استيقظت أمي في الساعة السادسة صباحًا وأيقظت الكل معها وهي في همة ونشاط أعدَّت فطورًا لذيذًا..
ونحن نتناول الفطور قالت: "غدًا هو أول أيام رمضان المبارك وككل سنة الفطار بكون عندنا أول يوم وأعمامكم وعماتكم بكرة هكون عندنا بإذن الله، وأنا هحضر من دلوقتي ومحتاجة منكم المساعدة في ترتيب البيت، أمل وأماني مهمتكما ترتيب البيت إلى حين ما أنزل لشراء بعض الخضار ومستلزمات البيت كي أصنع إفطار فاخر لأعمامكم وعماتكم".
وبعد ترتيب وتزيين البيت ليكون في أبهى صورة؛ لاستقبال العائلة الكريمة فهذا اليوم بالنسبة لنا أجمل الأيام فيه تجتمع الأسرة، ونلتقي بأولاد أعمامي وعماتي، ولنا مع هذه الأيام المباركة ذكريات جميلة.
وحين أشرقت شمس أول نهار رمضان، استيقظت أمي وأيقظتنا معها لتجهيز فطار فاخر أقيم على شرف أعمامي وعماتي.
وفي الساعة الثالثة عصرًا قمنا بتغير الملابس لنكون في أتم استعداد وصورة جميلة لاستقبال العائلة الكريمة.
نظرت أمي وقالت: "اسمعوا يا بنات مش عايزة صوت يطلع
أثناء وجود الضيوف وخاصة أنت يا مفعوصة، وأشارت لي أنا مش عايزة شغل العيال بتاعك دا". وزغولت لي بعينيها وأصبعها متجهًا نحوي.. وطأطأت رأسي في صمت.
دقَّت الساعة الرابعة عصرًا ونحن في انتظار العائلة الكريمة والجميع في حالة تأهب، أبي إخوتي الصبيان.. وكأننا في انتظار موفد الأمم المتحدة
وفجأة سمعنا صوت دجيج في المنزل، أسرعت نحو النافذة وإذا بها العيلة الكريمة وصلت..
وفي صوت عالي مليء بالفرحة، أخذت أصيح وصلوا وصلوا..
وأسرعت لأفتح لهم الباب، وإذا بهم أفواجًا كأسراب الطير، عماتي الثلاثة وأعمامي الاثنين، بالإضافة إلى الأولاد والأحفاد، وحين شعرت بالألم من كثرت السلام ودون ما أشعر قلت لهم: "ايه انتم جبتوا الجران معاكم ولا ايه".
ماما وبابا رقم 18
ظهر على جبين ماما وبابا رقم 18 ثم قالا: "بنت بلاش سخافة"..
بدأت أمي تداوي الموقف بالترحيب والسؤال عن الحال والصحة وابتسامة عريضة على وجهها.
وبعد الترحيب والمعايدة بالشهر الكريم، أسرعوا الأولاد على البلكونة ليروا الزينة بالشارع، لقد زيَّنا الشارع نحن وأولاد الجيران.
قالت أمي "يله يا بنات تعالوا ساعدوني أذان، اقترب موعد الأذان"..
والجميل أن الجميع كان يشارك في تجهيز المائدة، ثم جلس الجميع على المائدة التناول فطور أول أيام شهر رمضان المبارك.. أما أنا رحت أنظر إليهم في دهشة وأنا أرى أفواههم! وكلما مددت يدي أجد من يدفعها يمينًا وشمالاً، ودون ما أشعر وفي صوت عالي قلتُ: "يا ابني كل على
مهلك الأكل مطارش"..
رمقني أبي بعينه نظرة فيها وعيد بالعقاب، وعمي يضحك ويقول: "البنت
مش عارفة تاكل يا جماعة تعالى بجوارى يا أمل".
فقالت عمتي الكبرى: "مالك يا بنت أنت يتعدي اللقمة علينا ولا ايه؟". قالت أمي: "ماما لا لا بس هي فراحنة بيكم".
بعد تناول الفطور سارت المائدة وكأنها مائدة طيور، الأرز فوق الفاصوليا واللحم فوق الخبز.
أميل على أختي الكبرى مفزوعة.. ما هذا أدجاج كان يأكل! فتزغدني في كتفي هامسة: اصمتِ كدت أقع على وجهي.
جلس الجميع لتناول الشاي مع الكنافة اللذيذة والقطيف، أخذت ركنًا أنا وأولاد أعمامي وعماتي، وصرنا نثرثر ونضحك ويداعب بعضنا البعض.
نظرت أمي لي وقالت خذي أولاد أعمامك وعماتك إلى حجرتك، فأخذت لولو هذه الصغيرة ابنة الأربع سنوات التي لم تجد شيئًا تفعله سوى تقطيع
ورودي الجميلة التي هن حبيباتي في البلكونة، أما ميدو هذا الجميل ابن عمتي الصغيرة كأن عمره خمسة سنوات وكان يتشاقى بصورة رهيبة
حتى إنه قلب الحجرة رأسًا على عقب، وحين تعبتُ من مراوضته جاءتني فكرة مضحكة، وأخذت أتحايل عليه حتى أجلسته، ورحتُ أرسم له شاربًا وذقنًا بأقلام الألوان حتى سار كالرجل العجوز، وحين رأى وجهه في المرآة راح يبكي وذهب إلى عمتي في الصالون، وحين رأته عمتي ربتت على رأسها وهي تقول: "مسختوا الواد".
وضحك الموجودون جميعهم، عادة أمي وأبي التي كانت أيديهم تتوعدني بالعقاب بعد أن يذهب الضيوف.
اختبأتُ في حجرتي مع أولاد أعمامي وعماتي حتى نادى عمي قائلاً: "هيا بنا يولاد الوقت تأخر".
فقال أبي: "خليكم للسحور"، رد عمي الأكبر: "معلش على شان نلحق نروح عمي فين أمل علشان نسلم عليها قبل ما نمشي"
وبعد السلام والعناق.. قال أبي: "شرفتونا"، وأمي: "ابقى كرروا الزيارة" حضنتني عمتي بقوة وقالت: "المرة دى مسختوا الواد المرة الجاية هتعملى ايه؟".
ضحكت وأنا أقبل يدها، وحين انصرف الجميع أسرعت إلى غرفتي قبل ما أن تنتبه أمي، وإذا بها تقول: "فين البنت اللى مش عايزة تكبر أبدًا وعايزة كسر رقبتها على شان تبطل شغل العيال بتاعها دا".
فقلت لها" "أنا بهظر يا ماما رمضان كريم".
أبريل 23, 2023, 5:53 م
إبداع سلمت يداك
مايو 1, 2023, 9:34 م
شكرا حبيبتي بارك الله فيك 💖
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.