كان ذلك منذ أكثر من مئتين وسبعين يومًا في الأول من نوفمبر سنة 2022 حين بدأت رحلتي الشاقة للإقلاع عن التدخين.
بدأت رحلتي حين رأيت في رُؤياي أنني مت، ووضعوني في القبر. فاستيقظت وقصصت على أمي ذلك الحلم. فقالت لي أمي إن عمري طويل، وإنه كان لي جد تجاوز عمره مائة وخمس سنوات قد رأى الحلم نفسه وعاش عمرًا طويلًا، وكانت الأقارب في العائلة تقص عنه بعضهم لبعض.
هنا دق جرس إنذار في عقلي.. لا بد أنني أيضًا عمري طويل. ثم ضحكت وقلت: إن الأعمار -لا شك- بيد الله الرحمن الرحيم.
ولكن هل أعيش كل هذا العمر وأنا مدخن؟ فبحثت ونقَّبت عن الخطب والمواعظ التي تعظ الناس عن حرمة التدخين واقتنعت وكرهت السيجارة.
ملاحظة: لن تترك معصية قبل أن تكرهها، ويلفظها قلبك وعقلك ووجدانك.
حينها بدأت التفكير في طريقة للإقلاع عن هذه العادة السيئة. فخطرت برأسي فكرة أن أداويها بالتي كانت هي الداء، وأستخدم المادة نفسها التي أدمنها أنا.
فذهبت للصيدلية وطلبت بخاخ النيكوتين، فعرض عليَّ الصيدلي دواءً يسمى (شامبكس) وهذا هو الاسم التجاري له في مصر، ويُسمي في المملكة العربية السعودية بالاسم نفسه.
ملاحظة: دواء شامبكس آمن لمعظم الأشخاص، ولكن له أعراض اكتئابية، ويسبب بعض الكوابيس عند قليل من الأشخاص.
والآن دعونا نكمل...
فقلت للصيدلي إنني أريد بديلًا، أي أريد أن أستخدم طريقة تسمى nicotin replacement thereapy وهذه هي الطريقة التي أردت استخدامها، وكنت متحمسًا لدرجة أن الصيدلي قد عطف عليَّ، وقال لي اذهب للطبيب أولًا؛ فمادة النيكوتين هي مادة شديدة الإدمان.
وقال لي إن هذه الطريقة تصلح مع كل الأفراد، خاصة المدمنين الشرسين للتدخين، وأنا كنت واحدًا منهم.
فذهبت للطبيب وأعطاني الوصفة الطبية للبخاخ nicotinel وأيضًا بعض الحبوب ودواء مضادًّا للاكتئاب؛ لأن هذه السيجارة التي كنت أشربها هي أحسن مضاد للاكتئاب على وجه البسيطة، ولكن لمدمنها فقط؛ لأنها تتمتع بتأثير قصير الأجل، فهي لا تدوم إلا نصف ساعة، على عكس المهدئات الأخرى التي تدوم اثنتي عشرة ساعة وأكثر.
ملاحظة: توجد في السيجارة مادة شديدة السمية تُسمى الأمونيا، وهي تجعل النيكوتين حرًّا في الوصول إلى مستقبلاته في المخ، وهو ما يجعل الإقلاع بالبدائل صعبًا إلى حد ما، ولكنه ليس مستحيلًا.
وبدأت الرحلة.. وبعد بعض الكبوات والعثرات نجحت بفضل الله تعالى...
نصيحة من أخ: لا تستمع لهؤلاء الأشخاص الذين يقولون إن الإقلاع عن التدخين يحتاج إلى عزيمة فقط، ولكن يحتاج أيضًا إلى الإيمان بالله، ثم مساعدة الطبيب المناسب؛ فبعض الناس تحتاج إلى طبيب صدر، وآخرون حالتهم سيئة يحتاجون إلى استشارة طبيب نفسي ليساعدهم ويدعمهم.
ملاحظة: طبيب الصدر سوف يعطيك أدوية مناسبة، ولكنه قد يرسلك إلى طبيب نفسي؛ لأنه هو الأقدر على علاج تلك العادة التي هي أشبه بالجنون.
إشارة: تخيل أن شخصًا يعمل طوال عمره ثم كل شهر في هذا العمر يحرق نصف راتبه في شيء لا يثمن ولا يغني من جوع!
نعم إنها السيجارة..
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.