تقابلت مع مدير مدرسة على المعاش سألته عن حاله، رد بحزن عميق واقتضاب مجهد: تليفوني كان في الخدمة طالما كنت في الخدمة، وبعد خروجي من الخدمة أصابه الصمت الإجباري، لم تصلني مكالمة واحدة من الزملاء.
حتى في أفراحهم لم تصلني دعوة منهم، رغم أني قدمت كثيرًا من الجهد والعمل والفكر لهم، وكل وقتي أقضيه في طابور الخبز صباحًا ساعة على الأقل واقفًا على قدمي، ثم أوصل أحفادي إلى حضانتهم.
وأنام 3 ساعات حتى يقترب الظهر، وأضاف ثم أحمل أكياس قمامة البيت كله إلى أقرب صندوق، هذا هو روتين العمل اليومي لي، أما في أول كل شهر فأقف في حر الشمس ما لا يقل عن 3 ساعات في انتظار دوري للحصول على معاشي، أنا وجميع الطبقات والفئات من تكافل وكرامة وغير ذلك في طابور واحد أسمع ما لا أطيق.
وبعد ذلك طول الوقت ألتزم السرير أو الجلوس على كرسي أمام المنزل، أما عن خبرتي السابقة فلا أجد من يُقبل على الاستفادة منها، إنني في حاجة لمن يحس بنا، يربت على أكتافنا يستفيد من خبراتنا، إنني في حاجة للتواصل مع أقراني الذين خرجوا إلى المعاش في نادٍ أو مكان ما أو أي وسيلة إعلامية تخصص لنا للتواصل معًا ولرعايتنا.
كي أشعر أنني لا أزال إنسانًا، كما أني في حاجة لمعاملة حسنة أثناء قبض الراتب تليق بنا، مثلًا أن يخصص معاش تكافل وكرامة والتضامن الاجتماعي في يوم معين مثلًا يخالف يوم الخارجين على المعاش الذي يتقاضونه من التأمينات الاجتماعية، مثلًا يخصص يوم 26 من كل شهر لمعاش تكافل وكرامة.
وأوائل الشهر لمعاش التأمينات، للقضاء على الازدحام الشديد، وعملًا على راحة كبار السن من المرضى وغير ذلك، كما أني أوجه همسة لكل ابن له أب خرج إلى المعاش أن يرفق به.
ولا يحمله ما لا يطيق، ويكون دائمًا عينه على والديه كأنه ابن له، يقدم له كل دلال، ولا أجد أصدق تعبير غير كلام تعالى في قوله (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمها كما ربياني صغيرًا).
ما أصدق وأرحم كلامك يا الله، والله أشعر أن هذه الآية شملت أصحاب المعاشات، ويا ليت الجميع يلتزم الرحمة مع أصحاب المعاشات.
طلعت مصطفي العواد
مدينة السرو دمياط
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.