الغزال لإغرائه وإعادته إلى الأسد.
ذهب الثعلب يبحث عن الغزال، سأل بعض الرعاة ما إذا كانوا قد رأوا الغزال، فأشاروا إلى الجهة التي مر بها، توجَّه إليها فوجد الغزال، وقد بدا عليه الغضب..
قال الغزال: يا لئيم لن توقعني مرة أخرى إذا اقتربتَ مني تخسر حياتك.. اذهب واخدع من لا يعرفك بعد، ابحث عن شيء آخر اجعله ملِكاً أبلهًا..
قال الثعلب: يا لك من جبان وتشك بنا مع أننا أصدقاء.. حين أمسك الأسد بأذنك كان يريد أن يقدم لك قبل أن يموت آخر نصيحة حول مسؤولياتك الجسام كملك بعده، ولكنك لم تحتمل خدشًا من مخلب هذا المخلوق المريض.. غضبه الآن أكثر من غضبك وهو مستاء منك بالذات، ويريد أن يعين الذئب ملكاً.. وسيكون الذئب سيدًا سيئًا علينا جميعا..
تعال معي ولا تخف كن مطيعًا كالغنم.. اقسم لك بكل أوراق الربيع بأن الأسد لن يؤذيك ولن يكون لي سيد سِواك..
وبهذه الخدعة أغرى الغزال المسكين ليذهب معه مرة أخرى، وما أن دخل الغزال المغارة حتى أصبح لقمة سائغة في فم الأسد. فابتلع عظامه ونخاعه وأحشاءه.
وقف الثعلب يراقب وحين سقط القلب من جثة الغزال سرقه وأكله مكافأة له على مكره.
بحث الأسد عن القلب في كل ما تبقى من جثة الغزال فلم يجده.
قال الثعلب وهو على مسافة بعيدة: توقف عن البحث يا صاحبي فالواقع أن لا قلب لهذا الغزال، أي قلب تتوقع أن تجد في مخلوق كهذا جاء مرتين إلى عرينك وسقط بين مخالبك دون أن يتعلم من المرة الأولى.
حب الناس للأمجاد يشلُّ عقولهم، فلا يعودون يرون الأخطار القائمة أمامهم.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.