ابنتي؟! أين ابنتي؟ هل سمعتم عنها؟ هل هي بخير؟ أرجوكم أخبروني!
عبارات تتكرَّر دائمًا على فم روكسانا عندما تقابل أحد الزبائن القادمين إلى ملهى المدينة، فقد تنازلت روكسانا عن شرفها وكرامتها من أجل تأمين المال لابنتها لورين التي سافرت إلى باريس بحثًا عن الحياة.
كانت روكسانا فتاة جميلة ذات شعر أسود طويل وعينان لامعتان تفيضان بالبراءة واللطافة والرقة والحزن في الوقت ذاته.
في سن العشرين من عمرها شاءت الأقدار بأن تلتقي إدوارد عند نهر الراين في تلك المدينة.
إدوارد شاب طويل القامة وعريض المنكبين، ذي عينين تفيضان بالقوة والشر.
روكسانا قالت لنفسها عندما قابلت إدوارد للمرة الأولى: "إنه حاضري ومستقبلي، إنه الشعاع المضيء والفارس النبيل الذي سيخرجني من ظلمات الحياة ومن قساوة زوجة والدي".
ووقعت روكسانا في حب إدوارد من النظرة الأولى، روكسانا تلك الفتاة اليافعة لم تكن واعية لما سيحدث معها، حيث ذهبت مع إدوارد إلى منتصف الغابة فتجرَّد إدوارد من ملابسه وارتكاب الخطيئة وجرد روكسانا من أعز ما تملك عنوةً عنها.
روكسانا عادت إلى المنزل منهارة، مدمرة، فاقدة عذريتها وشرفها وأغلى ما تملك.
حاولت الانتحار مرات عدة، ولكن سببًا جعلها تتوقف عن ذلك، إنه بمنزلة بصيص أمل يضيء دربها؛ نعم! فروكسانا سوف تصبح أمًّا بعد أشهر عدة.
ولدت روكسانا ابنتها الصغيرة لورين، لورين فتاة سمراء جميلة جدًا، تمنت لها أمها ألا تعيش مثلها، فلورين لم ترَ والدها أبدًا، فقد سافر إدوارد إلى إسبانيا بعد أن عرف أنه سيصبح أبًا.
عاشت روكسانا ولورين حياة بائسة مليئة بالفقر والجوع والحرمان لأن لا معيل لهما.. روكسانا عملت في ملهى ليلي من أجل تأمين لقمة العيش لابنتها، فقد تخلت عن جمالها وشرفها وكرامتها حتى وصل بها الأمر إلى قص شعرها وبيعه.. وأصبحت نحيلة جدًا فقد أنهك المرض جسدها الضعيف.
لورين - ابنة روكسانا - الآن فتاة جميلة ومثقفة في الواحد والعشرين من عمرها تدرس في جامعة مرموقة في إحدى ضواحي باريس.
نسيت لورين والدتها وماضيها وأحلامها بإنقاذ روكسانا من الظلمات وإخراجها من قذارة الحياة، إذا كانت تأمل بعيش حياة سعيدة ورغيدة بعيدًا عن تلك المدينة عندما كانت طفلة صغيرة في أحضان والدتها.
كانت روكسانا دائمًا ترسل المال لابنتها لورين، وكانت ترسل المكاتيب والرسائل دون أي رد منها..
ففي أحد الأيام الممطرة جاء أحد الزبائن ليقابل روكسانا، وقال لها بسخرية واستهزاء: "ابنتك لورين تعيش حياة سعيدة وشريفة بعيدًا عنك أيتها الساقطة!"
امتلأت عينا روكسانا بالدموع وشعرت بالأسف والحزن والشفقة على وضعها، فقالت لنفسها:
لماذا حياتي هكذا؟! أين أنا؟ إلى أين سوف أذهب؟ ابنتي لورين التي فنيت عمري من أجل تربيتها أين هي؟ هل ارتكاب خطأ واحد كفيل بأن يولد مجموعة من الأخطاء؟
روكسانا ذات الأربعين عامًا توفيت إثر إصابتها بجلطة قلبية، ماتت حسرةً على ابنتها التي لم تأبه لوضع والدتها، ولم ترَ رسالة منها حتى وقت موتها.
وانتهت قصة روكسانا الأم الطيبة العاجزة، التي فنت عمرها من أجل ابنتها، التي لم تكترث لوالدتها المريضة ولا لذكرياتها الطيبة معها.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.